صحة الحيوانات المنوية.. ضمانة لقدرات الإخصاب

عناصر للحفاظ على سلامة شكلها وبنية أجزائها

TT

لا أعز على الرجل من امتلاء نفسه بالثقة، ولا أقوى لبعثها في نفسه من امتلاك الفحولة وقدرة الإنجاب. وأساس الحفاظ على قدرة الإنجاب توفر سائل منوي معزز بكل عوامل حيوية ونشاط وفاعلية مكوناته. والعنصر الأهم في مكونات السائل المنوي هو تلك الملايين من الحيوانات المنوية التي تحمل في مكنوناتها خلاصة الخصائص الوراثية للرجل، كي تنتقل منه إلى ذريته. تلك الخصائص مغروزة كرموز معقدة في الحمض النووي "دي أن إيه" لكل واحد من ملايين الحيوانات المنوية تلك. إذن، ما الذي يتبقى مع السعادة بوجود شريكة الحياة ومع النعمة بامتلاك قدرة إنتاج الحيوانات المنوية، كي يُحقق الرجل أمنية حياته؟ ما يتبقى هو المهم، أن تتوفر أعداد كافية من الحيوانات المنوية في سائل الرجل، وأن تكون شكلها وبنيتها سليمة، وأن تمتلك بالتالي الطاقة والاستعداد والظروف المناسبة لتلقيح البويضة الأنثوية.

والسؤال التلقائي، هل يملك الرجل أن يعمل ما هو أفضل لإعطاء سلامة البنية، وتوفر العدد، وحيوية النشاط، وقدرة الأداء، لحيواناته المنوية؟ والإجابة المبنية على المُعطيات العلمية، بشقيها النظري والعملي، تقول لنا بصوت واضح لا إبهام فيه أن: نعم.

* حياة الحيوان المنوي تتم عملية صناعة وإنتاج الحيوانات المنوية في الخصية. والخصيتان عضوان محفوظان في غلاف من الجلد، يُدعى الصفن، بعيداً عن بقية الجسم وظروفه. ونظراً لموقع الصفن، خارج الجسم، فإن الحرارة فيه أقل مما هي في بقية الجسم. وهو ما يُهيئ بيئة ذات ظروف مواتية لعمل الخصيتين على إنتاج حيوانات منوية تتمتع بصحة جيدة.

وبنفس أهمية وجود حيوانات منوية داخل السائل المنوي، فإن من المهم أيضاً توفر مكونات سليمة وصحية للسائل نفسه. والسبب أن السائل المنوي هو ما سيُوفر البيئة التي تتواجد الحيوانات المنوية فيها، ومنه ستستمد تلك الحيوانات حاجتها من التغذية وعناصر الحياة الأخرى.

وتتم عملية إنتاج مكونات السائل المنوي في مناطق متعددة من الأعضاء التناسلية للرجل. وتحديداً من الخصيتين ومن البروستاتا ومن الحويصلة المنوية. ويتم خزن السائل المنوي، المكتمل في مكوناته من الحيوانات المنوية والمواد الأخرى في السائل، ضمن الحويصلة المنوية، إلى حين قذفها عند نهاية الجماع. لسلامة السائل المنوي ثلاث عناصر.والأساس الطبي أن احتمالات نجاح إخصاب البويضة ترتفع، إلى معدلات طبيعية، حينما يتوفر في كل مليلتر من السائل المنوي أكثر من 20 مليون حيوان منوي. إلا أن الأساس العلمي هذا لا يعني أن وجود نوعية صحية من الحيوانات تلك، ليس ضروريا، ولا أن توفر تلك الأعداد منها كفيل بتحقيق التلقيح. بل ثمة مؤشرات على أن توفر أقل من هذا العدد، لكن من نوعيات سليمة ونشطة للحيوانات المنوية، كفيل بتحقيق الإخصاب. ولذا ليس كافياً أن يكون ثمة عدد كاف، بل أن يكون بالإضافة إلى ذلك أكثر من ثلثها، على الأقل، من نوعية جيدة للحيوانات المنوية. ويُقصد بالنوعية الجيدة ما كان شكلها وبنية أجزائها سليمة. ومعلوم أن جسم الحيوان المنوي يتكون من رأس بيضاوي الشكل، له ذيل طويل للعمل على دفع الحيوان إلى الأمام في رحلة لقاء البويضة. وليس بالضرورة أن تكون لدى الإنسان الطبيعي جميع الحيوانات المنوية كذلك، بل قد يكون شكل الرأس أكبر أو أصغر، أو ذا شكل معوج. كما أن الذيل قد يكون متعرجاً أو مشقوقاً.

وكل هذه الحيوانات المنوية غير الطبيعية في الشكل لا تتمكن من إخصاب البويضة ولا الوصول إليها بالأصل. والسبب أن قدرات الحركة والنشاط تعتمد على الأنظمة الكيميائية الحيوية، وهي ما تعتمد بدورها على وجود شكل وبنية طبيعية للحيوان المنوي. ومن هنا تأتي أهمية العنصر الثالث، وهي قدرات الحركة في السباحة للوصول إلى البويضة المنتظرة داخل أجزاء عميقة في الجهاز الأنثوي التناسلي. والمطلوب، على أقل تقدير، أن تمتلك نصف الحيوانات المنوية حيوية طبيعية في قدرات حركتها.

ما يلحظه الناس، أن محاولات الشريكين تتكرر لبلوغ إخصاب البويضة. بمعنى أن توفر عدد وشكل وحركة طبيعية لحيوانات السائل المنوي، وخروج البويضة الأنثوية واستعدادها للتلقيح، لا يعني تلقائياً حصول حمل. وهنا يأتي دور العوامل التي ترفع من احتمالات الإخصاب، برغم توفر الظروف العامة المناسبة لذلك. وبالنسبة للرجل، ما يُمكن أطلاق وصف العوامل الباعثة على نشاط الحيوانات المنوية لقيامها بأداء دورها.

* دور الغذاء والغذاء أساس في استمرارية إعطاء قدرات من النشاط والحيوية لتلك الحيوانات المنوية السليمة والصحيحة حين خروجها من مصنع إنتاجها في الخصية. والسبب أنها ستبقى بعض الوقت في الحويصلات المنوية، وستستخدم ما يتوفر في السائل المنوي من عناصر المساعدة على الحياة وعلى النشاط. وتمثل عناصر الزنك والسيلينيوم وحمض الفوليك، عوامل مهمة في إنتاج الحيوانات المنوية سلامة بنيتها وحركتها. كما تمثل عناصر مثل فيتامين سي وإي وغيرها من مضادات الأكسدة، عوامل مهمة في حماية تلك الحيوانات من التلف والتأثر بالعوامل البيئية المختلفة. ولو كانت تغذية الرجل ومكونات وجبات طعامه لا تُلبي حاجته من تلك العناصر، فإن تناول حبوب المعادن والفيتامينات المتعددة، أو ما تُسمى ملتي فايتمنز، قد يُحقق المطلوب.

وتخفيف التعرض أو التأثر بالتوتر والقلق والإجهاد النفسي، وسيلة أخرى ضرورية للحفاظ على قدرات عالية من الإخصاب للرجل. ومع العلم بأن أقوى مثبط للرغبة الجنسية، لدى الرجل الطبيعي، هو التوتر والقلق والإجهاد النفسي، إلا أن جدوى التخلص منهم ليس هو مجرد رفع المزاج للإقبال على ممارسة الجنس، بل إن التوتر والإجهاد والقلق النفسي يرفع من إفراز مناطق عدة في الجسم لهرمونات ومواد كيميائية قد تتسبب بذاتها أو بطريق غير مباشر في إنتاج حيوانات منوية غير طبيعية وفي أيضاً تقليل فرص حيويتها.

وهنا تأتي ممارسة الرياضة البدنية المعتدلة والمتوسطة القوة، كعامل لضبط إيقاع عمل الأعضاء المهمة في الجسم، كالقلب والأوعية الدموية والرئتين والعضلات، وكعامل مخفف لتأثر الجسم بهرمونات التوتر. كما يأتي في نفس السياق الاهتمام بالحفاظ على وزن طبيعي للجسم. وقد لا يُدرك البعض أن نتائج الدراسات الطبية تشير إلى أن زيادة كمية الأنسجة الشحمية في الجسم، عامل مهم في حصول اضطرابات لعملية إنتاج الهرمونات الجنسية لدى الرجل، وبالتالي ارتفاع احتمالات إنتاج حيوانات منوية غير طبيعية، خاصة لدى منْ لديهم مشكلة فيها.

* حقائق وغرائب حول الحيوانات المنوية >تستغرق عملية إنتاج حيوان منوي واحد، حوالي 75 يوما.

>كي تتمكن الحيوانات المنوية من تحقيق هدفها في إخصاب البويضة عند تلقيحها، يجب أن تتوفر فيها ثلاث عناصر، وهي العدد والنوعية، والحركة.

>الطبيعي أن يتوفر أكثر من 20 مليون حيوان منوي في كل مليلتر من السائل المنوي.

>تقول الدراسات العلمية إن ما هو لازم وضروري للإخصاب، وصول عدد لا يتجاوز 200 حيوان منوي من بين كل تلك الملايين، إلى البويضة الأنثوية والإحاطة بها للعمل على تلقيحها.

>25% من الأسر تعاني من صعوبات في الإنجاب في مرحلة من الارتباط الزوجي. وفي 40% منها تكون المشكلة في الرجل.

>تشير الحقائق الطبية إلى أن استخدام حتى لعاب الفم، من أجل ترطيب مهبل المرأة خلال العملية الجنسية، عامل يُؤثر بشكل سلبي على سلامة الحيوانات المنوية وحركتها بعد القذف.

>وضع الكومبيوتر الحضني، لابتوب، على منطقة الحجر أو الحضن مباشرة، يرفع من الحرارة في الخصيتين، ويُؤثر على إنتاجهما لحيوانات منوية سليمة العدد والنوعية . >تناول كميات معتدلة من القهوة يُنشط الحيوانات المنوية. أما تناول كميات عالية منها يٌقلل من سرعة حركتها.

>الإصابة بنوبة الزكام وارتفاع حرارة الجسم، يُؤثر سلباً على إنتاجية الحيوانات المنوية. وهو ما سيبدو بعد حوالي شهرين أو ثلاثة أشهر من ذلك.

>قيادة الدراجة الهوائية لمدة تزيد عن 30 دقيقة يومياً، ترفع من حرارة الخصية و تقلل من إنتاجيتها للحيوانات المنوية. >عدد الحيوانات المنوية في الشتاء أعلى من الصيف.

>عدد الحيوانات المنوية في الصباح أعلى من المساء.

* مواد تُهدد سلامة الحيوانات المنوية

* "مخلوقات صغيرة مرهفة" تتعرض لتأثيرات السموم بسرعة يُشير الباحثون من مايو كلينك إلى حقيقة مفادها أنه حتى مع توفر كل الظروف الصحية المناسبة في جسم الرجل الطبيعي، إلا أن ما بين 50 إلى 70% فقط من الحيوانات المنوية التي يُنتجها، لديها القدرة على تخصيب البويضة الأنثوية! ويُعللون ذلك بأن الحيوانات المنوية مخلوقات ذات حساسية مرهفة للتأثر بعوامل بيئية سلبية، كالحرارة أو السموم أو الإشعاعات، ما قد يحرمها الكثير من قدراتها الطبيعية. وينصحون بمراعاة الجوانب التالية:

>تنبه للسموم: يعتقد الخبراء الطبيون أن بعضاً من أماكن العمل أو المواد الكيميائية الموجودة فيها أو في المنازل، لها تأثيرات سلبية على الحيوانات المنوية، من نواحي النوعية والعدد والحركة. وهي ما تشمل المعادن الثقيلة، والمبيدات الحشرية المنزلية أو الصناعية أو الزراعية، والمواد الكيميائية المذيبة في المصانع أو الورش أو المنظفات المنزلية. وثمة العديد من الوسائل لإبعاد هذه المواد عن أجسامنا أو دخولها إليها عبر الغذاء أو الماء أو الاستنشاق أو الوقوع المباشر على الجلد. >امتنع عن التدخين والكحول والمخدرات. والملاحظ علمياً أن لدى المدخنين تكثر الحيوانات المنوية غير الطبيعية في الشكل، والضعيفة في الحركة، بالمقارنة مع غير المدخنين. كما أن ثمة مؤشرات علمية على أن التبغ يعمل على حصول تغيرات وتلف في الحمض النووي، دي أن إيه، للحيوانات المنوية. ما يقولون أنه قد يُؤثر على سلامة نمو جسم الأطفال. هذا بالإضافة إلى ارتفاع احتمالات الإصابة بضعف الانتصاب لدى المدخنين. كما أن الكحول يُخفض من عدد الحيوانات المنوية ونوعيتها. ويزداد التأثير سوءاً عند اجتماع التدخين مع تناول الكحول.

>تجنب حمام المياه الحارة. وبالرغم من عدم الوضوح بشكل علمي قوي، إلا أن كثيراً من الأطباء يتبنى أن تعرض الخصيتين للمياه الحارة في المغطس أو الحمام التركي، أو للبخار الحار في السونا، عامل في تقليل فرص إنتاجهما لحيوانات منوية طبيعية. ويذكرون على وجه الخصوص البقاء لمدة تزيد عن نصف ساعة في مياه تتجاوز حرارتها 40 درجة مئوية. ويذكر الخبراء أيضاً ضرورة العمل على تبريد منطقة الخصيتين، وتجنب ارتداء ملابس داخلية ضيقة. لا تلجأ للهرمونات البنائية. وهي ما يتناولها بعض الرجال في محاولاتهم اكتساب بنية عضلية ضخمة عن طريق غير تمارين الأوزان المعتادة. وهذه الهرمونات، غير الصحية، تعمل على انكماش الخصيتين وعلى خفض قدرات الإنجاب للرجل بشكل واضح. وتشير المصادر الطبية إلى أن تناول هرمون تستوستيرون الذكري يُقلل من الخصوبة. >تجنب المواد المرطبة. ومما لا يلتفت إليه البعض، تلك التأثيرات السلبية لاستخدام مواد تسهيل الانزلاق والترطيب أثناء العملية الجنسية. وهي مواد تُؤثر سلبياً على الحيوانات المنوية.