استشارات

د. حسن محمد صندقجي

TT

الوراثة وضغط الدم

*والدي لديه ارتفاع في ضغط الدم، هل بالضرورة سأُصاب به؟

ناديه عبد التواب- مصر.

ـ كعرض للحقائق الطبية، ودون مجاملة، فإن للوراثة دور في ارتفاع احتمالات الإصابة بارتفاع ضغط الدم. وتحديداً تقول المصادر الطبية أن حوالي 50% من حالات ارتفاع ضغط الدم هي نتيجة لعوامل وراثية.

وهنا ثلاث حقائق يجب إدراكهما حول الوراثة وارتفاع ضغط الدم. أولاً، أن ارتفاع ضغط الدم مرض ترتفع الإصابات به مع التقدم بالعمر. ولذا فإن بين منْ تجاوزوا سن الستين مثلاً، أكثر من 30% مُصابون به. وبين منْ هم فوق سن السبعين، تكون الإصابات أعلى. وذلك بغض النظر عن الوراثة وغيرها من العوامل.

ثانياً، أن المهم في دور الوراثة هو مدى احتمالات الإصابة المبكرة بارتفاع ضغط الدم بناءً على الإصابة المبكرة للأب أو الأم أو كلاهما به. ولذا فإن إصابة أحد الوالدين بارتفاع ضغط الدم في سن ما دون 55 سنة تختلف تماماً، في تأثيرها الوراثي على الأبناء والبنات، مع إصابة أحد الوالدين بارتفاع ضغط الدم في سن متقدم. وذلك لأن الإصابة المبكرة ربما قد تكون ذات صلة بالعوامل الوراثية، بينما الإصابة المتأخرة قد تكون ذات صلة بشكل أكبر بتأثيرات العوامل البيئية، وليس الوراثية.

ثالثاً، أن أي مرض يُقال فيه أن للوراثة دور في الإصابة به، لا يعني بالضرورة أنه سيُصيب الأبناء أو البنات خلا مراحل حياتهم، بل فائدة العلم بهذا الأمر هو في العمل على إتباع وسائل الوقاية بأنواعها لمنع الإصابة. والأطباء حينما يذكرون دور الوراثة إنما يقصدون ضرورة التوجه نحو الاهتمام بالفحص المبكر وبإتباع وسائل الوقاية. كما أن فائدة علم الشخص بأن جده أو جدته مثلاً لديهما ارتفاع في ضغط الدم، هو الاهتمام بحالة ضغط الدم لدى أمه أو أبيه، والاهتمام بصحتهما العامة أيضاً.

ومن المهم التذكير بالعناصر العشرة، التي تذكرها رابطة القلب الأميركية، حول العناية بالإصابة بارتفاع ضغط الدم. وهي تكرار قياسه وفق إرشادات الطبيب، وخفض وزن الجسم، وتقليل تناول الملح، والإكثار من تناول الخضار والفواكه الطازجة والحبوب الكاملة غير المقشرة وتناول الألياف النباتية وتقليل تناول الشحوم الحيوانية والكولسترول والامتناع عن التدخين وعن تناول الكحول، والحرص على تناول الأدوية التي يصفها الطبيب، والمراجعة الدورية بزيارة الطبيب، والحرص على القيام بنشاط بدني معتدل، والاهتمام بقياس ضغط الدم للوالدين والأخوة والأخوات والأبناء، وما عدا ذلك عيش الحياة والتنعم بها < فحص كالسيوم الشرايين التاجية

* أجريت فحص كالسيوم الشرايين، ولم يتمكن الطبيب من الجزم بوجود أو عدم وجود تضيقات في الشرايين، وطلب إجراء قسطرة لشرايين القلب. وكنت قد سمعت أن الفحص يُغني عن القسطرة، هل لدي شيء خطير؟

محمد عبدالعزيز- الرياض.

ـ فحص كالسيوم الشرايين عبارة عن اختبار لمعرفة مدى وجود ترسبات عنصر الكالسيوم في شرايين القلب. وأصل فكرته أن وجود ترسبات الكولسترول، المتسببة بتضيقات الشرايين القلبية التاجية، يكون مصحوباً بترسبات للكالسيوم معها. ويُعتقد أن معرفة مدى معدل ترسب الكلسيوم في جدران تلك الشرايين، أو البقع المتكلسة، مؤشر غير مباشر على مدى وجود تضيقات كولسترولية فيها، وذلك في مراحل مبكرة، أي قبل ظهور أعراض مثل الذبحة الصدرية أو الجلطة القلبية أو غيرها من مظاهر مرض “تصلب الشرايين العصيدي”.

بمعنى، أن إظهار الفحص لوجود ترسبات عالية للكالسيوم، دليل على ارتفاع احتمالات الإصابة بتداعيات تضيقات الشرايين، قبل ظهور الأعراض الحقيقية على الإنسان نفسه.

وبهذه الصيغة يُفهم هذا الفحص، وتُفهم أيضاً دواعي إجرائه، ومدى استفادة الطبيب من خضوع الشخص له في الإجابة على الاستفسار حول وجود أو عدم وجود مرض بالشرايين.

وعليه فإن الفحص ليس لتحديد وتشخيص وجود تضيقات في الشرايين ولا لتحديد مكان وجودها بالضبط، ولا لمدى احتمال تأثر عضلة القلب بوجود تلك التضيقات. وهذه الأمور الثلاث كلها يُمكن فقط لقسطرة القلب ولفحص إجهاد القلب بالتصوير النووي الإجابة عليها. وإنما فحص كالسيوم الشرايين لمعرفة مدى “احتمالات خطورة” وجود مرض بالشرايين. ولذا فإن فائدته هي “فائدة إضافية” لمن هم بحاجة إلى معرفة نسبة احتمالات وجود مرض بالشرايين لديهم، لكن بدرجة أفضل من تلك التي يدلنا عليها وجود ارتفاع في ضغط الدم أو ارتفاع في الكولسترول أو غيرها من “عوامل خطورة الإصابة بأمراض الشرايين”. وعليه لو تمكن الطبيب من حساب نسبة احتمالات إصابة إنسان بأمراض الشرايين، وكانت النتيجة ما بين حوالي 20% خلال العشر سنوات القادمة من عمره، فإن إجراء فحص كالسيوم الشرايين سيدل الطبيب على مدى حاجته للمعالجة الخاصة بها، وليس لمجرد الإتباع المكثف لوسائل الوقاية. وتحديداً تشير نتائج دراسات مدى فائدة هذا الفحص إلى أن إشارة نتيجة هذا الفحص إلى “ارتفاع معدل ترسب الكالسيوم” يدل على أن احتمالات ظهور أعراض تضيقات الشرايين، خلال الأربع سنوات القادمة من العمر، هي عشرة أضعاف. وذلك بالمقارنة مع منْ نتيجة الفحص لديهم تقول بأن ثمة ترسبات متدنية للكالسيوم على جدران الشرايين لديهم.

ولا تُوجد نصيحة طبية باعتماد إجرائه بصفة روتينية لكل الناس. وثمة أسباب متعددة لذلك، منها ارتفاع الكلفة المادية لإجرائه، وبالمقابل لم يثبت أنه أفضل من الفحوصات الأبسط والأرخص ثمناً، كتحليل كولسترول الدم العادي، في معرفة مدى خطورة الإصابة بأمراض الشرايين.

ولذا كانت النتائج لديك بحاجة إلى مزيد من التأكد، وطلب الطبيب إجراء القسطرة هو في سبيل معرفة ذلك. وقد تكون نتيجة القسطرة لا تتطلب إجراء توسيع للشرايين لديك ولا لإجراء عملية شرايين القلب< طعم ملوحة في الفم

* أعاني من الشعور بطعم مالح في فمي دون أن أكون متناولاً للملح. وقللت من تناول الملح، لكن دون جدوى. لماذا أعاني من هذا وما علي فعله؟

فراس سالم- الإمارات.

ـ هناك عدة أنواع من اختلافات طعم الفم عن الحالات الطبيعية العادية الخالية من أي طعم، إلا مما نتناوله أو نعلكه. وملوحة الطعم في الفم أحد تلك التغيرات، التي قد يُصاب بها البعض لفترة من الوقت.

ويُعتبر وجود جفاف بالجسم، أحد أهم أسباب الشعور بطعم مالح بالفم. وتتعدد أسباب الجفاف، مثل قلة شرب الماء أو السوائل، أو كثرة إخراج الجسم لها عبر فقدها خلال زيادة العرق أو البول أو حالات الإسهال. وهناك مواد تزيد من فقدنا للسوائل مع البول دون شعورنا بذلك، مثل الكافيين في القهوة أو الشاي أو الشوكولاته. وربما يكون هذا سبب شعورك بالملوحة في الفم، وعليك أن تتنبه إلى مدى تناولك للسوائل أو زيادة فقد جسمك لها.

وينتج عن وجود التهابات حساسية أو ميكروبات في الأنف أو الجيوب الأنفية، زيادة في السوائل المالحة الطعم التي تُفرزها بطانة الأنف والجيوب الأنفية، ما قد يسيل من خلفية الأنف إلى الفم ويتسبب بذلك الطعم المالح فيه. ولذا عليك التأكد من سلامة هذا الجانب.

وقد يضطرب عمل الغدد اللعابية، ما يُؤدي إلى إنتاجها لعاباً مختلفاً في مكوناته، خاصة في زيادة تركيز الأملاح. وثمة عدة أمراض للغدد اللعابية، ذات مظاهر مرضية متعددة. وتحتاج أن تتأكد من الطبيب حول مدى سلامتها لديك.

ولم يكن واضحاً من سؤالك فيما لو كنت تتناول بعضاً من الأدوية. لأن ثمة علاجات قد تتسبب باضطرابات الطعم في الفم، كالملوحة أو الإحساس بالطعم المعدني أو المرارة في الطعم وغيرها. ولو كنت كذلك، عليك التأكد من طبيبك فيما قد يكون السبب فيها.

وهناك حالات أخرى، تتعلق بعمل الغدد الصماء، كالغدة الدرقية، أو اضطرابات عصبية، أو نقص في التغذية أو أمراض في الفم نفسه، كلها قد تُؤدي إلى الشعور بطعم الملوحة. ولهذه الأمور المتقدمة كلها، عليك مراجعة الطبيب في العيادة لفحصك <