المشرط الضوئي.. ثورة في عالم الليزك

هل ستكون له الغلبة امام المشرط الآلي في عمليات جراحة العيون؟

TT

أصبحنا نسمع مؤخرا عن مصطلحات جديدة: "انتراليز"، "ليزر الفيمتوثانية"، "المشرط الضوئي"، وغيرها من المسميات. فما هي هذه التقنية؟ وماهو الفرق بين المشرط الضوئي والمشرط الآلي؟وما هو تأثيرهما على النتيجة النهائية لعملية الليزك؟ ولمن سيكون المستقبل؟

"صحتك" تجيب على هذه الأسئلة وغيرها مما يرد على اذهان القراء ويتردد على ألسنتهم من خلال ثنايا الاجابة المستفيضة التي قدمها لنا الدكتور وليد بن صالح الطويرقي استشاري أول طب وجراحة العيون والخبير في مجال الجراحات الانكسارية بمركز النخبة الطبي الجراحي، مبتدئاً بتعريف العلاقة فيما بين القطع وعملية الليزك. أوضح د. وليد الطويرقي أن عملية الليزك تتكون من ثلاث خطوات رئيسية. الأولى، قطع في سطح القرنية على شكل ثنية ورفعها. الثانية، إطلاق أشعة الأكزيمر ليزر داخل أنسجة القرنية لتصحيح المقاس الذي يعاني منه المريض. والثالثة، إعادة القطع أو الثنية إلى وضعها السابق.

الخطوة الأولى لعملية الليزك يمكن أن تتم بواسطة المشرط الآلي ويمكن أن تتم بواسطة المشرط الضوئي وهو مانحاول أن نَعْقِدَ مقارنة بينهما في هذا المقال.

* المشرط الآلي

* هو الأقدم والأشهر لقطع القرنية، يصل عمره إلى حوالي خمسين سنة ويعود الفضل في ابتداء العمل به إلى الدكتور براكير جراح العيون الإسباني الشهير.

يتكون المشرط الآلي (Microkeratome) من حلقة ورأس قاطع. توضع الحلقة حول القرنية لتثبيتها، وهي تحدد حجم القطع الذي سنحصل عليه بالمليمترات. ويحتوي رأس المشرط في العادة على محركين أحدهما يجعل المشرط يهتز ( Oscillation) بسرعة عالية (6000 – 15000 حركة في الدقيقة)، والثاني يدفع المشرط للأمام. وهناك قطعة معدنية تحدد مقدار السماكة التي يتوقع أن يتم بها القطع.

النماذج الأولى من المشرط الآلي كانت صعبة التركيب والصيانة، وساهم في تطويرها الدكتور الكولومبي لويس رويز، حتى وصلت اليوم إلى مشارط آلية عالية الجودة نادرة المضاعفات سهلة الاستعمال والصيانة. ويوجد حاليا أكثر من عشر شركات تقوم بتصنيع المشرط الآلي حول العالم.

في البداية كان المشرط الآلي يجري قطعا كاملا لسطح القرنية إلى أن قام الدكتور اليوناني بيلاكارز باقتراح إضافة تحسينية في تصميم المشرط، بحيث يتوقف قبل انتهاء القطع وبذلك يتحول القطع الكامل (Cap) إلى ثنية (Flap) لايمكن أن تسقط بالدعك والتحريك.

حاليا هناك ملايين من المرضى الذين أجريت لهم عملية الليزك باستخدام المشرط الآلي. ولعل أهم مشكلتين تصادف أطباء العيون عند استخدام المشرط الآلي، هي مضاعفات القطع واختلاف سماكة القطع.

مضاعفات القطع عديدة فمنها القطع الناقص (Incomplete flap) ومنها حدوث ثقوب في القطع (Button holes) ومنها تحول الثنية إلى قطع كامل ولكن نسبة حدوث هذه المضاعفات لدى الجراح الخبير تتراوح مابين (0.5 – 1 بالمئة). أما اختلاف سماكة القطع فهو أمر لايمكن التنبؤ به ولاتوجد طريقة لتفاديه، فالقطع بالمشرط الآلي يفترض أن يعطينا نفس السماكة في جميع منطقة القطع ولكن الذي يحدث خلاف ذلك فقد يكون القطع رقيقا في المنتصف وسميكا من الأطراف وقد يكون متعرجا وذا سماكات مختلفة وقد لايلاحظ المريض أي أعراض نتيجة لذلك إلا إذا كان الفرق في السماكة كبيرا.

* المشرط الضوئي

* يشير د. وليد الطويرقي الى أن فكرة المشرط الضوئي تعتمد على حقيقة علمية هي أنه إذا تم تسليط أشعة الليزر لمدة قصيرة جدا فإن الأشعة لاتقوم بحرق الأنسجة (Photocoagulation)، ومن هنا جاءت فكرة استخدام أشعة الليزر، وهو ليزر الأشعة تحت الحمراء والتي بمقدورها أن تعالج الأنسجة بدقة عالية وبحرارة أقل بخلاف ما يتولد عن المعالجة بالليزر العادي وهو مايعتبر مكسبا مهما في عالم جراحة العين بالليزر.

يقوم جهاز الليزر بإطلاق نبضة ليزر صغيرة جدا لا يتعدى امتدادها المئة مليمتر من أشعة الليزر تحت الحمراء وذلك لمدة قصيرة جدا جدا هذه المدة مقدارها فيمتوثانية (Femtosecond) أي واحد من مليون مليار جزء من الثانية، فقد وجد أن نبضة الليزر رغم قوة الطاقة الموجودة بها إلا أن تسليطها داخل القرنية لهذه المدة القصيرة يجعلها تتحول إلى فقاعة صغيرة جدا تقوم بفصل الأنسجة عن بعضها البعض دون أن تحدث أي أضرار للأنسجة المجاورة. يستطيع جهاز الليزر أو بعبارة أدق جهاز "ليزر فيمتو ثانية" أن يصنع أي قطع يريده الجراح، فبالإمكان تحديد شكل القطع دائري أو مربع أو بيضاوي أو غير ذلك. كما يمكن تحديد عمق القطع وتحديد مكان الثنية وموقعها وحجمها. كما أن القطع الناتج قطع متساوي وذو سماكة واحدة، وعلى الأقل نظريا يجب أن لا يوجد فرق بين السماكة التي حددها الجراح والسماكة الناتجة بعد القطع بالمشرط الضوئي، وذلك بعكس المشرط الآلي والذي تكون السماكة الناتجة عن القطع مختلفة وأحيانا بشكل كبير عن السماكة المحددة. وعليه فيفترض أن لايواجه الجراح، عند استخدام القطع بالمشرط الضوئي، مضاعفات مثل القطع الناقص أو القطع الكامل بدون ثنية أو ثقوب في القطع أو غيرها، من مضاعفات القطع الآلي.

هناك عدة شركات تصنع المشرط الضوئي "جهاز ليزر الفيمتوثانية" من أشهرها وأكثرها معرفة لدى المختصين جهاز الإنتراليز ( Intralase). هذا الجهاز تعود ملكيته لشركة (AMO) الأميركية الرائدة في صناعة العيون والبصريات وهو الوحيد المعتمد من قبل ادارة الغذاء والدواء الأميركية منذ عام 2001 وهي نفس الشركة التي تمتلك جهاز فيزكس (visx) الذي يقدم تصحيح الإبصار بالطريقة التقليدية Conventional treatment وبالطريقة المخصوصة أو الشخصية التي تعارف الكثير على تسميتها بالبصمة Custom treatment .

إن قطع القرنية بواسطة جهاز الانتراليز وإطلاق الليزر بواسطة جهاز الفيزكس باستخدام البصمة يسمى "آي ليزك" وهي التقنية التي وافقت وزارة الدفاع الأميركية لطياريها الحربيين باستخدامها كبديل عن النظارة عند قيادة الطيارات الحربية كما أنها هي نفس التقنية التي تسمح بها وكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) لرواد الفضاء باستخدامها عند قيادة المركبات الفضائية وهي التقنية التي تدخل مدينة الرياض كأول عاصمة عربية تقدم هذه الخدمة لمحتاجيها.

الخلاصة: المشرط الضوئي يعطينا قطعا متجانسا ومتساوي السماكة ومن دون مضاعفات قطع. ولكن كما يقول المثل (الزين ما يكمل) ،فالفرق في التكلفة المادية مازال عاليا جدا، فهناك حوالي 1500 – 2000 ريال سعودي إضافية لكل عين نظير استخدام المشرط الضوئي. وإذا استطعنا ردم الهوة المالية بين المشرط الضوئي والمشرط الآلي، فإن المستقبل سيكون للمشرط الضوئي.

بقي أن نقول أن هناك استخدامات أخرى للمشرط الضوئي غير عمليات الليزك أهمها استخدامه في زراعة الحلقات داخل القرنية لمريض القرنية المخروطية واستخدامه في عمليات زراعة القرنية وهو ماسيكون موضوع مقالات قادمة <