بين الطماطم والقلب..... غزل من نوع آخر

فاكهة ذات فوائد صحية مذهلة

TT

بثمن لا يتجاوز ستة جنيهات إسترلينية، يُمكن الحصول على كتاب " ذا ردْ بودي غارد" أو " الحارس الشخصي الأحمر". والكتاب الذي صدر اخيرا في بريطانيا، اختصر فيه كل من الصيدلي رون ليفيان والكاتب العلمي جيرارد شيشير، مجمل نتائج الدراسات الطبية التي تم إجرائها خلال العقود الماضية عن فاكهة الطماطم.

والجديد في الأمر ليس مجرد المدح الطبي العام للطماطم، بل لأول مرة يتم جمع وتبويب المعلومات العلمية التي أمدتنا بها، وبغزارة، جهود الباحثين الطبيين حول أحد أهم الفواكه على سطح الأرض. وهو ما يجعلها في مراتب الفواكه "الأعلى فائدة صحية" مثل العنب والرمان والتوت والتفاح والبرتقال.

وهذا الجهد العلمي، والموجه بالدرجة الأولى للشريحة الواسعة من الناس غير المتخصصين في المجال الطبي، يأتي في سياق نمو نظرة طبية تتبنى نظرية " النسبية" في فائدة المنتجات الغذائية. وهو ما يفرضه تفاوت فرص وظروف الحصول على أنواع من المنتجات الغذائية دون أنواع أخرى، وبالتالي تفاوت النجاح في إمداد الجسم بفوائد تلك المنتجات الغذائية. ولذا أكد العرض في الكتاب على أن النصيحة الطبية القائلة بضرورة تناول خمس حصص غذائية من الفواكه يومياً، تقابلها إشكالية أن أنواع الفواكه بالأصل ليست سواء في فوائدها الصحية. وعليه، فإن ثمرة من فاكهة معينة لا تُساوي في الفائدة ثمرة من نوع آخر من الفواكه. وهو ما يستدعي بداهة معرفة الأنواع الأكثر فائدة من بينها، والحرص على تناولها متى ما توفرت، والمبادرة إلى انتقائها عند تساوى توفر أنواع مختلفة منها لاختيار أحدها من بينها.

والجيد في الطماطم أنها فاكهة غنية بالعناصر الغذائية المفيدة، وبمزيج فريد، الأمر الذي يُكسبها قدرة تقديم الفوائد الصحية. كما أنها لا تحتوي على أي دهون. وتحتوي على القليل جداً من البروتينات ومن ملح الصوديوم، بل ومن السكريات أيضاً. وهو ما يجعلها منتجا غذائيا ذا "مُؤشر سُكّري" منخفض. لكن "حرارة" البحث العلمي لم ترتفع فقط بسبب احتواء الطماطم على العديد من الفيتامينات والمعادن في عبوة منخفضة الطاقة، بل بسبب تلك المواد المضادة للأكسدة في قشور ولب الطماطم، وكذلك مواد الطبقة الجيلاتينية المغلفة لبذور ثمار فاكهة الطماطم، والشبيهة في مفعولها بالأسبرين.

ونظرية المواد المضادة للأكسدة ببساطة تقول إن تلك العناصر المتوفرة في بعض المنتجات النباتية، وخاصة في ألوانها المختلفة، تعمل على تجنيب خلايا الجسم الأضرار المتشعبة للجذور الحرة على نواة الخلايا، وعلى منع ترسيخ ترسيب الكولسترول في الشرايين القلبية والدماغية، وعلى تخفيف حدة تأثر الجلد وغيره من أعضاء الإنسان بالمؤثرات البيئية التي يتعرض لها، من أشعة الشمس وغيرها، وغير ذلك من أدوار الحماية للمواد المضادة للأكسدة. ولحصول الجسم على المواد المضادة للأكسدة من الطماطم، فإن من المفيد الإشارة إلى أن تناول الطماطم بقشرتها أفضل. وأن تناولها مطبوخة أفضل من تناولها نيئة. وإن كان لابد من تناولها نيئة في السلطة، فلا أقل من إضافة مرق "صوص" السلطة المحتوي على زيت الزيتون أو غيره من الزيوت النباتية. والقلب هو المستفيد الأعلى من تناولنا للطماطم، سواءً مطبوخة أو نيئة.

و "الحارس الشخصي الأحمر" كتاب زهيد الثمن، كما هي حال أسعار الطماطم أحياناً. إلا أن الأهم هو أنه كتاب "لذيذ الطعم"، كما هي الطماطم في طعمها دائماً. وألذ ما في الكتاب هو توضيحه لماذا وكيف تقدم تخفف الطماطم من خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب، وبسرطان البروستاتا لدى الرجال.

وبمناسبة الإشارة إلى سرطان البروستاتا، أكدت عام 2004 نتائج المراجعة التحليلية لـ 21 دراسة علمية حول الطماطم والبروستاتا أن تناول الطماطم، يُقلل بنسبة 11% من الإصابة بسرطان البروستاتا. وترتفع احتمالات فائدة الوقاية إلى حد 19%، حين تناولها مطبوخة.

أما الحماية الأهم للقلب والأوعية الدموية من الأمراض هي بالتأثيرات المفيدة لمواد "لايكوبين"، المضادة للأكسدة. وكان الدكتور هوارد سيسو من جامعة هارفارد، قد نشر في مجلة التغذية الأميركية والمجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية، نتائج عدة دراسات واسعة حول مواد "لايكوبين" الطماطم، إحداها شملت حوالي 40 ألف امرأة من متوسطات العمر والمتقدمات فيه، ممن كن سليمات من السرطان أو أمراض القلب عند البدء في دراسة المتابعة لهن لمدة سبع سنوات. وتبين من نتائجها أن تناول ما بين 7 إلى 10 حصص أسبوعياً من الثمار الغنية بمواد "لايكوبين" للطماطم أو مشتقاتها كالصلصة ومرق الطمام في البيتزا والـ «كاتشآب» وعصير الطماطم، يقلل بنسبة حوالي 29% من أمراض القلب والأوعية الدموية، مقارنة بمن يتناولن أقل من حصتين أسبوعياً منها. والملفت للنظر حقيقة من نتائج الدراسة هو أن تناول مجرد أكثر من حصتين أسبوعياً من الطماطم أو مشتقاتها ممزوجة بزيت الزيتون يُعطي نتائج أفضل، لأنه يقلل من أمراض القلب بنسبة 34%. وهو ما برره الباحثون بقولهم أن وجود الزيت يُسهل امتصاص الأمعاء لمواد "لايكوبين"، إضافة إلى فائدة زيت الزيتون بذاته. وسبق للدكتور لازاريوس من استراليا عرض نتائج دراسته في مجلة المراجعات الدقيقة لعلم التغذية والأطعمة في عام 2004، حول فائدة عصير الطماطم على تجلط الدم لدى مرضى السكري، وبين أنه يخفف بنسبة مهمة في ترسب الصفائح الدموية. والمهم فيها أن المادة اللزجة الصفراء المحيطة بالبذور في ثمار الطماطم لديها قدرة على تخفيف ترسب الصفائح الدموية بعضها على بعض بمقدار يتجاوز 19%.