استشارات

د. حسن محمد صندقجي

TT

القهوة والكافيين والبول - نسمع كلاماً متناقضاً حول القهوة، فهل شربها ضار بالصحة؟ وهل للكافيين تأثير على البول؟

عادل عيتاني- لبنان.

* هذه أهم نقطتين في رسالتك، واسمح لي بشيء من التفصيل في الإجابة نظراً لانتشار شرب القهوة. مرت القهوة بمرحلتين تاريخيتين من ناحية نظرة الناس والأطباء لتأثيراتها الصحية. وفي السابق كان يُعتقد أنها ضارة وتتسبب بالإصابة بالأمراض، كأمراض القلب أو السرطان أو غيره. ثم، وبعد صدور العديد من الدراسات الطبية الحديثة، تغيرت النظرة وأصبحت أقرب للواقعية. وتبين من مجمل تلك النتائج أن من الصعب جداً القول بتسبب القهوة في الإصابة بالأمراض المزمنة، بل إن المؤشرات العلمية تدل على أنها ربما مفيدة في الوقاية من بعضها، كمرض السكري، وربما لا تأثير سلبي لها على بعض من الأمراض الأخرى، كالقلب أو السرطان. وهناك من يجزم من الباحثين الطبيين أن لا تأثيرات ضارة لشربها.

والأساس في كل شيء أن الأفضل هو الاعتدال، وخاصة فيما يتعلق بالمأكولات أو المشروبات. وأن تناول الشيء المفيد، أو عديم الضرر، قد يتحول إلى شيء ضار عندما تتم إضافة عناصر أخرى إليه. بمعنى أن الأدلة العلمية قوية جداً في عدم تسبب القهوة بأضرار صحية. لكن ثمة أدلة أخرى قوية على أن الإكثار من تناول السكر أو الدهون والكولسترول في الحليب، هو شيء ضار. وعليه فإن التأثيرات الصحية لشرب القهوة الممزوجة بالسكر أو بالحليب، هي غير تلك لشرب القهوة النقية. والأمر إلى حد كبير مشابه لتناول الكاكاو، أو الشوكولاتة، من ناحية فائدتها الصحية حينما تكون نقية دون إضافات السكر والزبدة والحليب.

هذا من جانب، ومن جانب أخر فإن علينا الالتفات لأحد العناصر الكيميائية في القهوة الطبيعية، وهو الكافيين. وما تشير إليه المصادر الطبية أن تناول حوالي 300 مليغرام من هذه المادة، يومياً، غير ضار لغالبية الناس، أي ما يُعادل شرب ثلاث أقداح من القهوة العادية. كما تشير إلى أن تناول كميات تفوق 600 مليغرام قد يتسبب بالتوتر والقلق وسرعة التهيج وقلة النوم والصداع وزيادة نبض القلب وغيرها. وفي نفس الوقت تشير كذلك إلى أن ثمة أشخاص لديهم "حساسية" للكافيين، بمعنى أنهم يتأثرون سلبياً بتناول كميات قليلة، قد تكون عادية لأناس آخرين. وتلك "الحساسية"، أو سهولة التأثر، تعتمد على العمر وحجم الجسم ومدى التعود على تناول الكافيين والمستوى الصحي للجسم والتدخين وتناول أدوية معينة.

وبالعموم، فإن تناول كميات من الكافيين تُقارب تلك التي في ثلاث أو أربع أو خمس أقداح من القهوة ربما ليس سبباً في زيادة إدرار البول، وبالتالي ليس سبباً في الجفاف. لكن تناول كميات تفوق 6 أقداح، أي أكثر من 600 مليغرام من الكافيين، ربما يُؤدي إلى زيادة التبول لدى غالبية الناس. ومع هذا، فإن من الطبيعي أن يزداد بول الإنسان عند شرب السوائل. ولذا فإن زيادة التبول بعد شرب قدحين متتاليين، مثلاً، من القهوة، ليس بسبب تأثير الكافيين على الكلى، بل بسبب شرب حوالي نصف لتر من الماء.

* ألم الذبحة الصدرية - أشكو من ألم في الصدر، وعمري 46 سنة. هل هو من القلب؟

أشرف عبد العال- مصر.

* هناك عدة أنواع من الألم الذي قد يكون مصدره القلب. وتحديداً قد يكون غالباً إما نتيجة اضطرابات في الشرايين أو الصمام المايترالي أو غشاء التامور المحيط بالقلب أو أحد الشرايين الخارجة من القلب. والأصل المفيد في توجيه مثل هذا السؤال هو التوجه إلى الطبيب مباشرة لفحص الأمر. ومع ذلك، ومع افتراض أن غالبية الخوف هو من وجود اضطرابات في سلامة الشرايين التاجية للقلب، فإن ألألم الناجم عن الشرايين إما أن يكون ألم "النوبة أو الجلطة القلبية"، نتيجة السد التام لمجرى الدم خلال شريان قلبي ما. أو يكون ألم "الذبحة الصدرية"، نتيجة وجود مجرد تضيقات في الشرايين. و "الذبحة الصدرية" على نوعين، ومهمين، هما "مستقرة" و "غير مستقرة". ومن المهم فهم أسباب وصفات ومميزات هذه النوعية من الآلام. والألم الناتج عن ضيق الشرايين، أو سددها، يصدر عن العضلة القلبية، وليس الشريان نفسه، كتنبيه للإنسان بأن ما يصل إلى العضلة من الدم، المحمل بالأوكسجين، غير كاف.

والطبيب حينما يستوضح المريض عن أي نوع من الألم في الجسم، فإنه يُحاول معرفة صفة الألم، ونوعيته، ومكان ظهوره، وشدة الشعور به، ومدة ذلك، والأسباب التي تزيد الشعور به، والأسباب التي تخفف ذلك، وأي أعراض أخرى مصاحبة. وهذا ينطبق تماماً على ألم الصدر حال الشكوى منه.

ومن ناحية مكان ظهور الألم، فإن أي ألم يظهر في المنطقة ما بين الفك السفلي إلى سرة البطن، قد يكون من شرايين القلب. أي في الصدر أو أحد العضدين أو الرقبة أو أعلى البطن أو الفك السفلي أو الكتفين أو خلفية الصدر.

وصفة الألم قد تكون كشيء ضاغط على الصدر، أو عاصر له، أو كثقل جاثم عليه، أو ملتف عليه، أو ألم عادي فيه، أو مجرد الشعور بعد ارتياح في الصدر أو كحرقة أو تخدير في أي من تلك المناطق أو حتى مجرد الشعور بالتخمة وسوء الهضم في أعلى البطن.

وغالباً ما يظهر ألم الذبحة الصدرية عند بذل المجهود البدني أو حال حصول توتر نفسي أو ما بعد تناول وجبة الطعام. وغالباً ما يزول إما بالراحة أو بوضع حبة الدواء الوردية المعروفة تحت اللسان.

أما من ناحية "الإستقرار" أو عدمه في ألم الذبحة الصدرية، فإن المقصود هو أن الألم حينما يتخذ صفة معتادة، أي أن يأتي كلما مشى المرء 100 متر مثلاً، أو صعد سلالم طابقين . و "عدم الاستقرار" شيء متعدد لا مجال لشرحه.

والعموميات التي تلاحظها في مكان ونوعية الألم، مهمة، لأن ألم الشرايين القلبية مهم ومؤثر على سلامة الإنسان، ولذا فإن من الضروري الاحتياط، وخاصة أنها كلها موصوفة من قبل منْ ثبت أن لديهم مشكلة في الشرايين القلبية.

ولهذا كله، من المهم جداً مراجعة الطبيب حال الشكوى من ألم الصدر، لقطع الشك باليقين وللمبادرة بالمعالجة. هذا مع تذكر أن ثمة فحوصات دورية للقلب وغيره، على المرء الاهتمام بها كي يتم اكتشاف الأمراض إن وُجدت، ومعالجتها قبل استفحالها<

* غسيل الكلى والوريد - حصل مرتين سدد في الوريد المُستخدم لغسيل الكلى لدي، وأُجريت لي عملية ثالثة للوريد. وأنا أغسل منذ 3 سنوات. لماذا حصل هذا، وما تنصح؟

محمد- الرياض.

* ما ذكرته قد يحصل لدى منْ يُجرى لهم غسيل الكلى. وأسباب ذلك متعددة، منها ما يتعلق بنوعية الأوردة والشرايين لديك ومنها ما يتعلق بكيفية استخدامها، والأهم كيفية عنايتك بها. وأنت تعلم أن إجراء غسيل الكلى يتطلب أن يكون ثمة مدخل يُمكن من خلاله توصيل أنابيب جهاز غسيل الكلى إلى الأوعية الدموية لديك، كي يتجه الدم من جسمك إلى الجهاز الذي يُنقيه، وكي يتم بعد ذلك إعادة الدم النقي إلى جسمك. وما يقوم الطبيب الجراح به هو إحداث نوع من التوصيلة المباشرة ما بين وريد وشريان، غالباً في منطقة باطن المعصم أو المرفق. وإن لم يكن ثمة وريد مناسب، فإنه يزرع توصيلة، بلاستيكية للوصل ما بين الأوردة والشرايين.

المهم هو المحافظة على هذه التوصيلة، التي تمثل المنفذ لإجراء غسيل الكلى. وبالإضافة إلى الاهتمام والاحتياطات التي يقوم بها الأطباء وجهاز التمريض في وحدات غسيل الكلى، فإن عليك أن تُراعي عدة أمور للمحافظة على هذه التوصيلة الوعائية. وأهم ذلك المحافظة على نظافة الجلد في تلك المنطقة. وعدم استخدام أوردة ذلك الذراع في سحب الدم لإجراء التحاليل أو استخدام شريانه في قياس ضغط الدم. وأن لا تستخدم اليد في تلك الجهة لحمل أشياء ثقيلة أو الضغط عليها، خاصة في مكان التوصيلة. وأن لا تُغطي تلك المنطقة بأربطة شديدة الإحكام أو بملابس ضيقة. وأن لا تنام على جهة الذراع الذي به التوصيلة الوعائية ما بين الوريد والشريان. وعليك يومياً أن تفحص النبض في منطقة التوصيلة للتأكد من جريان الدم فيها. وأن تتأكد أن الممرض يفحص سلامة تلك التوصيلة الوعائية قبل كل مرة يُجرى فيها الغسيل.

صلات المرارة

* استشاري باطنية وقلب مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض [email protected]