بين الخطأ والصواب

د. عبد الحفيظ خوجة

TT

* البهاق غير معدٍ ومريضه يحتاج للدعم

* من الأمراض التي شابها الكثير من المفاهيم الخاطئة، ونظر إليها المجتمع نظرة ازدراء، واعتبر الكثيرون المصاب بها انسانا معديا، مرض البهاق.

إن كل هذه المفاهيم والاتهامات بعيدة عن الحقيقة، وقد توارثها الناس على مر العصور، فارتبط البهاق بها. وقد يعود السبب الى أن البهاق لا زال، رغم تطور الطب، مرضا محاطاً بالكثير من الغموض، سواء في مسبباته أو آليته المسببة للمرض أو صعوبة علاجه.

وفي الحقيقة فان البهاق مرض كغيره من الأمراض الجلدية المنتشرة في العالم، يتصف بزوال اللون الطبيعي للجلد ويكون على شكل بقع لونية واضحة، قد يشمل الجسم كله كما قد يكون في مكان واحد. وهو يحدث نتيجة خلل صبغي يحطم الخلايا التي تنتج مادة الميلانين الصبغة المحددة للون الجلد والشعر والعيون والتي تميز الناس عن بعضهم البعض.

يصيب البهاق حوالي 1 إلى 2 بالمائة من سكان العالم (ما يعادل 40 إلى 50 مليون شخص) من كلا الجنسين. ويبدأ المرض في 50% من الحالات قبل سن 20 عاماً. ويبدو أن نسبة الإصابة عالية بين الأفراد الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية (الأمراض التي يقوم فيها نظام المناعة لدى الشخص برد فعل ضدّ أعضاء أَو أنسجة جسم هذا الفرد). تتضمّن هذه الأمراض الذاتية المناعة فرط نشاط الغدة الدرقية، قصور عمل الغدة الكظرية، داء الثعلبة، وفقر الدم الخبيث (انخفاض مستوى خلايا الدم الحمراء بسبب فشل إمتصاص فيتامين بي12).

يرتبط بدء ظهور المرض لدى بعض المرضى بتعرضهم لمشكلة نفسية أو عاطفية، ويظهر لدى البعض الآخر بعد موت عزيز أو وقوع طلاق أو حادث مأساوي من الفواجع الانسانية المؤثرة. كما يلاحظ كثيرون بداية المرض بعد حرق شمسي شديد.

وفي فصل الصيف، ينصح اختصاصيو الأمراض الجلدية هؤلاء المرضى بتجنب التعرض لأشعة الشمس حتى يقضوا هذا الموسم بسلام وأمان وبعيدا عن الحروق والمضاعفات، وعليهم استخدام ملابس واقية فضفاضة، ووضع الكريمات الواقية من أضرار الشمس بشكل متكرر.

ويجب أن يتفهم الجميع أن مريض البهاق غير معدٍ ويمكن معاشرته ومصافحته ومشاركته السباحة في نفس حمام السباحة. كما يجب دعم المريض حتى يتغلب على الوصمة بأنه مريض معد، وأن مرضه ليس إلا مشكلة جمالية ولا تؤثر على صحته بشكل مباشر.

* قاوم الجفاف .. ومخاطره في فصل الصيف

* من العادات الصحية الخاطئة التي يمارسها الكثيرون يوميا عدم الاهتمام بشرب الماء بالكمية الكافية التي تتناسب مع نشاطاتهم اليومية، الداخلية منها والخارجية، وكذلك عدم تفريغ المثانة فور الشعور بالحاجة الى ذلك. فهناك من يحبس البول لعدة ساعات بعد احساسه بالامتلاء. ومن طلبة المدارس من تعود حبس بوله حتى عودته الى المنزل.

إن هذا السلوك، بالطبع، غير صحي فعدم الارتواء سوف ينتهي حتما بالجفاف ومضاعفاته الخطيرة خاصة في فصل الصيف. وعدم افراغ المثانة البولية فور امتلائها بالبول والتخلص مما يحمل البول من فضلات وسموم سوف ينتهي بالفشل الكلوي في أي وقت من حياة الفرد.

إن فقد 10 % فقط من سوائل الجسم ينذر بالجفاف، الذي تبدأ أعراضه بالشعور بالعطش ثم جفاف البشرة، غور العينين، تشوش العقل، ونزول بول لزج.

إن عدم إرواء الجسم بالكمية الكافية من السوائل خاصة في هذه الأيام، شديدة الحرارة، يكون سببا في الاصابة بالارهاق الحراري وفي بعض الحالات بالصدمة الحرارية (ضربة الشمس) المميتة، وذلك لأن الماء يعتبر عاملا مهما في عملية تنظيم حرارة الجسم.

إن الشخص، في الاحوال العادية، يحتاج إلى ما يقارب 2-3 لترات من الماء يوميا، وتزداد هذه الكمية حسب العمل الذي يزاوله، ما إذا كان مكتبيا أم خارجيا تحت أشعة الشمس، وكذلك النشاط الذي يؤديه الشخص مثل القيام بالتمارين الرياضية أوالمشي أو الجري، حيث يفرز كمية كبيرة من العرق. وكذلك بعض الامراض التي يكون من ضمن أعراضها القيء والإسهال، حيث يفقد الشخص كمية كبيرة من سوائل جسمه. وهناك بعض النساء اللاتي يتعرضن لنزف غزير مع الدورة الشهرية. إن كل هذه الحالات تستدعي شرب الماء بكمية كبيرة وباستمرار حتى وإن لم يشعر الشخص بالعطش، حتى يحافظ على توازن جسمه وكفاءة وظائفه الحيوية .

* تحذيرات من وباء تدخين التبغ

* من الأخطاء الصحية الخطيرة المنتشرة في العالم زيادة عدد المدخنين بشكل كبير وخطير سنة بعد سنة، بالرغم من التحذيرات العالمية حول مخاطره الصحية. وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية الى أن ثلثي مدخني العالم تقريبا يعيشون في 10 دول معروفة من العالم، فهناك 30 بالمائة من المدخنين يعيشون في الصين وحوالي 10 بالمائة في الهند، وأعداد كبيرة منهم في كل من أندونيسيا، روسيا، الولايات المتّحدة، اليابان، البرازيل، بانغلادش، وألمانيا وتركيا، ويتوزع الباقون في بقية دول العالم خاصة ذات الدخل المنخفض والمتوسّط .

كما تشير الاحصاءات الى أن "وباء التبغ" يقتل سنويا حوالي 5.4 مليون شخص بسبب المضاعفات المرضية لسرطان الرئة وأمراض القلب والشرايين والسكتة الدماغية. وعدم تحرك الحكومات لمكافحة هذا الوباء والتضامن من أجل اتخاذ اجراء عالمي جاد لإيقاف استعمال التبغ سوف يرفع هذا العدد إلى أكثر من 8 مليون في السّنة بحلول عام2030. أوصت منظمة الصحة العالمية، في تقريرها لعام 2008 عن وباء التبغ العالمي، بضرورة تبنّى حكومات العالم تطبيق مجموعة من السياسات المدروسة من أجل السيطرة على هذا الوباء العالمي "التبغ" والحد من خطره، ومنها:

· رفع ضريبة وتسعيرة التبغ، بشرط أن يصرف المبلغ في صالح برامج مكافحة التدخين لأن التقارير تشير الى أن حكومات العالم تجمع أكثر من 200 مليار دولار من ضرائب التبغ في السّنة، لكنها لا تصرف أكثر من 1 بالمائة من ذلك الدخل الضخم.

· يجب أن تكثف كلّ البلدان جهودها بشكل ملحوظ لمنع الشباب من البدء في ممارسة التدخين.

· مساعدة المدخّنين الذين يرغبون في ترك التدخين على الاقلاع عن هذه العادة.

· حماية الناس غير المدخنين من التدخين السلبي.

· مراقبة إستعمال التبغ لفهم وتحديد مدى الاستجابة لبرامج المكافحة.

· الدعم والضمان المالي وتكثيف الإعلانات عن مخاطر التبغ والتحذّير منها.

* استشاري في طب المجتمع مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة