فشار الذرَة وجبة «سناك» صحية.. لكن بشروط

عشاق تناولها ينهجون نمطا صحيا في غذائهم

TT

ليس صحيحاً أن كل إناءٍ ينضح فقط بما فيه، بل ربما قد ينضح بما في آنيةٍ أخرى كذلك! وما هو مشتهر بين الناس، كصيغة مثل، القول بأن “كل إناءٍ بما فيه ينضحُ”، هو من واقع التجربة، أمرٌ مُسلّم به في جوانب شتى من الحياة. لكن في جانب التغذية وآثارها الصحية، على أقل تقدير، لا يقتصر تأثير ما نضعه في إناءٍ ما، على ما ينضح عن ذلك الإناء وحده، بل ثمة آنية تنضح بما في غيرها من آنية أخرى. وهذا أمرٌ قد يحتاج إلى توضيح عملي، لأن أبعاد ما نشتهي تناوله من أصناف الطعام يطال السمات العامة لتغذيتنا.

ووفق ما تم نشره في عدد مايو من مجلة رابطة التغذية الأميركية، لاحظ الباحثون الأميركيون أن الأشخاص الذين يتناولون وجبات خفيفة، “سناك”، من فشار الذرة popcorn ، هم أكثر حرصاً على تناول أطعمة تحتوي على أصناف متنوعة من الحبوب الكاملة، وهم أيضاً أقل تناولاً للحوم، وذلك بالمقارنة مع الأشخاص الذين لا يحرصون على تناول وجبات خفيفة من الفشار.

وتستهلك بعض شعوب العالم كميات كبيرة، قد لا يتوقعها البعض، من الفشار. وإحصائيات الولايات المتحدة، وفق ما يذكره مجلس الفشار الأميركي American Popcorn Board ، تقول أن الأميركيين يستهلكون حوالي 17 مليار عبوة، ذات حجم لترين، من الفشار سنوياً. وأن غالبها يتم بالإعداد في أجهزة أفران الميكروويف. بل إن بعضها يقول أن إعداد الفشار لا يزال الاستخدام الأول لأجهزة أفران الميكروويف في الولايات المتحدة.

* فشار وأطعمة أخرى

* ودعونا نُركز قليلاً النظر إلى واحد من السلوكيات الصحية في جانب التغذية، وهو شغف البعض بتناول الـ “فشار” ، أو ما يُسمى أحياناً بـ “بوشار”. والفشار هو عبارة عن حبوب الذرة حينما تتم فرقعتها بالحرارة. وأهمية المثل هي أن تناول الفشار، كوجبة خفيفة، أو ما تُسمى “سناك”، هو أحد نماذج أطباق الأطعمة التي يتم إعدادها باستخدام “حبوب كاملة” whole grains. ومعلوم مدى تكرار نُصح الأطباء بالحرص على تناول الحبوب الكاملة، أي دون تقشيرها وإزالة طبقة أغلفتها الصحية، لأن تناولها بهذه الصفة الطبيعية، ويومياً، مما ثبت علمياً أنه يُسهم في خفض الإصابات بمرض السكري وأمراض شرايين القلب وأنواع من سرطان الجسم. وما قاله الباحثون من مركز التغذية البشرية في أوماها، بولاية نبراسكا الأميركية، في شهر مايو الماضي، دليل على التأثير الصحي المُتعدي لما نضعه من أصناف الطعام، أياً كان نوعه، في أحد آنية مائدة طعامنا. لأن تأثير ذلك الاختيار لن يقتصر على ما ستنضح به تلك النوعية من الطعام على حالتنا الصحية حال تناولنا لها، بل ستُؤثر لا محالة على ما نختار وضعه في الآنية الأخرى لموائدنا، وبالتالي على ما ستنضح به تلك الأطعمة الأخرى على حالتنا الصحية. وهؤلاء الباحثين أتوا بكلامهم هذا بعد بحثهم في مدى تناول شريحة واسعة من الأميركيين للفشار، حيث قاموا بمراجعة نتائج الإحصائيات القومية في جانبي الصحة والتغذية، وذلك وفق ما ورد في السجلات القومية لما بين عام 1999 وعام 2002. وكانت تلك السجلات قد تضمنت سؤال شريحة عشوائية، بلغ تعدادها حوالي 16 ألف شخص، حول ما الذي تناولوه من أطعمة خلال ألـ 24 ساعة الماضية. ووجد الباحثون أن حوالي 6% فقط من أولئك ذكروا أنهم تناولوا وجبة خفيفة من الفشار. وبمعدل حوالي 38 غراما في اليوم.

وحينما قارن الباحثون في بقية مكونات وجبات الطعام اليومي بيم مجموعة مُتناولي الفشار ومجموعة منْ لا يتناولوه، وجدوا أن الأشخاص الذين يتناولون الفشار أعلى تناولاً للحبوب الكاملة بنسبة 250 %. وأكثر تناولاً للألياف الغذائية الصحية بنسبة 22%. كما لاحظ الباحثون أن مُتناولي الفشار أقل تناولاً للحوم، وأكثر تناولاً لمعدن المغنسيوم. والأهم، لدى هؤلاء الأشخاص، أن الباحثين لاحظوا عدم وجود علاقة طردية بين تناولهم الفشار وبين إصابتهم بأمراض القلب أو السمنة أو ارتفاع الكولسترول. أي أن تناولهم الفشار لم يكن سبباً في ارتفاع إصاباتهم بهذه الأمراض المهمة صحياً.

* جوانب طبية لتناول الفشار

* ودواعي الاهتمام الصحي بالفشار نابعة بالأصل من تناول الكثيرين له. والواقع أن نسبة مهمة من محاصيل أنواع معينة من الذرة موجهة نحو إنتاج حبوب لإعداد الفشار. والجوانب الصحية التي تحتاج إلى عرض في موضوع الفشار تشمل أربعة أمور: الأول، كونه وجبة خفيفة وصحية. والثاني، حول القيمة الغذائية لتناول حبوب الذرة في الفشار، واختلافها باختلاف طريقة إعداد الفشار. والثالث، يتعلق بكيفية حصول الفرقعة في حبوب الذرة، لإعداد الفشار. والرابع، فيما يدور من حديث علمي حول المواد المتسببة باضطرابات في وظائف الرئة والموجودة في إضافات الدهون للفشار المُعد بطريقة فرن الميكروويف.

ولا يفوت ذكر إرشادات الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، والمتضمنة تصنيف الفشار كأحد الأطعمة التي لا يجب تقديمها للأطفال في سن ما دون 4 سنوات، وذلك لاحتمال تسبب تناولهم له بحالات الاختناق. كما تشير المصادر الطبية إلى ضرورة أن يتجنب تناوله منْ لديهم تركيبات أسنان أو اضطرابات أخرى فيها.

* وجبة خفيفة وصحية

* والملاحظ انتشار تناول الفشار، وفق منظومة تناول وجبات “سناك” الخفيفة من المقرمشات وشرائح البطاطا، “تشيبس”، والمكسرات وغيرها. وهي منظومة يتبعها الكثيرين بعيداً عن إغراء الجانب الصحي الإيجابي لها ولكيفيتها. إذْ في حين يلجأ الكثيرون إلى تناول تلك “المُسليات” من باب الترفيه الغذائي وكيفما اتفق ومتى ما تيسرت، يرى الأطباء والمتخصصون في جانب التغذية أن الأصل الصحي يقول بضرورة عدم تركيز تناول أحدنا لكامل طعامه اليومي في الوجبات الثلاث الرئيسية، أي الإفطار والغداء والعشاء، بل الحرص على تقليل كمية الطعام في كل منها، واستحداث تناول وجبات خفيفة وصحية فيما بين تلك الوجبات الرئيسية. على أن تكون محتوية على كميات قليلة أو متوسطة من طاقة السعرات الحرارية (كالوري). وأن تكون مكونات وجبات ألـ “سناك” تلك من الأطعمة الصحية، والتي على رأسها المكسرات أو الحبوب الكاملة، بعيداً عن المقرمشات المقلية أو الحلويات.

والفوائد الصحية، من هذه الوجبات الخفيفة، تطال تحسين عمل الجهاز الهضمي نحو الأفضل ونحو الأقل إرهاقاً للجسم. كما تطال وتيرة عمل أعضاء الجسم والأنظمة الكيميائية الحيوية فيه. لأنه كلما تعامل الجهاز الهضمي، كل بضع ساعات، مع كميات متوسطة من الطعام، فسيكون أقدر على هضمها وتزويد الجسم بمحتوياتها وهو “مرتاح”. ومعلوم أنه كلما ارتاح الجهاز الهضمي في عمله، كلما ارتحنا نحن من اضطرابات التخمة وعسر الهضم وغيرها. ولأنه أيضاً كلما تعاملت أعضاء الجسم، كالبنكرياس والكبد، وأنظمته الكيميائية الحيوية، كعمليات تمثيل الأيض الغذائي، كلما أتقنت تلك الأعضاء والأنظمة نتائج عملها في ترتيب وتصريف الاستفادة من مكونات الغذاء.

وفي جانب أفضلية تناول وجبات خفيفة بين الوجبات الرئيسية، نلمس فوائد تلك الإرشادات الطبية لمعالجة مرضى السكري. والتي تُشير إلى أن ضبط نسبة سكر الدم وتخفيف عبء العمل على البنكرياس يتم بشكل أفضل حينما يتم تناول وجبات خفيفة فيما بين الوجبات الرئيسية. وكذا الحال في العمل على خفض وزن الجسم. وفي تخفيف المعاناة من اضطرابات الجهاز الهضمي، بشقيه العلوي والسفلي.

* نكهة الزبدة وفشار الميكروويف

* وثمة ملاحظات علمية، ودراسات قليلة داعمة، مفادها أن هناك احتمالات لحصول اضطرابات في صحة الرئة لدى العاملين في إعداد الفشار بأفران الميكروويف. وخاصة في تلك الأنواع المحتوية على نكهة الزبدة وغيرها من الإضافات ذات الطعم والنكهة المميزة للفشار.

وتلك الدراسات والملاحظات الإكلينيكية تتحدث عن مادة “داياسيتايل” diacetyl الكيميائية، والتي يُقال أنها تتسبب بأحد أمراض سدد الشُعيبات الهوائية بالرئة bronchiolitis obliterans. ومنشأ هذه الملاحظات أمران: الأول، الارتفاع النسبي للإصابات بهذا المرض الرئوي بين العاملين في مصانع إعداد الفشار. والثاني، دراسات التأثير المباشر لهذه المادة الكيميائية عند تعريض الفئران، في المختبرات، لها. وهو ما يُطرح طبياً كمرض “فشار الرئة” “popcorn lung”.

وهناك تقارير لأطباء من الولايات المتحدة، تم رفعها هناك للهيئات المعنية بالصحة العامة، تتحدث عن حالات مرضى من بين العاملين، ومنهم من تُوفي نتيجة لذلك.

ومن أخر الدراسات العلمية حول هذا الموضوع، ما تم نشره في أول مايو الماضي للباحثين من المؤسسة القومية للصحة والسلامة الوظيفية (NIOSH) بالولايات المتحدة. وفيها قالت الباحثة آن هيبس، الباحثة الرئيسة في الدراسة، العاملون على إعداد الفشار ونكهاته الكيميائية، بأجهزة أفران الميكروويف، هم تحت خطر مرتفع للإصابة بأمراض الرئة. وأضافت، هذه الدراسة، بالإضافة إلى دراسات أخرى حديثة، تدعم الاستنتاج بأن لمادة “داياسيتايل” “خطورة استنشاق”. ومن الضروري إجراء بحوث أخرى لمعرفة تأثيرات المواد الكيميائية الأخرى في نكهة الزبدة المُضافة إلى الفشار، وذلك بهدف حماية صحة العاملين.

ومعلوم أن هذه المادة الكيميائية من السهل تبخرها وانتشارها في الهواء، وهو ما يحصل بنسبة مؤثرة في المصانع. وبالرغم من كل تلك المُلاحظات العلمية، إلا أنه لا يجري طرح احتمالات وجود تأثيرات صحية لهذه المادة الكيميائية على رئة ربات المنازل أو غيرهم ممن يُعدون الفشار، في أفران الميكروويف المنزلية، من آن لآخر.

* ثمانية أسباب صحية لتناول الفشار 1- تناول الفشار يمنع استمرار الشعور بالجوع.

2- الفشار وجبة خفيفة زهيدة الثمن. 3- الفشار غني بالألياف المفيدة لضبط سرعة ارتفاع نسبة سكر الدم وإعاقة امتصاص الكولسترول وتسهيل خروج فضلات الطعام.

4- الفشار وجبة خفيفة لا ترهق الجسم بكمية عالية من الطاقة.

5- الفشار وجبة خالية من الدهون المشبعة، متى ما تم إعدادها بطريقة صحية.

6- الفشار الخالي من الإضافات لا يحتوي على الصوديوم، ملح الطعام.

7- الفشار الطبيعي خال من السكريات الحلوة السهلة الامتصاص، والتي ترفع من نسبة سكر الدم بسرعة.

8- الفشار وجبة خفيفة مناسبة لمرضى السكري ولمرضى القلب ولذوي وزن الجسم الزائد، متى ما تم حساب كمية الطاقة وتم إعداده بطريقة صحية.

* اختلاف في القيمة الغذائية والتأثيرات الصحية بين فشار بلا اضافات وآخر بالميكروويف

* تكتسب الوجبات الخفيفة للفشار مزايا صحية إيجابية نظراً للقيمة الغذائية لمحتويات حبوب الذرة الطبيعية. ولكن الملاحظ أن اختلاف طريقة إجراء عملية الفرقعة لحبوب الذرة بفعل الحرارة، تترك آثاراً مختلفة، سلبية أو إيجابية، على القيمة الغذائية للفشار.

والمقارنة تُشير إلى المقصود حينما نُجريها بين فشار عادي وخال من أية إضافات، أي الذي تم إعداده بجهاز الهواء الساخن Air-Popped Popcorn ، وبين ذلك الفشار المشبع بزبدة الدهون ونكهاتها، أي الذي إما أن يتم إعداده في جهاز الميكروويف microwave popcorn ، أو في قِدْر الطبخ العادي.

وللتوضيح، فإن مقدار الطاقة في كمية من الفشار بحجم 4 أكواب هي حوالي 122 كالورى. والكوب الواحد من الفشار يزن حوالي 8 غرامات. وبالتفصيل فإن الكمية تلك من الفشار بها 5 غرامات من الألياف، و 4 غرام من البروتينات، و25 غراما من النشويات، وخالية من السكريات البسيطة، أي السكريات الحلوة الطعم والسريعة الامتصاص في الأمعاء. وكمية الفشار تلك تُمد الجسم بحاجته اليومية من المغنيسيوم بنسبة 16%، ومن الزنك بنسبة 10%، ومن الحديد ومن السيلينيوم بنسبة 8%، ومن فيتامينات بي والفوليت بنسبة 6%. وتحتوي على كمية لا تُذكر من الصوديوم. لكن هذا ليس كل شيء، لأننا لو نظرنا إلى ما في تلك الكمية من الفشار حينما يكون من النوع الخالي من الإضافات والمُعد بجهاز الهواء الساخن فإننا نجدها تحتوي على 1,4 غرام من الدهون، منها 0,2 غرام فقط دهون مشبعة، والباقي دهون صحية غير مشبعة. منها 0,4 غرام من دهون أوميغا-3 الصحية. أي من فصيلة دهون زيت السمك الصحية. أما لو نظرنا في النوع المُعد بجهاز الميكروويف، والذي يتطلب أن نُضيف إلى حبوب الذرة كمية من الدهون حتى نحصل على طعم شهي ومميز، فإن كمية أربعة أكواب من الفشار ستحتوي على 170 كالورى. والارتفاع في كمية الطاقة سببه احتواء هذه النوعية من الفشار على 12 غراما من الدهون، منها حوالي 3 غرام من الدهون المشبعة.

هذا من جانب ارتفاع كمية الطاقة والدهون المشبعة في أنواع الفشار المُعدة بالميكروويف أو في القِدْر. لكن هناك أيضاً جانب صحي سلبي آخر، وهو احتواء أنواع الزيوت النباتية المُهدرجة بطريقة صناعية، والمُستخدمة في إعداد الفشار بالميكروويف أو القِدْر، على كميات من الدهون المتحولة Trans fats. ولذا فإن الحرص منّا حال الرغبة في تناول الفشار، هو نحو انتقاء الأنواع الخفيفة، الـ “لايت” “light" types ، في كمية الدهون. وهي أنواع أفضل لأنها تحتوي في كل كوب من الفشار على أقل من نصف غرام من الدهون المتحولة، وأيضاً على كميات أقل من الدهون المشبعة. وإذا ما أضفنا إلى هذا اختيار إضافة كميات أقل من الملح، فإننا سنكون أقرب إلى تناول فشار صحي وطبيعي.

وعلينا أن لا ننسى تأثير إضافة البعض ملح الطعام، كلوريد الصوديوم، أو إضافة سكر قصب السكر، السكر العادي، كوسائل لتحبيب طعم تناول الفشار. وكلاهما إضافة ذات تأثير على صحة ووزن جسم البعض <

* فشار فرقعة حبة الذرة.. حرارة وضغط وتفاعل لعدة مكونات

* تشير المصادر التاريخية إلى أن فشار حبوب الذرة، هو من اختراع الهنود الحمر، السكان الأصليين لقارة أميركا الشمالية. وتجتمع في حبة الذرة عدة عوامل ومميزات، تجعل منها حبة مثالية لتكوين الفشار. وتمتاز قشرة حبة الذرة بأنها غلاف صلب وقوي. والأهم، بأنها غلاف غير نفّاذ لتسرب الرطوبة والماء من داخل حبة الذرة. كما تمتاز النشويات السكرية بداخل حبة الذرة، بأنها من النوعية الصلبة والمُركزّة. وتحتوي حبة الذرة على كمية من الماء وكمية من الدهون.

والذي يجري أثناء عملية تعريض حبة الذرة للحرارة العالية، وصولاً إلى فرقعة تكوين الفشار هو ما يلي:

نتيجة للتعرض للحرارة، يبدأ تسخين الدهون والماء بداخل حبة الذرة، وصولاً إلى درجة غليان كل منهما. ولأن قشرة حبة الذرة صلبة ولا يسهل تسرب السوائل منها، فإن الحرارة المحتبسة فيها تبدأ في التأثير على المواد السكرية النشوية. وهنا تتحول تلك النشويات الصلبة والمُركزّة، إلى حالة جيلاتينية gelatinization ، أي تُصبح لينة وطرية.

ونتيجة لهذه التأثيرات الحرارية على مكونات ما بداخل حبة الذرة، يبدأ الضغط بالارتفاع في داخل تلك الحبة المُغلفة بإحكام. لكن الأمور لا تبقى على حالها المُتماسك عند وصول مقدار الضغط داخل حبة الذرة إلى مستوى 930 كيلو باسكال ((kPa kilopascals، وذلك عند وصول الحرارة إلى حوالي 180 درجة مئوية. بل تحصل عملية فرقعة حبة الذرة وخروج مكوناتها من النشا الجيلاتيني والبروتينات، والتي تتمدد في الهواء كرغوة لا تلبث أن تجف على هيئة فشار منفوش الهيئة، ومقرمش القوام، من لدائن polymers النشا والبروتينات.

وللتقريب، فإن الضغط الذي يبلغ 1 بار bar يُعادل 100 كيلو باسكال. و 1 بار هو تقريباً مقدار الضغط الجوي عند سطح البحر. وضغط إطار السيارة يُعادل حوالي 2,3 بار (اثنان فاصلة ثلاثة بار) . وعليه فإن ضغط 930 كيلو باسكال داخل حبة الذرة، اللازم قبل فرقعة حبة الذرة لتكوين الفشار، يُعادل تقريباً ثلاثة أضعاف الضغط داخل إطار السيارة! ولذا فإن عملية فرقعة حبوب الذرة، لتكوين الفشار، تحتاج إلى رفع متدرج ومدروس للحرارة. وذلك كي تتم عملية الفرقعة لكل حبوب الذرة المُراد إنتاج الفشار منها، وأيضاً لإنتاج فشار ذا قوام وهيئة هشة. ولو تمت عملية التسخين بسرعة، لحصل ارتفاع الضغط وفرقعة القشرة دون حصول عملية تكوين جيلاتين النشا والبروتينات. أي فشار ذا مكونات صلبه في لبه. وإذا ما كان ارتفاع الحرارة بطيئاً ولمدة طويلة، فإن طبقة قشرة حبة الذرة لا تقوى على حجب تسريب الماء والدهون من دخل حبة الذرة. وبالتالي لن يرتفع مقدار الضغط داخل حبة الذرة لحصول عملية الفرقعة. ولذا فإن تقييم نجاح إنتاج الفشار يعتمد على نسبة ما لم يتفرقع من حبوب الذرة، وعلى حجم الفشار المتكون من كل حبة للذرة.<