جينات «عاطلة».. تسهم في حدوث مرض التوحد

في دراسة على عائلات من منطقة الشرق الأوسط

TT

> اكتشف باحثون في جامعة هارفارد الاميركية عددا من الجينات الجديدة التي تساهم في حدوث مرض التوحد، وطرحوا فرضية ان المرض يحدث في مخ الطفل الذي لم يتمكن بشكل مناسب، من النمو وإتمام توصيلاته وروابطه العصبية. وتشير نتائج الدراسة الى وجود جينات معطلة او “عاطلة” عن العمل، وليست مفقودة، وهو الامر الذي يفسر ظاهرة مساعدة التعليم المكثف لبعض مرضى التوحد، اذ ان بعض الجينات المرتبطة بالتجارب الحياتية لم تكن مفقودة لديهم.

واشار الباحثون الى ان المرض يظل ذاتيا في ابعاده، بحيث لا يمكن وضع اختبار جيني محدد له. وقال الدكتور كريستوفر وولش رئيس قسم علوم الجينات في مستشفى الاطفال في بوسطن الذي اشرف على الدراسة المنشورة في مجلة “ساينس” في 11 يوليو الماضي ان”كل طفل مصاب بالتوحد تقريبا، له سببه الخاص بالاصابة به”.

وركز الباحثون اهتمامهم على دراسة الجينات في منطقة الشرق الاوسط التي تنتشر فيها العائلات الكبيرة ويكثر التزاوج بين الاقارب، الامر الذي يقود الى احتمال اكتشاف جينات نادرة. ودرسوا 88 عائلة من الاردن والسعودية والكويت وعمان والامارات العربية وقطر وباكستان وتركيا. وقارنت الدراسة بين الحمض النووي “دي ان ايه”، وهو المادة الجينية، لافراد العائلات بهدف البحث عن التشوهات الارتدادية في الجينات، حيث قد يحمل الأب والأم عيبا جينيا الا انهما يظلان سليمين، لكن طفلهما الذي يرث ذلك العيب يقع مريضا.

ووجد الباحثون لدى بعض العائلات ان منطقة كبيرة من مناطق “دي ان ايه” كانت مفقودة، كانت مرتبطة بالتشوهات الارتدادية recessive mutations. وقد تفاوتت امتدادات المناطق المفقودة لدى العائلات المدروسة الا انها كانت تؤثر على ستة جينات تلعب دورها في حدوث التوحد.

وظهر ان هذه الجينات تبدو وكانها تمثل جزءا من شبكة تختص بأساسيات التعلم، أي طريقة تعلم الخلايا العصبية لكيفية الاستجابة للتجارب الجديدة التي يمر بها الشخص، وقيامها بتشكيل اتصالات وروابط بين كل منها (الخلايا).

وتظهر هذه الروابط العصبية ثم تنضج عادة في السنة او السنتين الاولى من العمر من نمو مخ الطفل اثناء تعرضه لتجارب الحياة، الامر الذي يمكنه من التعلم وتنفيذ المهمات الاخرى في حياته اللاحقة. وهي نفس الفترة التي تظهر فيها اعراض مرض التوحد.

وقال وولش ان هذه الجينات تضاف الى الجينات الاخرى التي اكتشفت علاقتها بحدوث التوحد. ولا تشكل الاسباب الجينية سوى نحو 15 في المائة من اسباب المرض.

وعلق غاري غولدشتاين الباحث في معهد كندي كريغر في بالتيمور الاختصاصي في العلاج السلوكي لمرضى التوحد، الذي لم يشارك في الدراسة، بان “الدوائر (العصبية) تظل موجودة.. وهي لا تحتاج سوى الى دفعة” لعملها. ونقلت عنه وكالة “اسيوشيتد بريس” ان هذه النتائج الجينية تشير الى ان “ما نقوم به تجاه هؤلاء المرضى الصغار هو شيء جيد.. فبالعمل والعمل والعمل قد يمكننا تحقيق النجاح” <