الطفل الرضيع والمغص

TT

كانت السعادة تملأ قلبي وأنا في طريقي من المستشفي إلى المنزل ومعي طفلتي الأول، فقد رزقنا بطفلة جميلة جدا. بعد الأسابيع الثلاثة الأولى بدأت حياتنا تتغير بالمنزل وبدأت الكوابيس، ففرحي أصبح خوفا، وكان القلق يساورنا عند كل مساء عندما تبدأ صغيرتنا الجميلة بالصراخ والبكاء، وتتشنج يداها ويتقوس ظهرها للخلف. وكان هذا المشهد يتكرر يوميا ويستمر لمدة ساعة كاملة. لم نجد أي شىء يهدئ من روعها، حاولنا كل شيء، من الهز، وزيادة جرعة تغذيتها، إلى حملها والطواف بها حول المنزل. أمسياتنا الهادئة أصبحت مرعبة، كنت أخاف من أن شيئا فظيعا حدث لطفلتي الوحيدة، لذلك كنا نأخذها باستمرار إلى المستشفى، وكثيرا ما كان الاطباء يخبروننا بأن نعود إلى منزلنا لأن الطفلة ليس بها شيء سوى مغص! هل يمكن أن يسبب المغص هذا؟ وما هو سببه؟ وكيف يمكننا وقف البكاء المستمر ومساعدة رضيعتنا المسكينة؟ أم خديجة.

الأسئلة والمخاوف التي سردتها أم خديجة تواجه العديد من الآباء والأمهات في كل انحاء العالم. فالمغص عند الرضع بات من الأشياء الشائعة، حيث يشير الباحثون إلى انه يؤثر على 20 – 25 % من جميع المواليد الجدد، حتي أنه أصبح السبب الطبيعي في تعليل بكاء الرضع المستمر. ويعرف الدكتور موريس ويسل طبيب الأطفال الأميركي الشهير، المغص بالقانون الثلاثي "البكاء أكثر من ثلاث ساعات يوميا، لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع ويستمر لمدة ثلاثة أسابيع أو أكثر من في أول 3 أو 4 أشهر من عمر الطفل الصحيح والمغذي تغذية جيدة". ووفقا للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال فإن واحدا من بين كل خمسة أطفال يصاب بالمغص عادة بين الشهر الأول والرابع من العمر. ما هي أعراض المغص؟

* تبدأ اعراض المغص عادة من دون اية مقدمات فيبدأ الطفل بالبكاء والتهيج المستمر. وفيما يلي بعض من أكثر أعراض المغص شيوعا:

* البكاء أو الصراخ بصوت عال وعادة ما يكون متواصل لمدة ساعة أو أكثر.

* يبدأ البكاء عادة في المساء.

* قد يبدو الضيق علي الرضيع، او يرفع رأسه أو يقوس ظهره للخلف، أو يرفع ساقيه الى بطنه مع انكماش الايدي.

* قد تكون هناك غازات

* قد تكون البطن منتفخا

* من الصعب تهدئة الطفل.

* عادة ما يكون الطفل طبيعيا خلال النهار. ما هي أسباب المغص؟

* لم يتم التعرف الي سبب واضح للمغص بعد، ويؤكد أطباء الأطفال أن المغص ليس بسبب ألم يشعر به الطفل. فالطفل الرضيع الذي يعاني من المغص يشعر بالضيق في معدته. وتشير البحوث إلى أن المغص لديه اسبابه وطرقه المتعددة، هنالك عدة عوامل قد تساهم في حدوث المغص منها: - عدم نمو الجهاز الهضمي لدى الرضع لاتمام عملية امتصاص الغذاء بصورة كاملة. فما زالت عضلات المعدة تتعلم كيفية نقل الأغذية في الامعاء، هذا بالاضافة الي ان الاطفال حديثي الولادة ليس لديهم كمية كافية من البكتيريا الطبيعية في المعدة التي تساعد في عملية الهضم، فكل هذه العوامل تساهم في زيادة الغازات في البطن. - بعض الاغذية التي تتناولها الأم المرضعة قد تؤدي إلى المغص، مثل الاغذية الحارة وبعض الخضروات. - قد يأخذ الرضيع كثير من الهواء من خلال زجاجة التغذية. - القلق والتوتر على نطاق واسع يساهم في الشعور بالتوتر وعدم راحة الرضيع لانه يستطيع أن يشعر باجهاد وتوتر من حوله. - تغذية الطفل اكثر من اللازم يمكن أن يكون سببا في الشعور بالضيق في البطن. أفضل نصيحة نقدمها للوالدين هي محاولة تحديد العوامل التي تساهم في المغص ومحاولة القضاء على ألاسباب، وأحيانا قد يكون هنالك أكثر من سبب. أسباب أخرى لبكاء الطفل الرضيع

* ألاطفال بطبيعة حالهم يبكون دائما، فالبكاء هو الطريقة الوحيدة للتواصل معنا، ويتفق اخصائي الاطفال أنه من الطبيعي للرضع البكاء كل يوم، وفي بعض الأحيان من 2 إلى 3 ساعات يوميا ولكن لا تكون متواصلة. على هذا النحو توصي الدكتورة ميريام استوبارد خبيرة صحة وتنمية الاطفال الآباء أن يتعلموا اشارات أطفالهم ويكونوا علي استعداد لتلبية احتياجاتهم. فمن الأسباب ألاخرى للبكاء:

* الألم لأسباب صحية، ولكن في هذه الحالة يكون الطفل بائس ويبكي طول اليوم تقريبا وربما تظهر عليه اشارات أخرى بأنه غير طبيعي. إذا كنت تشعر أن طفلك لم يكتسب وزنا أو يعاني من الحمى، أو الإسهال مع القيء أوالبكاء المتواصل من الأفضل التشاور مع الطبيب.

* الجوع، الطفل الجائع سوف يبكي بهياج ولكن عادة يتوقف البكاء بعد إطعامه.

* التعب ، الأطفال لا يمكن أن يعبروا عن مشاعرهم بالارهاق والتعب ولذلك من المهم أن يتأكد الآباء من إعطاء أطفالهم فترات من الراحة.

* أحيانا يبكي الرضع لأنهم يحتاجون الي دفء وحنان.

* الطقس الساخن أو البارد قد يؤثر على الرضيع ويجعله يتوتر.

* احيانا يبكي الطفل اذا كان بحاجة الى تبديل الحفاظة. النصيحة التي يقدمها خبراء تربية الطفل هي القضاء على أبسط أسباب البكاء اولا، قبل التفكير في الاشياء الأكثر خطورة. ولكن في النهاية، لا أحد يعرف طفله أفضل من ابويه وإذا قررت اخذ طفلك إلى الطبيب لا تتردد. ما لا يجب ان تفعله:

* دائما ما يكون النصح بشأن ما ينبغي عمله في حالات معينة، ولكن في بعض الأحيان من المفيد معرفة ما لا يجب فعله، كما هو الحال في المغص هنالك بعض الوصفات والطرق يتم استخدامها لعلاج المغص، الا انها قد تسبب ضررا للطفل أكبر من نفعها، مثل:

* بنت الدهب، دواء تقليدي مستخدم بشكل شائع في المملكة العربية السعودية، إيران، الإمارات العربية المتحدة وبلدان أخرى لعلاج الإسهال، والمغص، والإمساك وبشكل عام للاطفال حديثي الولادة. بنت الدهب يحتوي علي مادة الرصاص وهي واحدة من الأسباب الرئيسية للتسمم بالرصاص بين الأطفال.

* توقف الرضاعة الطبيعية، يعتقد بعض الناس أن لبن الأم سيئ ويسبب المغص. لبن الأم غير ضار، ولا يمكن ان يسبب ضرر بالطفل. اذا انتبهت الام الي ما تأكله، ولكن يجب الا تتوقف عن تناول اطعمة مغذية لانها تحتاجها لانتاج لبن يغذي الرضيع.

* لا تعتمد علي المسكنات أو التخدير لتهدئة طفلك، الأدوية تسبب ضررا أكثر من نفعها. ما يمكنك القيام به

* الفترة التي يكون فيها طفلك يعاني من المغص فترة مجهدة لك وللطفل. وقد أظهرت البحوث زيادة ارتفاع نسبة الإصابة بالاكتئاب بعد الولادة للأمهات الذين يعاني اطفالهم من المغص. وعادة ما يحاول معظم الآباء طرق مختلفة لتخفيف حالة طفلهم، وليس هنالك طريقة واحدة تعمل مع كل طفل، في بعض الاحيان قد لا يكون لذلك أي تأثير. ولكن الخبر السار هو ان المغص يتوقف عادة بعد الشهر الرابع أو أقل من ذلك. لذا ينصح خبراء الأطفال الآباء بالا يضغطوا على أنفسهم لأن هذا سوف يسبب مزيدا من القلق للطفل المتوتر اصلا. تعلم كيف تخفف مغص طفلك بمنحه الراحة والدفء والحب، هذا هو إلى حد بعيد أبسط وأفضل الأدوية التي يمكنك إعطائه لطفلك حتى تهدأ العاصفة.

10 اقتراحات قد تساعد طفلك 1. حاولي عزل أسباب البكاء الأخرى البسيطة، وتأكدي من أن طفلك غير جائع، متعب ، أو يعاني من البرد او السخونة. 2. بعض الرضع يجدون المتعة في الهز او بضمهم اليكم. 3. التدليك بلطف علي معدة الرضيع قد يساعد في تخفيف الضيق فهو يساعد على خروج الغازات. 4. حاولي اطالة الفترة التي يتجشأ فيها طفلك بعد الرضعة لضمان خروج معظم الهواء. 5. إعطي طفلك مشروب دافئ من الاعشاب مثل شاي الكامومايل او اليانسون، فهذه المشروبات تريح طفلك وتهدئ المغص. 6. حاولي تجنب الأطعمة التي تسبب الغازات إذا كنتي ترضيعين طفلك. 7. تعلمي التزام الهدوء وعدم الانزعاج عند بكاء طفلك، فإذا كنتي متوترة ومرهقة فانت مازلتي في بداية الطريق، سيكون امامك طريقا طويلا. 8. خصصي وقتا للاعتناء بنفسك وتخصيص وقتا للراحة، إذا كنتي تشعرين بالارهاق والتوتر سيشعر طفلك بهم وسوف يتأثر سلبا. 9. حاولي عدم تعريض طفلك للضوضاء والازدحام. عندما يبكي خذيه إلى مكان أو منطقة هادئة وحاولي تهدئته بعيدا عن التلفزيون أو غرفة مزدحمة. 10. حاولي لف طفلك بغطائه أو حمله بطريقة تضغط برفق على بطنه، فالدفء سوف يهدئ الطفل والضغط الخفيف سيساعد على خروج الغازات.

* اخصائية في الصحة العامة [email protected]