اجعل الصحة النفسية أولوية عالمية

السعودية ترفع شعار: «معنا للحياة معنى» في اليوم العالمي للصحة النفسية

TT

تضع منظمة الصحة العالمية، كل عام، محاور معينة لتبنيها خلال فعاليات اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يقام في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام. وتقوم بنشرها مع كيفية تغطيتها من قِبل المنظمات الصحية بدول العالم، ويتم الترشيح للفوز بجائزة المنظمة العالمية لمن قام بتغطية المحاور المحددة وساهم في نشرها.

وقد كانت المملكة العربية السعودية إحدى الدول الفائزة في تغطية محاور فعاليات عام 2006، التي كانت تحت شعار «جدد حياتك».

وحول فعاليات اليوم العالمي للصحة النفسية لعام 2008، يتحدث الى «صحتك» الدكتور محمود عبد الرحمن محمود، استشاري طب المجتمع والمشرف على إدارة التدريب ومستشار التخطيط والتطوير بمجمع الأمل بالرياض، موضحا أن فعاليات هذا العام تتركز في عدة محاور، أهمها:

* التحرك لدعم الصحة النفسية وجعلها أولوية عالمية.

* وضع الصحة النفسية العالمية.

* تقديم وإبراز أمثلة عن دعم الصحة النفسية في العالم.

* رفع مستوى الخدمات: نداء للتحرك وتوفير الرعاية الكاملة.

* دور الأسرة والمتخصصين في توفير الرعاية. وأشار الدكتور محمود محمود، إلى أن شعار اليوم العالمي للصحة النفسية 2008 هو «اجعل الصحة النفسية أولوية عالمية»، وأن المملكة رفعت شعار: «معنا للحياة معنى»، وأن المنظمة تنوه بأن التوعية المناسبة ووسائل الدعم تعتبر حجر زاوية في التقدم في صعيد الرعاية النفسية. وتعتبر المنظمة أن كلا من «دوروثي ديكس» و«إليزابيث باكر» كانتا السباقتين في إثارة المشاكل العقلية خلال العصر الحديث منذ عام 1800 وتبعهما في عام 1900 «كليفورد بيرز». وقد كانت الصحة النفسية في الغرب خلال حقبة ما قبل 1970، تعني للكثيرين العار الذي يلحق المصاب به فيتفاداه المجتمع وينبذه. وقد تغيرت هذه النظرة إلى درجة كبيرة رغم بقاء وصمة المرض النفسي في كثير من المجتمعات التي تمثل عائقا من تلقي المريض للخدمات المناسبة في مجال الصحة النفسية. وفي التاريخ الإسلامي بدأ الاهتمام بالأمراض النفسية ومعالجتها منذ فجر الإسلام وعرفت المصحات النفسية في مصر والعراق منذ القرن الهجري الثاني.

وتتساءل المنظمة: مَن المسؤول؟، هل هي الحكومات، وزارات الصحة، المنظمات غير الأهلية، المتخصصون في تقديم الخدمة، والمستشفيات الخاصة أم المراكز الاجتماعية؟.

الجواب: الجميع مسؤولون، ولربما تخطت المسؤولية كل الأطراف جماعات وأفرادا ليضطلع كل فرد بالمسؤولية ووجوب قيامه بدور في هذا الجانب تجاه نفسه وعائلته ومجتمعه.

بلوغ الأهداف

* لكن أي آليّة نعتمد لبلوغ أهدافنا؟

يقول الدكتور محمود: الجوابُ بسيط، فمُفتاح التغيير يكمن في التحرّك والدعم فدعم الغير هو «التعبير عن رأيه» و«التصرف نيابة عنه» ودعم حقوق المصابين للحد من الوصمة التي تطالهم والحد من مختلف أشكال التمييز تجاههم.

ويشير الى تشديد الاتحاد العالمي للصحة النفسية على إعادة النظرة للمرض النفسي وتصنيفه من حيث الأهمية سعياً لتحسين وسائل التشخيص والعلاج نحو رفاهية الفرد والمجتمع. فهناك 12% من البشرية يعانون من اضطرابات نفسية، و450 مليون مريض نفسي ربعهم فقط يتلقون رعاية صحية.

وبدأت منظمة الصحة العالمية مشروع «أطلس الصحة النفسية» لتغطية 99% من سكان العالم وشمول الدول الأعضاء كذلك المنتسبة للمنظمة التي تمثل في مجموعها 203 دول، كذلك مشروع «تقييم أنظمة الصحة النفسية» لجمع معلومات أكثر شمولية وقد تم تغطية 42 بلداً حتى الآن، التي وضح منها ندرة الموارد وتوزيعها غير المتكافئ وانعدام الفعالية في كثير منها.

ويشير تقرير المنظمة إلى أن التشريعات موجودة في 78% من تلك البلدان، 60% من هذه القوانين تم سنها منذ ما قبل الستينات، غير أن تلك السياسات لا تطبق سوى في ثلثي دول العالم وبدرجات متفاوتة.

خدمات الصحة النفسية

* تعتبر المنظمة أن تقديم الخدمات المجتمعية إلى جانب الخدمات العلاجية والمستشفيات يعد الشكل الأكثر فعالية في تقديم الخدمات النفسية ولا تتعدى نسبة تقديم الخدمات المجتمعية للمصابين بأمراض نفسية في بلدان أفريقيا وجنوب شرق آسيا وبلدان الشرق الأوسط النصف. ويمثل ارتفاع نسبة الأسرة المخصصة بالمستشفيات النفسية مقارنة بمراكز الرعاية العادية والمجتمعية إلى تفضيل بعض الدول نظام الرعاية والمراقبة المباشرة للمصابين بأمراض نفسية.

الموارد البشرية

* ان عدد المختصين في الصحة النفسية بشكل عام غير كاف وتمثل هجرة المختصين للدول الأغنى إحدى المشكلات، حيث يتدنى متوسّط عدد أطباء الصحة النفسية في البلدان ذات الدخل المنخفض إلى طبيب لكل مائتي ألف شخص، والتمريض النفسي يمثل أقل من واحد لكل مائة ألف شخص. أضف إلى ذلك سوء التوزيع، حيث يتركز المتخصصون في المدن الكبرى ويصل عددهم إلى خمسة أضعاف الموجود في المناطق الريفية، ولا يجد 64% من سكان الريف خدمات الصحة النفسية العيادية.

وتنوه المنظمة إلى أن أحد الحلول هو دمج الصحة النفسية بالرعاية الصحية الأولية مع تدريب كوادر الرعاية الصحية الأولية لتقديم الخدمات النفسية المجتمعية والعلاجية، ورغم تطبيق هذا الدمج في بعض الدول، إلا أن التدريب لمزودي الرعاية الأولية في مجال الصحة النفسية لا يتعدى 111 دولة بنسبة 59%، إضافة إلى أن الكثير من هذه الخدمات لا تستوفي الشروط المطلوبة.

الموارد المالية

* تفتقر 30% من الدول لميزانية للصحة النفسية، وهناك فقط 101 دولة تخصص ميزانية لها، 25% منها تخصص أقل من واحد في المائة من ميزانيتها الإجمالية. وإذا عرفنا أن التكاليف النثرية للأدوية المضادة للأمراض الذهانية تمثل ما نسبته 7.5% من الحد الأدنى للأجر اليومي في البلدان ذات الدخل المنخفض، مما يمثل عبئاً على كاهل المرضى المصابين وذويهم، بينما تنخفض النسبة لتصل إلى 3.5% في الدول الأغنى.

العواقب

* تنوه منظمة الصحة العالمية الى العواقب المحتملة من سوء استخدام وتوزيع الموارد والفجوة الهائلة في تقديم الخدمات على زيادة نسبة المرضى في الأمراض النفسية الخطيرة، حيث يبين المسح الذي قامت به على وجود ما نسبته من 35 إلى 50% منها في الدول المتقدمة و76 إلى 85% في البلدان الأقل نمواً، لم يتلق فيها هؤلاء المرضى علاجاً خلال الاثني عشر شهراً الماضية، منها 32% لحالات الفصام و56% لحالات الاكتئاب و78% للحالات الناجمة عن إدمان الكحول، حيث تبقى نسبة من تلقوا العلاج الفعال قليلة.

خدمات الصحة النفسية

* إن دعم خدمات الصحة النفسية يتطلب:

ـ الحاجة إلى اهتمام وطني بالصحة النفسية.

ـ ضرورة التطرق إلى وصمة العار تجاه المصابين بأمراض نفسية في المجتمع بأسره وليس في مجال الرعاية فحسب مع مراعاة حقوق المرضى وتوفير وسائل التشجيع لطلب العلاج وفرص العمل والمسكن.

ـ تخصيص موارد مالية مستدامة للصحة النفسية وتقليص الحواجز المتمثلة في نقص الخدمات.

ـ بناء وتدريب الكوادر والقدرات ضمن الرعاية الصحية والاجتماعية القائمة.

ـ التوظيف للخدمات الاجتماعية.

ـ الحاجة إلى توفير معلومات أشمل وأوسع عن خيارات العلاج المتاحة.

ـ تشجيع إنشاء مجموعات الدعم العائلية والأهلية والمتخصصين في توفير الرعاية.

ـ التزام المريض والمتخصصين بتوفير الرعاية لأساس لتحقيق نتائج أفضل.

أما العوائق الأساسية أمام تطور هذه الخدمات فهي:

ـ غياب الصحة النفسية عن جدول أعمال الصحة العامة وتأثير ذلك في التحويل المخصص لها.

ـ التنظيم الحالي لخدمات الصحة النفسية.

ـ نقص التكامل ضمن الرعاية الصحية الأولية.

ـ نقص في مستوى القيادات والخبرات في مجال الصحة النفسية.

الاهتمام بالصحة النفسية

* نادى جراح أميركي عام 2001 بأن الوقت قد حان للاهتمام بالصحة النفسية في العالم، ونحن ندرك أن:

ـ المشكلات النفسية قد تؤثر بشكل ملحوظ في المشاكل الطبية الأخرى.

ـ العبء ثقيل على المستويات الطبية والاجتماعية والاقتصادية.

ـ العلاجات المؤثرة موجودة ومتوفرة لعدد كبير من الاضطرابات النفسية.

ـ الأفراد المصابين بأخطر الاضطرابات النفسية يمكنهم المشاركة في الأعمال الإنسانية كافة.

ـ الاحتياجات الخاصة موجودة بين مجموعات مختلفة، منها الأولاد والمسنون والنساء والأقليات وغيرها.

ـ ندرك تماماً أن الحواجز المتمثلة في نقص الخدمات المتاحة والملائمة ومنها الخدمات الثقافية واللغوية تحول دون تلقي المصابين الرعاية التي يحتاجونها.

ـ هذه المشاكل عالمية وتطال البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء.

ـ الفجوة كبيرة وقائمة بين ما نعرفه ونطبقه.

ـ عدد الذين يوفرون الرعاية غير كاف.

ـ قوانين الصحة النفسية غائبة أو غير محدثة في عدد كبير من البلدان.

ـ رعاية الصحة النفسية في كثير من البلدان تشكل أقل من 1% من الميزانية الإجمالية للصحة.

ـ رغم مرور سبع سنوات على إطلاق تقرير المنظمة عن الصحة النفسية ما زال عدد كبير من البلدان يفصل بين مسائل الصحة الجسدية والنفسية ويبخل في بذل الجهود لدمج الخدمات والبرامج في نظام شامل للرعاية الصحية، رغم أن عبء الأمراض النفسية يكلف العالم مليارات الدولارات <