تشوهات الأسنان تنعكس سلبا على الانسان وحالته النفسية

كثير من الناس يشعرون بالثقة والرغبة في الابتسام بعد تقويم أسنانهم

TT

تسمع أحيانا من شخص أجرى علاج التقويم لأسنانه أنه مسرور جدا للنتائج التي يؤكد أنها تعني له الكثير، خصوصا إذا كان في الماضي يحاول اخفاء ابتسامته عند لقاء الناس بينما أصبح بعد تعديل أسنانه وانتهائه من علاج التقويم أكثر بهجة وشجاعة لمواجهة الجمهور والتحدث اليهم متفاخرا بجمال ابتسامته. والغريب ان بعض الناس الذين تتغير حياتهم ونفسياتهم بعد اجراء عملية التقويم لم تكن ابتسامتهم سيئة كما ان بعضهم كان وسيما لدرجة كبيرة ومع ذلك كان متأثرا جدا عندما كانت أسنانه الأمامية معوجة وغير متناسقة. وعدد من أطباء الاسنان يرون تغييرا هائلا في نفسيات المرضى بعد تجميل أسنانهم وحصولهم على ابتسامة هوليوود.

هذه أدلة من أرض الواقع دفعتني الى كتابة هذا الموضوع وهو علاقة تشوهات الأسنان والفكين بالحالة النفسيه للانسان. ولكي أبين للكبار والصغار أهمية علاج الابتسامه ومدى تاثيرها في نفوسنا ونفوس ابنائنا. وفي نفس الوقت أحثهم على الحرص على الحصول على ابتسامة أفضل اذا كانت غير ذلك. لأن تقويم الأسنان يهدف الى الحصول على حالة نفسية أجمل وذلك عن طريق الحصول على ابتسامة أجمل.

الرسم الكاريكاتوري المعهود للشخص غير الفطن عادة ما يكون لشخص ذي أسنان بارزة، كما أن شكل الساحرة الشريرة يتميز دائما ببروز الفك السفلي. وهذه كلها أدلة بديهية على نظرة الناس لأولئك المصابين بتلك التشوهات. أما بالنسبة للدليل العلمي فقد أثبتت دراسات كثيرة العلاقة المباشرة بين مشاكل اطباق الأسنان وتشوهاتها وبين الحالة النفسية للانسان. ففي دراسات نشرت في المجلة الأميركية لتقويم الأسنان توصلت النتائج إلى أن الابتسامة الجميلة والأسنان المرصوصة تعطي انطباعا ممتازا عن ذلك الشخص أيا كان عمره أو مستواه الاجتماعي، على عكس الأسنان الأمامية البارزة أو المشوهة والتي تعطي انطباعا سلبيا عند مقابلة الجمهور.

ويقول ويليام بروفت في كتابه "طب تقويم الأسنان المعاصر" إن المظهر له تأثيره في انطباع المدرسين والمدرسات الأولي عن الطلبة وتعاملهم معهم، كما ان له تأثيرا على نتائج الطلبة في امتحاناتهم ومدى نجاح الباحثين عن عمل في مقابلاتهم الشخصية، وكذلك على الباحثين عن رفيق العمر من الجنسين. بالتأكيد جمال الوجه والابتسامة له المردود الايجابي في تلك العلاقات مهما كانت مهارة الممتحنين في الحفاظ على الحياد. كما أضاف إن تلك الدراسات التي يتم فيها اختبار ردود الفعل النفسية لدى عينة من الناس عند اطلاعهم على صور مختلفة لتشوهات مختلفه للأسنان والفكين، أثبتت ان تلك الردود متشابهة إلى حد كبير في الأعراق الجنسية المختلفة. فتبقى الابتسامة الجميلة جميلة أين ما حلت وبغض النظر عن من يقيمها أو أي خلل فيها. فمثلا الأسنان البارزة ليست جذابة لدى كثير من الشعوب حتى تلك التي تتميز ببروز معتدل للأسنان. فالعالم الآن أصبح عالما واحدا بفضل الاتصالات الحديثة ولذلك يمكن أن نسمي العالم الآن عالم الساتيلايت صاحب الثقافة والمعايير المتشابهة. والشئ المثير ان المشاكل النفسية الناتجة عن تشوهات الأسنان والفكين لا تتناسب طردا مع سوء التشوه. فمن لديه تشوه ملحوظ جدا لا يتأثر بنفس المقدار الذي يتأثر به ذلك الذي لديه تشوه أقل سوءا وأقل ملاحظة من قبل الناس. فالأول قد تعود على نظرة الناس له وهي واحدة لا تتغير فلا يلقي لها بالا ولا يهتم كثيرا لرأي الناس. ولكن الخوف دائما من المواجهات غير المتوقعة أحيانا والتي تحصل أكثر مع من لديه تشوهات أقل سوءا والذي عادة مايتأثر أكثر بطريقة سلبية قد تؤدي إلى اضعاف الجانب النفسي لدى الشخص. وفي مقالة حديثة قبلت للنشر في مجلة تقويم الأسنان الأميركية هذه السنة درسنا تأثير تشوهات الأسنان على الانسان وحالته النفسية ووظائف الفم والتي أكدت العلاقة القوية بين تلك التشوهات والحالة النفسية والتي تتأثر سلبا عند الأشخاص الذين يعانون من تشوهات في أسنانهم.

ومن أكثر التشوهات تأثيرا على الانسان بروز واعوجاج الأسنان وخاصة العليا كونها في واجهة الفم. كما أن بروز الفك السفلي يعد مشكلة يحاول المريض علاجها مهما كان الثمن. وهناك الكثير الذين يمتنعون عن الابتسام بسبب اظهارهم لجزء كبير من اللثة العليا أثناء الضحك والذي أيضا يجعلهم يوافقون على علاج التقويم حتى ولو تطلب تدخلا جراحيا. كما أن لون الأسنان له دور كبير في اعطاء الأسنان رونقا خاصا يبحث عنه الكثيرون وأصبح موضة لدى النساء خاصة.

ويعتمد تأثير تشوهات الانسان على عامل مهم جدا وهو شخصية الانسان ومدى قناعته ورضاه العام عن الحياة. فهناك من يتأثر من اعوجاج أسنانه والذي لا يتعدى سنا واحدة ويتنقل من عيادة إلى أخرى للبحث عن حل لذلك. وفي المقابل هناك من لا يتأثر حتى وإن كانت أسنانه شديدة التشوه أو لو كان بدون أسنان. فالموضوع نسبي إلى حد كبير ولكن حسب الدراسات فإن هؤلاء الذين لا يتأثرون قليلون جدا لا يمكن أخذهم كمقياس لقياس تلك العلاقة.

إن الأنسان بطبيعته يبحث عن التميز وخاصة من هم في مقتبل العمر. فالطفلة تبدأ بالنظر في المرأة حول سن البلوغ وتريد ان تكون أجمل من في الكون، فلا نريد ان تقف ابتسامتها أو أسنانها عائقا في تحقيقها لذلك الاحساس وجعله حقيقه لأن ذلك سينعكس ايجابا على نفسها وشخصيتها. وكذلك الطفل فهذه سنة الحياة. ومن المهم للأب وللأم أن يحاولا النظر إلى هذا الجانب بطريقة جدية وعدم منع أبنائهم من تحقيق ما يحلمون به. فالبعض يتحرج من عمل تقويم الأسنان لأبنائه كونه متعبا ومكلفا. وأقول لهؤلاء إن هذا ليس سببا مقنعا يجعلنا ندمر أبناءنا وشخصياتهم ونجعلهم ينمون وفي نفوسهم عائق يقلل من نجاحهم الاجتماعي.

كما أقول للكبار أيضا إن حصولكم على ابتسامة أفضل قد يحقق لكم كثيرا من النجاح في جوانب مختلفة من الحياة، فكثير منا لا يبتسم ولا ينطلق بسبب خجله من اعوجاج أسنانه أو تقدم فكه أو سواد أسنانه أو غير ذلك، فالحل موجود والقادم أجمل < أستاذ مشارك واستشاري تقويم الأسنان [email protected]