أمراض معدية خطيرة.. في موسم الحج

أهمها الكوليرا والتهاب السحايا

TT

يبذل المسؤولون في المملكة أقصى الجهود ويسخرون كافة الإمكانات المادية والبشرية لتوفير الرعاية الصحية للحجاج، من مستشفيات ومراكز صحية واسعافية توجد على الطرقات التي يؤمونها في رحلة الحج. إلا أن الزحام الشديد الذي يتميز به الحج أمر لا يمكن التغلب عليه ولا على تبعاته التي تساعد في انتقال العدوى وخاصة الأمراض الفيروسية والجرثومية، وانتشار الأمراض المعدية بينهم وخاصة المسنين من الحجاج الذين يتعرضون للمشقة الجسدية أسرع من غيرهم، فيصابون بالإجهاد وضعف المناعة وبالتالي احتمال الإصابة بالأمراض المعدية المختلفة، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار اختلاف المناخ بين البلد الأصلي للحاج ومنطقة المشاعر المقدسة إضافة الى ارتداء الاحرام وكذلك اختلاف الثقافات والبيئات والعادات السلوكية غير الصحية، خاصة فيما يتعلق بوسائل الوقاية من النظافة وعدم استعمال أدوات الغير أو البصق على الأرض وغير ذلك .

وعن انتقال الأمراض اثناء الحج يقول الدكتور خالد بن عبيد ظفر مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة إن وجود ملايين المسلمين من جميع أنحاء المعمورة باختلاف لغاتهم وثقافاتهم ومستوياتهم الصحية في بقعة محددة وأيام معدودات من الزمن أمر يشكل ظرفاً مواتياً لانتقال مسببات الأمراض المعدية وخاصة تلك التي تنتقل عن طريق الرذاذ أو من خلال التنفس أو من خلال تلوث الطعـام أو المـاء ببعض الميكروبات. وهذا الوضع يتطلب استنفار جميع الجهود الوقائية والعلاجية من قبل المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة والجهات ذات العلاقة بهدف وقاية هذا التجمع العظيم من التعرض لهذه الأمراض وخاصة الكوليرا - الحمى المخية الشوكية النيسيرية - حمى الضنك - إنفلونزا الطيور - حمى الوادي المتصدع - شلل الأطفال - الحمى الصفراء – الطاعون - حمى القرم – حمى الكونغو النزفية.

ولتحقيق هذا الهدف قامت المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة بالتنسيق مع الوكالة المساعدة للطب الوقائي بإعداد دليل للإجراءات الوقائية وإجراءات المكافحة للأمراض المعدية ذات الأهمية وفاشيات الأمراض المنقولة بالغذاء خلال موسم الحج للاستفادة منه من قبل كافة العاملين والمشاركين في تقديم الخدمات الوقائية والعلاجية المتكاملة للحجاج.

أما الدكتور عبد الحفيظ بن معروف تركستاني أخصائي الوبائيات مساعد المدير العام للرعاية الصحية الأولية والطب الوقائي بمنطقة مكة المكرمة، فقد أضاف أن التقاء هذا الجمع الهائل من البشر في مكان وزمان واحد يتيح الفرصة لانتقال مسببات الأمراض من حاملي بعض مسببات الأمراض أو العدوى ولذلك يقوم برنامج الطب الوقائي بجهود كبيرة لتقديم الخدمات الوقائية لضيوف الرحمن وخاصة في توفير مياه الشرب النقية والإصحاح البيئي والتخلص الصحي من الفضلات ومكافحة الحشرات والهوام ونشر الوعي الصحي بين الحجاج في بلدانهم وفي المشاعر المقدسة. وكذلك إصدار الاشتراطات الصحية للقادمين للحج والعمرة والتي تشمل الإجراءات الاحترازية والوقائية وإجراءات المكافحة للأمراض المعدية ذات الأهمية خلال موسم الحج.

* الكوليرا.. مرض معوي حاد

* مكة المكرمة: د. عبد الحفيظ يحيى خوجة * يعتبر مرض الكوليرا من الأمراض المهمة في موسم الحج في ظل الظروف الصحية الراهنة التي يمر بها العالم، مما يحتم وضع اجراءات وقائية مشددة لحماية الحجاج والمواطنين.

أفاد الدكتور عبد الحفيظ تركستاني أن الكوليرا مرض بكتيري معوي حاد قد يظهر في صورة حالات بسيطة يصاحبها إسهال فقط أو في صورة شديدة قد يتعدى فيها معدل الوفاة نسبة 50% إذا لم تعالج بصورة صحيحة، أما مع العلاج الصحيح فيكون المعدل أقل من 1%.

تبدأ الحالة بإسهال خفيف دون أي مضاعفات تذكر خاصة بين الأطفال، وبعض الحالات تبدأ الأعراض فيها، فجأة، بإسهال مائي غزير من دون أي أعراض مصاحبة بالبطن ويكون الإسهال مشابها لماء الأرز. ويتبع الإسهال قيء مما يؤدي إلى فقدان سوائل الجسم والأملاح (الجفاف)، وفي حالة عدم تعويض السوائل تحدث صدمة ثم الوفاة.

ويتم التأكد من التشخيص مخبرياً من خلال: - زرع ضمّات الكوليرا vibrio المفرزة للسموم من أي من الزمرتين المصليتين (O1)، (O139) من عينة من البراز أو القيء أو المسحة الشرجية. وإذا لم تتوفر المرافق المختبرية يتم استخدام مستنبت نقل كاري بلير Cary Blair transport medium. أو - وجود إيجابية الفحوص المصلية المؤكدة لوجود إصابة حديثة.

- ويمكن للأغراض الوبائية بناء التشخيص على إظهار ارتفاع كبير في عيار الأضداد المضادة للذيفان Toxoid أو القاتلة للضمات. وينبغي التثبت من الضمات المستفردة من الحالات المشتبهة بالتفاعلات الكيميائية الملائمة وبالتفاعلات المصلية (O1) وباختبار قدرة الضمات على إنتاج الذيفان Toxoid.

* مسبب المرض

* 1- ضمات الكوليرا من الزمرة المصلية (01 ) وهي واوية الشكل ومتحركة وسلبية الجرام. ويوجد منها نمطان حيويان هما النمط العادي (الكلاسيكي) ونمط الطور El Tor ويقسّم كل منهما إلى نمطين مصليين هما أوجاوا وإنابا ونادراً النمط المصلي هيكوجيما. وتصنع هذه الجراثيم نفس الذيفان المعوي enterotoxin ولهذا فالمشاهد السريرية متماثلة مهما كان العامل المسبب للمرض. وفي الوباء الواحد يسود نمط واحد بعينه.

2- في عام 1992م اكتشفت بالهند وبنغلاديش الزمرة المصلية (0139) والتي تصنع نفس ذيفان Toxoid الكوليرا ولكنها تختلف عن ذراري (سلالات) Strains الزمرة (01) في تركيب السكريد الشحمي المتعدد Lipopolysaccharide. وتماثل الصورة السريرية والوبائية للمرض الذي يسببه هذا الجرثوم الصورة السريرية والوبائية المميزة للكوليرا، مما ينبغي معه أن يبلغ عن حالات هذه الزمرة على أنها حالات كوليرا. ويضيف د. تركستاني أن فترة حضانة الكوليرا هي من ساعات قليلة إلى 5 أيام وعادة من 2-3 أيام. ومصدر العدوى هو الإنسان المريض وحامل الميكروب. وينتقل المرض طوال فترة إيجابية البراز، وعادة تكون العدوى لأيام قليلة بعد الشفاء ولكن حالة حمل الجراثيم قد تمتد لعدة شهور والمضادات الحيوية المعروفة بفاعليتها ضد الذراري Strains المعدية (كالتتراسيكلين الفعال حالياً ضد ذراري Strains الزمرة O139 ومعظم ذراري الزمرة 01) تقصر مدة استمرار العدوى. وقد لوحظ بصورة نادرة حدوث العدوى المرارية المزمنة chronic biliary infection التي تستمر سنوات في البالغين، وتكون مصحوبة بإفراز للضمات في البراز بصورة متقطعة.

* طرق الانتقال

* عن طريق الماء الملوث ببراز أو قيء المرضى وبدرجة أقل ببراز حامل الميكروب.

* عن طريق الطعام الملوث بالماء الذي يحتوى على ضمات الكوليرا أو عن طريق البراز والأيدي الملوثة.

* عن طريق الذباب في الظروف البيئية المتدنية ووجود أعداد كبيرة من الذباب.

* الإجراءات الوقائية والعلاجية تجاه المرضى 1. التبليغ الفوري عن الحالات لإدارة الرعاية الصحية الأولية والطب الوقائي.

2. عند اكتشاف حالة مشتبهة يتبع ما يلي:

أ‌. في حالة وجود إسهال شديد يتم تنويم المريض بالقسم الداخلي بالمستشفى ويؤخذ منه عينة براز لفحصها للضمات ويراعى اتخاذ الاحتياطات المعوية.

ب. في حالة وجود إسهال بسيط أو متوسط يتم أخذ عينة براز أو مسحة شرجية لفحصها للضمات وصرف العلاج اللازم للمريض وإعطاؤه موعدا لأخذ نتيجة الفحص مع أخذ عنوانه بالتفصيل. ويتم إعطاء الحالات الإيجابية والتي تعاني من إسهال بسيط أو متوسط العلاج اللازم بالإضافة إلى الإرواء الفموي ومراقبتهم منزلياً وعمل التوعية الصحية اللازمة وإصحاح البيئة.

ج‌. لا يتم عزل حاملي الميكروب بالمستشفيات ويتم إعطاؤهم العلاج ومراقبتهم منزلياً مع عمل التوعية الصحية لهم ومراجعة خدمات صحة البيئة في مكان الإصابة.

3. العلاج النوعي: تتم معالجة مرضى الكوليرا عن طريق تعويض فقدان السوائل والأملاح بشكل سريع وإعطاء المضادات الحيوية الفعالة التي تساعد على تعويض فقد السوائل لأنها تقلل كمية وفترة الإسهال والضمات التي تفرز فيه مما يقلل فرص الانتقال الثانوي.

4. معالجة المضاعفات: يجب الانتباه إلى أنه مع تحسن حالة المرضى قد تظهر أعراض نقص سكر الدم أو مضاعفات أخرى يجب الانتباه إليها ومعالجتها فوراً. ويتم خروج المريض من المستشفى بعد 24 ساعة من إكمال جرعة العلاج المقررة وانتهاء الإسهال أو بعد الحصول على عينتين سالبتين بعد انتهاء العلاج، وبينهما يومان. وفي حالة الأوبئة وحيثما تزدحم المستشفيات بالحالات يمكن قصر مدة العزل لثلاثة أيام فقط.

5. التطهير: يتم تطهير ملابس المرضى ومفروشاتهم وأدواتهم الملوثة بالبخار تحت الضغط، ويتم التخلص الصحي من القيء والبراز بإضافة مادة مطهرة أو التخلص منها مباشرة في المجاري الحديثة. كما يتم تطهير سكن المرضى، خاصةً دورات المياه، بمادة مطهرة. وبعد شفاء المريض أو وفاته يطبق التطهير الختامي بالتخلص من أدوات المريض ومهماته ومفروشاته الملوثة، حيث تحرق الرخيصة الثمن وتطهر الغالية الثمن بالغلي أو البخار تحت الضغط.

اما الإجراءات الوقائية والعلاجية تجاه المخالطين فتتمثل في حصر ومعاينة المخالطين المباشرين للمريض ومراقبتهم لمدة خمسة أيام من تاريخ آخر تعرض للمرض لاكتشاف أي حالة مشتبهة بينهم. كذلك دراسة المخالطين ومحاولة تحديد مصدر العدوى المحتمل (ماء شرب أو طعاماً ملوثاً).

والعلاج الوقائي مفيد بالنسبة لجميع المخالطين المباشرين<