الحمى المخية الشوكية السحائية.. مرض ذو مضاعفات خطيرة

مرض جرثومي حاد نصف المصابين به في العالم يوجدون في إفريقيا

TT

تكثر الاصابة بمرض الحمى المخية الشوكية أثناء الشتاء والربيع ومواسم الحج والعمرة ويحدث المرض بصورة رئيسية في الصغر، لكن أثناء الحج يكثر المرض لدى البالغين خاصة الذكور منهم. وتوجد حالات فردية متناثرة طوال العام في المناطق الحضرية والريفية من العالم.

أوضح الدكتور عبد الحفيظ بن معروف تركستاني اختصاصي الوبائيات مساعد المدير العام للرعاية الصحية الأولية والطب الوقائي بمنطقة مكة المكرمة، ان الحمى المخية الشوكية مرض جرثومي حاد يتميز ببدء فجائي لحمى، صداع شديد، غثيان، قيء، تيبس العنق. وكثيراً ما يحدث طفح جلدي Petechial وغالباً ما يحدث هذيان وغيبوبة. ويتراوح معدل الوفـاة بيـن 8-15%. هذا بالإضافة إلى إصابة المرضى الذين يتم شفاؤهم بمضاعفات طويلة الأجل في حوالي 10-20% من المرضى مثل التخلف العقلي، فقدان السمع.

وقد يتفاقم المرض في قلة من الأشخاص المصابين إلى مرضٍ غازٍ Invasive يتميز بمتلازمة سريرية أو أكثر تشمل تجرثم الدم Bacteraemia والإنتان Sepsis والتهاب السحايا. وقد تحدث بصورة أقل شيوعاً، أمراض أخرى مثل ذات الرئة Pneumonia، التهاب المفاصل الصديدي. ويضيف د. تركستاني أن حوالي نصف الحالات المكتشفة في العالم، تم التبليغ عنها من منطقة الحزام الأفريقي للحمى المخية الشوكية وهو حزام يمتد حوالي 4200 كلم من الشرق إلى الغرب و600 كلم من الشمال إلى الجنوب ويشمل دول مالي، بوركينا فاسو، بنين، الكاميرون، افريقيا الوسطى، تشاد، إثيوبيا، غانا، النيجر، نيجيريا، السودان وتوجو.

وتبلغ معدلات حدوث المرض 1-3 لكل 100.000 شخص في أوروبا وشمال أميركا و10-25 لكل 100.000 شخص في الدول النامية وقد ترتفع في حالات الأوبئة إلى 200-800 لكل 100.000 شخص.

* علامات المرض

* ويتم الاشتباه في الاصابة بالمرض في الحالات التالية:

‌* الأطفال تحت عمر سنة:

- وجود اثنتين على الأقل من العلامات التالية: ارتفاع في درجة الحرارة، انتفاخ اليافوخ الأمامي، تشنجات، طفح جلدي.

- وجود علامة واحدة من العلامات الموضحة سابقا مع وجود علامة واحدة على الأقل من العلامات التالية: قيء، تصلب في الرقبة، فتور، وجود وباء في المنطقة.

* الأطفال فوق عمر سنة والكبار - بدء فجائي لحمى (أكثر من 38.5°م بالشرج، 38°م تحت الإبط) مع وجود على الأقل ثلاثة أو أكثر من الأعراض والعلامات التالية: صداع، قيء، تصلب بالرقبة، طفح جلدي، انخفاض ضغط الدم (الانقباضي أقل من 80 ملم زئبق)، تشنجات أو غيبوبة أو كليهما، التهاب الجهاز التنفسي.

ويتم تأكيد الاصابة مخبرياً عن طريق التالي:

1.الفحص الكيميائي: البروتين، السكر، عدد كرات الدم البيضاء التفريقي Differential WBCs.

2.الفحص البكتريولوجي: وجود المكورات الثنائية سلبية صبغة الجرام Gram Stain داخل الخلايا في عينة من السائل النخاعي من مريض مصاب بأعراض إكلينيكية متوافقة مع مرض التهاب السحايا. 3.عزل (استنبات Culture) المكورات السحائية النيسيرية في عينة من السائل النخاعي أو الدم ومعرفة حساسية الميكروب للمضادات الحيوية.

4.ايجابية اختبار التلزن Latex Agglutination لعينة من السائل النخاعي من مريض مصاب بأعراض إكلينيكية متوافقة مع مرض التهاب السحايا وتحديد الزمرة السيرولوجية للميكروب.

5.اختبار إيجابي لوجود الحمض النووي (DNA) لميكروب المكورات السحائية النيسيرية في عينة من مريض مصاب بأعراض إكلينيكية متوافقة مع مرض التهاب السحايا. مسبب المرض ومصدر العدوى وأوضح د. تركستاني أن مسبب المرض هو جرثومة النيسيرية السحائية Neisseria Meningitides أو المكورات السحائية Meningococcus وهي مكورات ثنائية هوائية سلبية لصبغة الجرام. ويمكن تقسيم النيسيرية السحائية إلى 13 زمرة مصلية (نمط) وتعتبر الزمر (A, B, C) الأكثر انتشاراً حيث تمثل نسبة 90% من الحالات بالرغم من تزايد أهمية الزمرتين Y, W135 في عدة مناطق. كما أن الزمر ((A, B, C, Y, W135, X جميعها لها القدرة على التسبب في حدوث أوبئة، لا سيما الزمرة (A) الأكثر تسبباً في حدوث الأوبئة، خاصة في ما يعرف بمنطقة الحزام الأفريقي. وتتراوح فترة الحضانة في الأحوال العادية ما بين 2-10 أيام أما أثناء الأوبئة فهي 3-4 أيام.

ويعتبر الإنسان المستودع الرئيسي للمرض إما في الصورة المرضية أو كحامل جراثيم إلا أن حاملي الجراثيم أكثر خطورة من المرضى في نشر العدوى لكثرتهم وعدم اتخاذ الإجراءات الوقائية نحوهم لأن الأعراض لا تظهر عليهم.

وتشير الإحصائيات إلى أنه مقابل كل حالة مرضية مكتشفة يوجد حوالي 100 حامل جراثيم. كما أنه في أي وقت من الأوقات يوجد 5-10% من حاملي الجراثيم بين الأشخاص الأصحاء وقد ترتفع هذه النسبة إلى 40% من دون حدوث وباء وبالرغم من ذلك لا توجد نسبة معينة لحمل الجراثيم تعتبر دليلاً للتوقع بالخطر.

وأفاد د. تركستاني أن انتقال العدوى يستمر طوال فترة وجود الجراثيم في أنف أو حلق الشخص المريض أو حامل الجراثيم وعادة تختفي الجراثيم بعد 24 ساعة من بدء العلاج الفعال، وللقاح فعالية كبيرة في منع حدوث المرض (90-95% بين المطعمين) لكن نجد أن دوره محدود في الحد من انتشار العدوى، حيث انه لا يمنع حدوث حالات حمل الجراثيم بين الأشخاص المطعمين. وينتج عن العدوى إما مرض عام أو حمل مؤقت للجراثيم لفترة 3-4 أسابيع من دون ظهور أعراض وقليلاً ما يحدث حمل مزمن للجراثيم. ينتقل المرض مباشرة بواسطة إفرازات الأنف والحلق من المرضى أو حاملي الجراثيم إلى الشخص السليم المعرض للإصابة، أما الانتقال غير المباشر للعدوى فمشكوك في أهميته لأن المكورة السحائية حساسة نسبياً لتغيرات درجة الحرارة ولا تعيش خارج الجسم لفترة طويلة. الإجراءات الوقائية والعلاجية تجاه المرضى:

1.الإبلاغ الفوري عن الحالات المشتبهة لفريق الاستقصاء الوبائي الإشرافي.

2. تتم متابعة اتخاذ الإجراءات التالية في مكان وجود المريض:

- إجراء العزل التنفسي للمريض لمدة لا تقل عن 24 ساعة من وقت البدء في العلاج بالمضادات الحيوية النوعية أو المضادات الحيوية واسعة المجال. - التأكد من تشخيص الحالة وأخذ عينات من السائل النخاعي وعينات من الدم من المريض قبل البدء في إعطائه المضادات الحيوية.

- يتم إعطاء العلاج النوعي حسب حساسية الميكروبات للمضادات الحيوية ونتيجة المزرعة للسائل النخاعي والدم للمريض. - التأكد من تطبيق التطهير المصاحب لإفرازات الأنف والحلق والأدوات الملوثة بها والتطهير الختامي.

- التوعية الصحية للمريض بضرورة غسل اليدين بعد الكحة أو العطس، استخدام المناديل الورقية والتخلص الآمن منها.

اما الإجراءات الوقائية والعلاجية تجاه المخالطين فتتمثل في حصر وتسجيل كافة المخالطين المباشرين للحالة المرضية ( في السكن، في المدرسة، في الحضانة، في العمل، في أماكن أخرى مثل السجون أو معسكرات الجيش، ... إلخ) وذلك في الفترة السابقة على ظهور الأعراض في المريض وهي فترة تقدر بحوالي 10 أيام من تاريخ آخر تعرض للمريض، كذلك في الفترة التالية لظهور الأعراض وحتى تناول المريض للمضادات الحيوية النوعية. كذلك المراقبة الوبائية الدقيقة لمدة 10 أيام من خلال ظهور العلامات والاعراض المبكرة للمرض. ويتطلب الامر ايضا أخذ مسحات حلقية محدودة من المخالطين المباشرين لمعرفة مدى انتشار الميكروب بينهم ومطابقته مع نوع ميكروب المريض.

ويعطى العلاج الوقائي لجميع المخالطين المباشرين وغيرهم مع ملاحظة الآتي:

* يشكل صغار الأطفال حالة استثنائية في مراكز الرعاية النهارية، وينبغي أن يعطوا العلاج الوقائي بعد تحديد الحالة الدالة حتى لو لم يكونوا مخالطين مباشرين.

* يتم إعطاء الوقاية الكيميائية في أسرع وقت ممكن (خلال 24 ساعة) من تشخيص الحالة الدالة Index Case وفي حالة تأخر إعطاء الوقاية الكيميائية لمدة أسبوعين من تاريخ آخر تعرض للمخالط مع الحالة الدالة فلا يوجد ما يبرر إعطاء الوقاية الكيميائية للمخالطين عندئذ.

* يجب التأكيد على أن إعطاء الوقاية الكيميائية للمخالطين لا يعني بالضرورة منع حدوث المرض ومن هنا تأتي أهمية استمرارية المراقبة الوبائية للمخالطين حتى بعد حصولهم على الوقاية الكيميائية.

2 ) تحصين المخالطين: لا توجد فائدة عملية من تحصين المخالطين في منع حدوث المرض نظراً لعدم وجود وقتٍ كافٍ له إلا أنه يمكن أن يتم تطعيم المخالطين المباشرين الذين لم يسبق لهم التحصين ضد المرض خلال السنوات الثلاث السابقة لحمايتهم من الإصابة بالمرض مستقبلياً <