المرض ذو الألف وجه

«الذئبة الحمراء» يصيب النساء أكثر من الرجال والسمر أكثر من البيض

TT

يعتبر مرض الذئبة الحمراء من الأمراض الروماتيزمية المزمنة والذي يحصل نتيجة إضطراب جهاز المناعة. عادة ما يقوم جهاز المناعة بالدفاع عن جسم الإنسان من الأمراض الجرثومية ولكنه في مرض الذئبة الحمراء يقوم بمهاجمة أجزاء مختلفة من جسم الإنسان مما يؤدي إلى التلف في جزء أو أكثر.

قد يكون هذا التلف مؤقتا إذا تم تشخيص المرض بشكل سريع وعولج بشكل سليم، وقد يكون دائما وفي هذه الحالة لا يمكن علاجه.

وتحدثت "صحتك" إلى الدكتور حـسين محمد حـلبي رئيس قسم المفاصل والروماتيزم بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث – جدة، والحاصل الزمالة في أمراض المفاصل والروماتيزم، فأوضح أن الذئبة الحمراء مرض يصيب واحدا من كل ألف شخص بشكل تقريبي، وقد تختلف هذه النسبة بإختلاف الأجناس، فمن المعروف أن أصحاب البشرة السمراء معرضون أكثر من غيرهم نتيجة إختلافات جينية.

ويصيب هذا المرض عادة النساء أكثر من الرجال حيث تبلغ النسبة 12 إمرأة مقابل رجل واحد. ويحدث هذا نتيجة إختلاف التركيبة الهرمونية عند النساء وبالأخص هرمون الإستروجين. والجدير بالذكر أن أغلب المصابات هن اللواتي في سن الحمل أي بين سن 14- 50.

* الأعراض

* أوضح د. حلبي أن الأعراض تختلف من مريض لآخر، فبعض المرضى تكون لديهم أعراض خفيفة وقليلة والبعض الآخر كثيرة وخطيرة، ومنها: - التهاب حاد في المفاصل.

- ارتفاع في درجة الحرارة.

- خمول ووهن شديد في الجسم.

- طفح جلدي (عادةً مايكون على شكل فراشة في الوجه).

- فقر دم ونقص في كريات الدم البيضاء أو تكسر في الصفائح الدموية.

- تساقط شديد في الشعر.

- آلام في الصدر والتي تكون عادةً مع الشهيق.

- تحسس جلدي من التعرض للشمس.

- تقرحات في الفم.

- تشنجات عصبية.

- تغير في لون الأصابع مع آلام نتيجة التعرض للبرد أو الضغط النفسي.

* ماهي الأعضاء التي تتأثر بالذئبة الحمراء؟

* يجيب د. حلبي أن معظم المرضى المصابين بهذا المرض يشكون من خمول وإرهاق شديدين بالإضافة إلى إرتفاع درجة الحرارة وفقدان الشهية للأكل وبالتالي نقص في الوزن.

و إضافة إلى ما سبق ذكره فإن هناك بعض الأعضاء المهمة والتي قد تصاب مثل الكلى حيث ينتج قصور في وظائف الكلى مما يؤدي إلى فشل كلوي. وهناك بعض الأعضاء المهمة الأخرى والتي قد تصاب مثل المخ، القلب والرئتين وينتج عن إصابة هذه الأعضاء مضاعفات خطيرة.

* ما الذي يسبب هذا المرض؟

* يؤكد د. حلبي أن السبب لا زال مبهماً حتى الآن، إلا أن هناك عوامل تحفز الجهاز المناعي سواءً كان هذا العامل وراثيا، بيئيا، هرمونيا أو جرثوميا.

و الأبحاث مستمرة بشكل كبير للكشف عن ماهية السبب الرئيسي.

* التشخيص

* يتم ذلك عندما يشتكي المريض من عدة أعراض مصاحبة للمرض إضافة إلى الكشف السريري والفحوصات المخبرية.

وقد قامت الكلية الأميركية لأمراض المفاصل والروماتيزم بوضع معايير حتى تساعد الأطباء في تشخيص المرض.

* التحاليل المخبرية

* من أجل التشخيص لابد من إيجابية تحليل (Antinuclear antibody (ANA ، وهي أجسام مضادة لنواة الخلية تتواجد في أي مريض يعاني من مرض الذئبة الحمراء، وسلبية هذا التحليل تنفي المرض بنسبة تصل إلى أكثر من خمسة وتسعين بالمئة.

وفي المقابل لا تعني إيجابية ANA أن المريض مصاب بالذئبة الحمراء، حيث أن هناك الكثير من الأمراض المناعية والروماتيزمية والتي يكون فيها نتيجة التحليل إيجابية.

إضافة إلى ما سبق، يشير د. حلبي إلى أن هناك نوعين من الأجسام المضادة إذا وجدت في المريض فإنها تؤكد تشخيص مرض الذئبة الحمراء وهما .Anti-ds DNA , Anti-smith

* العلاج

* أفاد د. حلبي أن نوعية العلاج تعتمد على عدة عوامل تشمل عمر المريض المصاب، العضو أو الأعضاء المصابة بالمرض، شدة المرض والتاريخ المرضي العام. وهناك عقارات متنوعة تختلف تركيبتها الكيميائية كما تختلف إستخداماتها. وحيث أن مرض الذئبة الحمراء هو مرض ناتج عن إضطراب المناعة ولذا تستخدم عقارات من شأنها تثبيط وتحوير الجهاز المناعي. ومن ضمنها عقار الكورتيزون Corticosteroids والذي يعتبر العلاج الأول إضافة إلى عقارات الملاريا مثل.Hydoroxy- chloroqunie وإذا كان المريض يعاني من مرض شديد فيمكن إستخدام أدوية أقوى وأكثر فعالية مثل الأزاثيوبرينAzathioprine , سايكلوفوسفاميد Cyclophosphamide, سايكلوسبوريين Cyclosporine أو ريتوكسيماب Rituximub.

* متابعة مريض الذئبة الحمراء

* يؤكد د. حلبي أن مرض الذئبة الحمراء مرض خطير وقد يؤدي إلى مضاعفات قد تكون سيئة لذلك يتوجب أن يتابع المريض مع إستشاري أمراض مفاصل وروماتيزم بشكل منتظم و ذلك بطلب الفحوصات الدورية والكشف السريري حتى يتم التأكد بأن المرض في وضع خامل غير نشط.

هناك توصيات عديدة يمكن للمريض أن يفعلها بالإضافة إلى العلاجات الدوائية حتى يحسن من نمط حياته اليومية مثل:

- التمارين الرياضية الخفيفة مثل المشي والسباحة والتي من شأنها تقوية العضلات والتقليل من الإصابة بهشاشة العظام، خصوصاً لو إحتاج المريض إلى عقار الكورتيزون لفترة طويلة.

- الراحة والأكل المتنوع الذي يحتوي على كمية كافية من الخضراوات والفواكه.

- الإمتناع عن التدخين، حيث أن مرضى الذئبة الحمراء معرضون للإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين أكثر بعشر مرات من الأشخاص الأصحاء.

- التقليل من التعرض المباشر للشمس وإستخدام الكريمات الواقية.

- أخذ اللقاحات والتطعيمات اللازمة مثل تطعيم الإنفلونزا والنيوموكوكس.

- الشفافية الكاملة مع الطبيب المعالج بكل ما يخص علاجات الذئبة وعمل قائمة بالأسئلة التي يريد المريض الإستفسار عنها عند زيارة طبيبه.

- التثقيف الشخصي وذلك من خلال قراءة النشرات الطبية المختصة بمرض الذئبة الحمراء وعن طريق الدخول إلى المواقع الطبية الخاصة بأمراض الروماتيزم.

* التعايش مع مريض الذئبة الحمراء

* أفاد د. حلبي أن الأشخاص الذين يعيشون مع مريض الذئبة الحمراء يعانون أيضا من المرض.

فمن المهم أن يفهم الإنسان المتعايش مع مريض الذئبة الحمراء طبيعة هذا المرض فيكون له عوناً في حياته اليومية لأن العامل النفسي جزء لا يتجزأ من العلاج الشامل.

* هل يمكن شفاء هذا المرض؟

* يكرر د. حلبي أن مرض الذئبة الحمراء مرض مزمن مثل داء السكري، وارتفاع ضغط الدم والربو وغيره من الأمراض التي تحتاج إلى استخدام الأدوية بشكل مستمر ودقيق وفق ما يرتأيه الطبيب المعالج.

كما نوه أنه في حالات كثيرة جداً يمكن لمريض الذئبة الحمراء أن يكون سليماً من أي أعراض إذا كان مرضه مسيطراً عليه ويمكنه أن يعيش حياته بشكل إعتيادي مثله مثل غيره من الأصحاء <