سعادتك تُسعد حتى الذين لا تعرفهم

ابتسامتك تصل إلى أبعد مما تظن

TT

>حينما يكون الوقت والفراغ مشكلة، قد يحتار البعض في كيفية تطبيق وصية تقديم نوع من صلة الود لـ "سابع جار". ولكن الباحثين من الولايات المتحدة، وبعد عشرين عاماً من المتابعة، أعطوا دعماً علمياً لوسيلة تُسهّل الأمر على أحدنا. وعليه، ربما يكون من أقصر الطرق لإسعاد "سابع جار" هو فقط أن تبتسم لـ "أول جار". ذلك أن لقاءك لـ "الجار الأول" بسعادة ابتسامةٍ، ترتسم على شفتيك ويصطبغ بها مُحيا وجهك الـ "طلْق"، سيكون كل ما يلزم كي تصل تلك السعادة إلى "الجار السابع"، وربما إلى أشخاص أبعد مما تظن.

وقال الباحثون من جامعة كاليفورنيا، في سان دييغو، ومن جامعة هارفارد، في بوسطن، أن الأصدقاء السعداء بإمكانهم إعطائك السعادة، كما أن بإمكانهم إعطاء السعادة عبرك لأصدقائك الآخرين الذين لا يعرفونهم. وهذه النتيجة العلمية المثيرة للدهشة، في فحواها وفي إثباتها بطريقة علمية، تشير بوضوح إلى أن أحدنا بمقدوره إسعاد الكثيرين، حتى ممن لا يعرفهم أو لم يسبق له مطلقاً مقابلتهم، بمجرد بذله شيئاً مما يبعث على سعادة منْ هم حولنا ممن نعرفهم.

وقال الدكتور جيسمس فاولر، المتخصص في علم العلاقات بجامعة كاليفورنيا والباحث المشارك في الدراسة، "سعادتنا الشخصية تنتقل وتنتشر لتصل إلى أشخاص بعيدين، ممن لا علاقة لنا بهم بشكل مباشر". وأضاف، "وكلنا يعلم أن طريقة تعاملنا وطبيعة تصرفاتنا مع الغير، تُؤثر فيهم بشكل مباشر. ولذا حينما أبتسم، ترتفع احتمالات أن أدفعك إلى الابتسام. وكلنا يعلم أيضاً أن ابتسامة النادل أو النادلة في المطعم ترفع من احتمالات تلقيه لإكرامية "بقشيش" أعلى". واستطرد بالقول" ولكن ماذا عن بقية الناس البعيدين، ممن لا نقابلهم مباشرة؟. وفيهم يكون السؤال: هل ينتقل التأثير المباشر من شخص- لشخص، إلى تأثير أوسع في كل شبكة العلاقات الاجتماعية اليومية بين الناس؟".

وصدرت دراسة الباحثين في عدد 5 ديسمبر من المجلة الطبية البريطانية، وهي ضمن مجموعة دراسات للباحثين حول ما إذا كانت ثمة احتمالات لوجود طبيعة "العدوى" كـ "صفة مُصاحبة" لأشياء سلوكية، مثل الوحدة أو التدخين أو السعادة أو غيرهم.

وفي موضوع "السعادة" واحتمالات انتقالها وانتشارها بشكل واسع، تابع الباحثون نتائج "دراسة فرامنغهام" الطبية الأميركية الشهيرة، والمتخصصة في بحث شئون أمراض شرايين القلب. ومعلوم أن هذه الدراسة الطبية بدأت في عام 1948 بمتابعة شريحة بلغت أكثر من خمسة ألاف شخص من سكان قرية فرامنغهام في ماساتشوسس، ولا تزال مستمرة حتى اليوم في هذه المجموعة وفي ذريتهم التالية.

وركّز الباحثون في دراستهم الحالية على حوالي خمسة ألاف من أطفال المجموعة الأصلية لأشخاص شريحة الدراسة، ومن الذكور والإناث. وتمت متابعتهم لمدة عشرون عاماً، أي من عام 1983 إلى 2003.

ووجد الباحثون أن سعادة الشخص ترفع من مستوى سعادة منْ حوله من المُقربين، مثل شريك الحياة أو الأقارب أو الجيران أو الأصدقاء.

كما وجد الباحثون أن سعادة الشخص ترفع أيضاً من مستوى أحد الأصدقاء الذين يعيشون في محيط حوالي ميل من سكن الشخص، وذلك بنسبة 25%. والأهم أن احتمالات أو يستفيد صديق الصديق من سعادة ذلك الشخص، ترتفع بنسبة 10%!. وترتفع احتمالات سعادة صديق صديق الصديق لذلك الشخص بنسبة 6%!!.

وقال الباحثون، "وبعبارة أخرى، فإن سعادة الشخص يُمكنها الانتشار خلال ثلاث درجات من الفواصل. أي الصديق، وصديق الصديق، وصديق صديق الصديق!. وهؤلاء قد يكونون أشخاصاً لا يعرفهم ذلك الشخص السعيد ولم يسبق أن التقى بهم!".

وقال الدكتور فاولر، " الدراسة غيرت نظرتي للعالم من حولي، ولتفكيري في كيفية ترابطنا وتأثيرنا على منْ حولنا وعلى منْ هم حول منْ حولنا. وإذا ما نشرت السعادة في منزلي فإن طفلي لن يكون وحده السعيد، بل حتى أصدقائه وأصدقاء أصدقائه سيكونون كذلك. وأنا لا أُسعد زوجتي فقط، بل حتى حماتي".

استشاري باطنية وقلب مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض [email protected]