راحة الطبيب البدنية والنفسية... حماية من الأخطاء الطبية

دراسة تحذر من الإجهاد والإرهاق الحاد للأطباء

TT

> إذا كان الهدف هو ضمان سلامة المرضى وتوفير أجواء ملائمة لتدريب الأطباء بشكل صحيح، فإن الأطباء المُنهكين والمُجهدين، نتيجة العمل لساعات طويلة، بحاجة إلى حماية "أخذ فترات كافية من النوم"، وبحاجة أيضاً إلى رقابة لتطبيق تحديد ساعات عملهم لمدة مناسبة. هذا ما خلص إليه تقرير مؤسسة الطب(IOM) والذي تم بدعم من المؤسسة القومية للصحة والخدمات الإنسانية (HHS) لصالح وكالة أبحاث الرعاية الصحية ونوعيتها (AHRQ) بالولايات المتحدة. وهذا التقرير، الصادر في الثاني من ديسمبر، هو نتيجة لدراسة استمرت 15 شهرا من قبل لجنة مؤسسة الطب، وفيها تمت مراجعة العلاقة بين جداول عمل الأطباء المُقيمين، وبين أدائهم العملي ونوعية الرعاية التي يُقدمونها لمرضاهم المُكلفين بالاهتمام الصحي بهم. وأكدت نتائج الدراسة، وبشكل علمي، أن الإجهاد والإرهاق الحاد والمزمن لهؤلاء الأطباء، يرفع من احتمالات ارتكابهم الأخطاء الطبية في معالجة المرضى. وشددت اللجنة المعنية بشأن نتائج الدراسة في مؤسسة الطب على ضرورة إجراء عدة تغيرات لنظام الثمانين ساعة المُطبق على الأطباء في عدد ساعات عملهم الأسبوعي. وأول تلك التغيرات هو "صنع" غطاء من الحماية مكوّن من "إعطاء الطبيب فرصة كافية للنوم". وتنص قوانين مفوضية لجنة تعليم وتدريب الأطباء المُتخرجين (ACGME) على أن هيئات إدارة المستشفيات لها السماح بالطلب من الطبيب العمل لمدة 30 ساعة متواصلة على أبعد تقدير، خلال فترة المناوبة الواحدة. وأن المطلوب من الطبيب خلال هذه الفترة الطويلة جداً من العمل المتواصل، أن يخدم المرضى ويُعالجهم لمدة 24 ساعة متواصلة، وأن يلتزم الطبيب في الست ساعات الباقية بحضور فعاليات تعليمية أو تدريبية. وأحد الحلول "الإنسانية" التي اقترحتها اللجنة، في التعامل مع الطبيب الذي يُطلب منه العمل لفترة 30 ساعة، أن يكون عدد ساعات خدمة المرضى ومعالجتهم، لا يتجاوز 16 ساعة متواصلة، وأنه يجب إعطاء الطبيب فترة 5 ساعات للنوم فقط، بعد عمل متواصل لمدة 16 ساعة، وتحديداً في الفترة ما بين العاشرة مساءاً والثامنة صباحاً. وقالت الدكتورة كارولين كلانسي، مديرة وكالة أبحاث الرعاية الصحية ونوعيتها، "دراسة مؤسسة الطب تُقدم لنا دليلاً، علمياً، واضحاً على ما كنّا ولا نزال نعتقد صحته من أن إجهاد وإنهاك الطبيب يرفع من معدل حصول الأخطاء البشرية". وأضافت،" والأهم أن التقرير يُقدم لنا إرشادات صلبة بإمكانها أن تُحسّن من مستوى الأمان للمرضى، كما أن بإمكانها أن ترفع من مستوى التحصيل التدريبي والخبرة للأطباء". وركّزت الإرشادات على ضرورة أن ينال الطبيب خمسة أيام كاملة، ومُوزعة خلال الشهر، كاجازة وفترة راحة بعيداً عن العمل، وأحدها فترة يومين متواصلين، خلال كل شهر. كما ذكّر التقرير بضرورة أن تكون مدة المناوبة "معقولة"، وأن لا تكون المناوبات متواصلة، بل مرة في كل ثلاثة أيام، على أسوأ تقدير. والطريف، ما شدد التقرير عليه من ضرورة تأمين مواصلات للطبيب بعد فراغه من المناوبة. وأشار التقرير إلى أن احتمالات ارتكاب الطبيب لحوادث السير ترتفع إلى نسبة الضعف خلال فترة عودة الطبيب إلى منزله بعد الفراغ من المناوبة أو فترات العمل الطويلة. والملاحظ أن المشكلة لا تنشأ حينما تكون "للضرورة أحكام"، مثل الاضطرار المُؤقت لزيادة عدد ساعات عمل الطبيب في خدمة مرضاه وسعيه في الحفاظ على سلامة أرواحهم. ولكن المشكلة تنشأ، وبشكل فاضح، حينما تتحول "أحكام الضرورة" إلى "واجبات طبيعية" يُطلب من الطبيب القيام بها في كل الأوقات، ويُتوقع منه خلالها أن يُؤدي عمله بـ "دقة وإتقان" لمجموعات تلو مجموعات من المرضى، وعلى مرور توالي أيام الوقت. وهذه النتائج الواضحة، والتي لا تحتاج إلى كبير أو كثير شرح في إدراك ما تتحدث عنه، ربما تكون أحد عناصر الحل العملي، وليس الإعلامي، للقضاء على مشكلة الأخطاء الطبية، والمتفاقمة الحصول على المستوى العالمي، في كل الأوساط الطبية لمختلف مناطق العالم < استشاري باطنية وقلب مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض [email protected]