الأجداد والجدات.. الأفضل لرعاية الاطفال الصغار

إصابات الحوادث تقل إلى النصف نتيجة عنايتهم الحنونة

TT

حينما تكون رعاية الأطفال والاهتمام بهم من نوع "هوم ميد" أو "صناعة منزلية" فإن الأطفال سيكونون بأفضل حال. وغياب الوالدين، للعمل أو السفر أو غيره، أحد الأمور الحتمية اليوم في كثير من الأسر. والحاجة ترتفع تلقائياً للبحث عن "جليسة للأطفال" أو ما يُسمى "بيبي سيتر" كي تقوم برعاية الأطفال والاهتمام بشؤونهم حال غياب الوالدين. وخلافاً لما قد يتوقعه البعض، يقول الباحثون من الولايات المتحدة بأن توكيل الجد أو الجدة للقيام بتلك المهمة هو أفضل، وأحد الأسباب وراء تلك الأفضلية، هو تدني تعرض الأطفال لإصابات الحوادث بنسبة مهمة عند قيام الجد أو الجدة بتقديم تلك العناية، بالمقارنة مع توكيل تلك المهمة لإحدى المتخصصات في رعاية الأطفال.

وكان الباحثون من كلية بلومبيرغ للصحة العامة، التابعة لجامعة جون هوبكنز، قد نشروا ضمن عدد نوفمبر من مجلة "طب الأطفال" الصادرة عن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، نتائج دراستهم الواسعة حول مدى سلامة الأطفال خلال فترات رعاية "غير الوالدين" للأطفال.

وشمل الباحثون في دراستهم شريحة بلغت أكثر من 5500 طفل رضيع، من 15 مدينة بالولايات المتحدة، وذلك ضمن ما يُعرف بـ "التقييم القومي للخطوات الصحية في برنامج رعاية الأطفال الصغار". وراجع الباحثون الامور المتعلقة برعاية أولئك الأطفال في فترة استمرت حوالي ثلاث سنوات.

وأشار الباحثون إلى أن نتائج دراستهم تُخالف الاعتقاد الشائع لدى البعض بأن الأطفال أكثر عُرضة للإصابات والحوادث في حال قام الجد أو الجدة بالعناية بهم. وقالوا بأن قيام الأم، أو غيرها من الأقارب، بترتيب برنامج لرعاية الطفل من قبل الجد أو الجدة، يُؤدي إلى تقليل فرص تعريض الطفل لإصابات الحوادث بمقدار 50%.

وقال البروفسور ديفيد بيشاي، الباحث الرئيس في الدراسة ان "الزيادة الحديثة في أعداد الأجداد أو الجدات ممن يُقدمون رعاية أحفادهم الأطفال، كانت إحدى الأمور التي أثارت اهتمام وكلاحظة الاطباء، خصوصا حول مدى تمكنهم من توفير الممارسات الحديثة للعناية بشؤون سلامة الأطفال. ونتائج الدراسة، على عكس المتوقع، لا تقول لنا فقط إن هذه الشكوك لا مُبرر لها ولا أدلة علمية تدعمها، بل تقول لنا صراحة أن العائلات، التي تختار أحد الأجداد للقيام برعاية أطفالها، تفعل الصواب والذي فيه تقليل احتمالات إصابة أطفالهم بالحوادث.

ومن جانبها قالت الدكتورة أندريا غلين، المشاركة في الدراسة ومديرة مركز أبحاث الإصابات لكلية بلومبيرغ: "ولأن إصابات الحوادث هي السبب الأول لوفيات الأطفال في الولايات المتحدة، فإن من المهم جداً، وبدرجة حساسة، أن نُحاول التعرف على عوامل الخطورة والحماية في إصابات تلك الحوادث". وعلقت على نتائج الدراسة، والمشجعة على الاعتماد على أحد الأجداد لمهمة رعاية الطفل حال غياب الوالدين: "ولأن الحماية التي يُقدمها أحد الأجداد للأطفال ربما تعتمد على الاختيار الصحيح لذلك الجد أو تلك الجدة، فإننا بحاجة إلى مزيد من البحث حول ما يُسهم في توفير وتسهيل اختيار الوالدين لأحد أولئك الأقارب للعناية بالأطفال في غيابهم، والبحث أيضاً حول نوعية نمط الرعاية التي يُمكن أن يُقدمها أحد الأجداد بالطفل".

كما لاحظ الباحثون في دراستهم لجوانب "حوادث إصابات الأطفال"، أن إصابات الأطفال تقل في الأسر التي يعيش فيها الوالدين مع بعضهم البعض، وترتفع في تلك التي يعيش الأب في منزل منفصل عن بقية أفراد أسرته. وهذه العناصر لا علاقة لهام بمستوى الدخل المادي للأسرة، أي غنية كانت أو فقيرة.

والملاحظ أن التواصل الإيجابي بين الأجيال، عبر إعطاء الفرص لقرب الأجداد بالأحفاد، مما يفتقده الكثيرون في علاقاتهم الأسرية الواسعة، أي في خارج علاقة الأسرة الصغيرة، والمكونة من الأب والأم والأطفال. وأحد العوامل المُساهمة في تلك "الفجوة" بين الأحفاد وأجدادهم هي "توهم"، الأم أو الأب، عدم قدرة أحد الأجداد على العناية المباشرة بالأطفال الصغار، والمتطلبة بداهة عنصر المراقبة الدقيقة للتصرفات "غير المتوقعة" عادة من قبل الأطفال الصغار! وما تقوله نتائج الدراسة بخلاف ذلك.

وهناك فرق واضح، لمن تأمل بحق، بين رعاية الجد أو الجدة للحفيد، وبين رعاية الأم أو الأب لطفلهما. والسبب أن هناك "نكهة" خاصة للعلاقة بين الجد أو الجدة وبين الطفل. وهذه "النكهة" المفعمة باللهفة والمحبة والرفق والعطف، لدى الجد أو الجدة، يُقابلها دوماً إحساس "جاف" و "فجّ" بما يُسميه أحد الوالدين "المسؤولية" في عدم تدليل الطفل أو تركه يفعل ما يحلو له. وينسى الوالدان أن الجد والجدة هما أكثر خبرة في الحياة، وأكثر دراية ومعرفة بما يصلح لتربية الأطفال، وأنهما هما منْ ربَوْهما واعتنوا بهم حتى بلغوا سنّ الرشد. ولذا فإن أسلوب "الصرامة" في طلب تنفيذ التوجيهات، والذي يعتمد عليه الوالدان، لا يستخدمه غالباً الجد أو الجدة. وعلى العكس، يلجأ الجد أو الجدة إلى التواصل "الحنون" وإلى "ترغيب" الطفل بفعل ما هو أفضل له ولحمايته.

وهذه الأساليب "الرحيمة" و "الحنونة" هي ربما ما تُؤدي بالطفل إلى الابتعاد عن أي شيء قد يُؤذيه أو عن أي فعل "طائش" في التعامل مع ما حوله. وربما هناك أسباب أو تعليلات أخرى، ولكن تبقى الملاحظة الواقعية تنطق بفائدة قرب الأطفال وتواصلهم مع الجد والجدة < استشاري باطنية وقلب مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض [email protected]