انقطاع النفس أثناء النوم.. يهدد القلب

توقف التنفس ليلا قد يقود إلى مشاكل صحية ويقصّر الأعمار

TT

الشخير، الصفير، الشهقات، التأوهات أثناء النوم، قد تؤدي إلى أمور أكثر من حرمان شريكة الفراش من النوم الليلي المريح. إنها قد تسرق سنوات من العمر أيضاً.

هذه هي الرسالة التي توجهها دراستان كبيرتان دققتا في تأثير حالة انقطاع النفس (البهر) Sleep apnea، وهي سبب خاص للشخير، على طول العمر. ونتائج هاتين الدراستين، سوياً، مع التوصيات الجديدة حول حالة انقطاع النفس وأمراض القلب والأوعية الدموية، تدق جرس الإنذار لنا، داعية للاهتمام بهذا النوع من الشخير الذي ينقطع فيه التنفس.

* حالة انقطاع النفس

* عندما نتنفس فإن الهواء يتدفق من دون صوت عبر ممرات الأنف، والبلعوم (نهاية الحلق) ثم نحو الرئتين. وأثناء النوم فإن العضلات الصغيرة التي تعمل على فتح البلعوم، تسترخي، وهذا ما يسمح لأنسجتها أن «ترفرف» في الممر الهوائي. وقد يقود الهواء المتدفق عبر هذه الأنسجة المسترخية إلى إحداث الاهتزازات فيها. ولهذا فإننا سنسمع هذه الاهتزازات على شكل شخير. وهذا مماثل لما يحدث عند بدء الهواء بالتسرب من بالون مملوء به.

ولدى الأشخاص الذين يعانون من شخير بسيط، يظل الممر الهوائي مفتوحا. والأصوات، رغم أنها تبدو فظيعة، فإنها مخيفة للآخرين أكثر من الشاخرين أنفسهم.

أما انقطاع النفس أثناء النوم فهو حالة مختلفة، فالأشخاص المعانون من هذه المشكلة الشائعة، يتوقفون مؤقتاً عن التنفس لعدد كثير من المرات أثناء الليل. ولدى أولئك المصابين بأكثر أنواع الحالة شيوعاً، وهي انقطاع النفس الانسدادي obstructive sleep apnea فإن العضلات الرخوة للحلق أو البلعوم تقوم بإغلاق أو سدّ الممر الهوائي بأكمله. وما إن يشعر المخ بانخفاض تدفق الأوكسجين فإنه يرسل إشارات طوارئ تأمر الإنسان بـ «التنفس فوراً»، التي تقوم ولفترة قصيرة بإيقاظ النائم، وتدفعه للحصول على شهقة من الهواء.

والتوقف عن التنفس، وكذلك الشهيق، يلقيان بأعبائهما على المصاب بحالة انقطاع النفس. فالتأثير المباشر لانقطاع النفس، هو النعاس أثناء النهار الناجم عن اضطراب النوم. كما تترتب على الحالة عواقب بعيدة المدى أيضاً.

وتحفز إشارات الطوارئ «التنفس فوراً»، نفس هرمونات التوتر ونفس المسارات العصبية التي تقود إلى وضعية الإنسان أثناء الغضب أو الخوف. وهي تقود إلى زيادة دقات القلب ورفع ضغط الدم. كما أنها تزيد الالتهابات، وهي اللاعب الرئيسي في أمراض القلب. وبمقدورها إلحاق الضرر بالطبقة الرقيقة المبطنة للأوعية الدموية وزيادة قدرة الدم على التخثر، وهو أساس حدوث النوبات القلبية والسكتة الدماغية.

* انقطاع النفس وفرص النجاة

* وتفترض دراستان رئيسيتان أن التغيرات الناجمة عن انقطاع النفس أثناء النوم بمقدورها تقصير الأعمار (مجلة «سليب» أغسطس (آب) 2008). وفي دراسة طويلة المدى لسكان مدينة باسلتون في غرب أستراليا، ظهر أن الأشخاص المعانين من انقطاع النفس أثناء النوم المعتدلة أو الحادة، كانوا على الأغلب سيتوفون خلال الأعوام الـ 14 اللاحقة من دراسات المتابعة، مقارنة مع الأشخاص من الذين لم يعانوا من هذه الحالة.

أما في دراسة «وسكنسون سليب كوهرت ستادي» Wisconsin Sleep Cohort Study فقد ظهر أن المعانين من حالة انقطاع النفس الحادة أثناء النوم، كانوا على الأكثر سيتوفون بأمراض القلب والأوعية الدموية خلال الـ 18 عاماً اللاحقة من دراسات المتابعة، مقارنة بالأشخاص الذين لم يكونوا مصابين بهذه الحالة. وعندما استبعد الباحثون الأشخاص الذين استعملوا أجهزة للتنفس أثناء الليل، ازداد الخطر خمس مرات أكثر.

* وسائل «إسكات» الشخير

* إن استلقاءك على السرير.. لن يحل مشكلة انقطاع النفس أثناء النوم. وكل شيء، ابتداءً من تغيير نمط الحياة وانتهاء بالجراحة بمقدوره أن يقدم الفوائد.

* تغيير نمط الحياة: إن زيادة الوزن تعتبر من العوامل التي تسهم بقسط كبير في حالة انقطاع النفس أثناء النوم. وإن كنت تحمل كيلوغرامات زائدة، فإن فقدان الوزن سيجلب الفوائد. والنوم على الجنب بدلا من الظهر قد يساعد المعانين من حالات انقطاع التنفس أثناء النوم الخفيفة (وخياطة كرة المضرب في الجيب الخلفي من سترة البيجاما تساعدك على تجنب العودة للنوم على الظهر ليلا). كما يفضل الامتناع عن تناول المشروبات الكحولية والأدوية المهدئة أو المسكنة للعضلات قبل النوم.

* أجهزة التنفس. لحالات انقطاع النفس أثناء النوم المعتدلة والحادة يوصي أغلب الأطباء باستعمال أجهزة بحجم الراديو، تحافظ على الممر الهوائي مفتوحاً، بعد أن تقوم بضخ هواء مضغوط غبر الأنف. وأكثر الأجهزة شيوعاً توفر ضغطاً إيجابياً متواصلا في الممر الهوائي. وللأشخاص الذين يلاقون صعوبة في الزفير أثناء وجود الضغط، فإنه تتوفر تقنيتان لضبط الأجهزة تسميان bilevel positive airway pressure، وauto-positive airway pressure. إلا أن أجهزة التنفس ليست رخيصة الثمن، إذ تتراوح أسعارها بين عدة مئات من الدولارات و1000 دولار فأكثر. وتحتاج هذه الأجهزة إلى وقت للتدرب عليها، وبعض الأشخاص يحتاجون إلى مدرب للتعود عليها.

* أجهزة الأسنان. قد يكون وضع جهاز في الفم، عملية بديلة لأجهزة التنفس. وتعمل هذه الأجهزة بطريقة دفع الفك إلى الأمام، وهو الوضع الذي قد يمنع أنسجة البلعوم من الوقوع وسدّ الممر الهوائي. وهي تؤدي مهمتها جيداً لبعض الأشخاص، وليس لكلهم.

* الجراحة. العملية الجراحية التي يصعب التلفظ باسمها وهي (uvulopalatopharyngoplasty)، بمقدورها توسيع الممر الهوائي بعد إزالة الأنسجة الزائدة في اللهاة في البلعوم. ولكن الجراحة ليست فعالة في العادة، وهي لا تنفذ إلا عندما تصبح الوسائل الأخرى غير مناسبة.

* نظرة إلى المستقبل

* إن دراسة وسكنسون تفترض، إلا أنها لا تبرهن، أن علاج انقطاع النفس أثناء النوم قد يساعد على درء حدوث أمراض القلب، أو على الأقل إلى منع انقطاع النفس أثناء النوم من المساهمة في حدوث أمراض القلب. ولعلنا سنحصل على صورة أوضح بعد انتهاء دراسة دولية حول علاقة انقطاع النفس أثناء النوم بأمراض القلب، المسماة Sleep Apnea Cardiovascular Endpoints (SAVE) التي ستنتهي في أواسط العقد المقبل. وهذه الدراسة تقارن بين العلاج بأجهزة ضغط الهواء الإيجابي مع وسائل الرعاية المعتادة.

أما الآن، فإن من المقبول لكل شخص لديه ارتفاع في ضغط الدم، الذبحة الصدرية، أمراض الشرايين المحيطية، أو سبق له أن أصيب بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، أو أي نوع من أمراض الأوعية الدموية، أن يفكر بأن يقوم بإجراء فحص للتأكد من وجود حالة انقطاع النفس أثناء النوم لديه، حسبما يقول الدكتور ديفيد بي. وايت البروفسور في طب النوم في كلية الطب في هارفارد الذي ساعد جمعية القلب الأميركية وكلية طب القلب الأميركية في وضع صيغة بيان علمي جديد حول علاقة انقطاع النفس أثناء النوم بأمراض القلب والأوعية الدموية (النشرة الدورية في 19 أغسطس (آب) 2008). وقد وجه هذا البيان جزئياً لتوعية أطباء القلب أكثر بحالة انقطاع النفس أثناء النوم، وهي الحالة التي لا يلتفتون إليها عادة.

إن النوم بهدوء وراحة لن يضمن لك أن تعيش من دون أية مشاكل في القلب. إلا أنه طريق عظيم كي تحسن فرصك الصحية <

* رسالة هارفارد للقلب، خدمات «تريبيون ميديا»