سعادة الزواج.. سعادة للقلب

نصيحة للرجل: تفاءل بالخير تجد الصحة والعافية

TT

المتفائلون يتمتعون بصحة أفضل من المتشائمين. هذا ما خلصت إليه سلسلة من الدراسات العلمية، التي بحثت في نوعية العلاقة بين الحالة النفسية للإنسان وبين مستوى ونوعية الصحة التي يتمتع بها جسده. وضمن عدد مايو من نشرة هارفارد لـ "مراقبة صحة الرجل"، حاول الباحثون الأميركيون كشف الأسباب وراء تلك العلاقة الوثيقة بين التفاؤل أو التشاؤم من جهة وبين صحة قلب الرجل. ومما لاحظه الباحثون في مراجعتهم العلمية، أربعة ملامح لتك العلاقة، وهي:

* الرجال الأكثر تشاؤماً، بالمقارنة مع المتفائلين، عُرضة بمقدار الضعف للإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية.

* المتفائلون ممن تم لهم إجراء عملية القلب المفتوح لجراحة التخطي لشرايين القلب التاجية هم أقل بمقدار 50% للحاجة إلى عودة الدخول للمستشفى لتلقي معالجة لأي اضطرابات في صحة القلب.

* المتشائمون بدرجة عالية، هم عُرضة بمقدار ثلاثة أضعاف للإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم.

* الرجال ممن لديهم مشاعر إيجابية تجاه المستقبل والحاضر، لديهم بالعموم مقدار أقل في قراءات ضغط الدم.

هذه الملاحظات، وغيرها كثير، أصبحت مما تعود أطباء القلب على تكرار سماعه، وخاصة في نتائج الدراسات التي بحثت في هذه العلاقة، وصدرت خلال الأعوام القليلة الماضية. وهي تُقنعنا بشكل حثيث، وغير قابل للكثير من الجدل، أن التفاؤل ليس فقط مجرد حالة نفسية تستفيد منها زوجة الرجل أو أبناءه أو زملائه في العمل أو منْ يتعامل معهم في حياته اليومية، بل أن شرايين قلبه وعضلة قلبه ونبض قلبه وضغط الدم في شرايين جسمه، هي كلها المستفيد الأهم من تلك "الروح المحببة".

ولأننا في عالم يتناثر فيه من حولنا كثير من الناس السلبيين في الفهم والجدال، أي أولئك الذين يُفضلون عن قصد قراءة الجملة المكتوبة بوضوح وبخط جميل، بطريقة معكوسة. والذين حينما ينظرون إلى من كأس الماء، لا يرون سوى الجزء الفارغ فيها. وهؤلاء نفسهم هم الذين يُنكرون جدوى التفاؤل في جانب صحة القلب، ويقولون لا علاقة له بالقلب، بل أن التمتع بصحة جيدة في الأصل سبب للتحلي بالتفاؤل، والإصابة بأحد أمراض القلب ابتداءً سبب في نشوء النظرة المتشائمة للأمور الحياتية! وحاول الباحثون مجاراة هؤلاء السلبيين في قولهم أن التفاؤل إنما هو نتيجة لوجود صحة جيدة في القلب، وليس التفاؤل هو السبب في تلك الصحة الجيدة. ولذا نظروا في الحالة الصحية الأصلية للمرء، ووجدوا أن وجود أمراض وعلل صحية لدى المرء، لا يُزيل ذلك البريق وتلك الفائدة للتفاؤل على صحة قلب الإنسان! وعلينا، وقبل كل شيء، أن نقبل بأن ثمة مؤشرات علمية قوية على أن التفاؤل، ومن جوانب عدة، أحد الصفات الوراثية. وأن من الباحثين منْ يرى أن التفاؤل مغروس في نفس الجينات المرتبطة بطول مقدار العمر وبالتمتع العام بصحة جيدة.

كما أن علينا أن نقبل بأن التفاؤل ذو تأثيرات فسيولوجية على الأنظمة الكيميائية والهرمونية للجسم. وأقرب الأمثلة هو خفضه للهرمونات المرتفعة عادة في حالات التوتر النفسي والقلق. وهو ما يفعل في الجسم أكثر مما يفعله الدواء.

والمتفائلون يجدون في أنفسهم عقلية ذهنية "رائقة" بشكل أفضل لإتباع ما فيه خير وسلامة أجسمهم، ونجاتها من الإصابة بالأمراض. ولذا هم أقرب لتناول الأطعمة الصحية وبذل الجهد في البحث عنها وانتقائها، كعلامة مميزة على "ذوقهم الرفيع" فيما يجب أن يُوضع في أفواههم من طيبات الثمار والفواكه الطازجة وبقية الأطعمة والمشروبات الصحية. وهم أقرب أيضاً لإتباع الإرشادات الطبية متى ما وصلت إلى مسامعهم بصوت واضح وعبارة سليمة تُفصح عن المطلوب صحياً. وهم أقرب لتنشيط أجسامهم وممارسة الرياضة البدنية، كمظهر من مظاهر الاستمتاع بالحياة. ولأنهم لا يخافون "المجهول" فإنهم أقرب لإجراء الفحوصات الطبية الدورية، لاكتشاف الأمراض في بدايتها ومعالجتها بشكل سليم قبل أن يستفحل ضررها. وهم أقرب للتواصل مع الزوجة وأفراد الأسرة والأصدقاء، وتكوين شبكة مترابطة وصحية من العلاقات الاجتماعية الداعمة لنفسيتهم.

وبمناسبة الحديث عن التفاؤل والتشاؤم والقلب، وجد الباحثون من جامعة بريهام يونغ في ولاية أوتاه الأميركية، أن المتزوجين السعداء لديهم مقدار أقل لضغط الدم مقارنة بأقرانهم التعساء في زواجهم، وأيضاً مقارنة بالعزاب.

وفي مناقشتهم لنتائج الدراسة، المنشورة ضمن عدد 20 مايو الحالي لمجلة "مدونات طب السلوك"، قال الباحثون أن انخفاض ضغط الدم لم يكن بسبب حالة الزواج فقط، بل هي السعادة فيه. والطريف، والمهم، في الأمر أن انخفاض ضغط الدم كان أكبر حال النوم. أي أننا نتحدث عن جدوى للسعادة الزوجية تمتد تأثيرها إلى النوم ليس فقط براحة في البال، بل براحة في القلب والشرايين.

* استشاري باطنية وقلب مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض [email protected]