«متلازمة حرق الفم».. مرض يصيب النساء أكثر من الرجال

قد يكون للاضطرابات النفسية والعصبية دور فيه

TT

ان حصل يوما وقمت بحرق لسانك، فانك ستمر بقليل من تجربة الاختلال او الاضطراب هذه المؤلمة والمحبطة معا، التي تحدث عند الاصابة بمتلازمة حرق الفم Burning mouth syndrome BMS. وهي تسمية مناسبة، وان كانت لا تفسر اضطراب الالم هذا الذي يؤثر على النساء من جميع الاعراق والخلفيات بشكل غير متناسب، (أي كبير جدا مقارنة بالرجال) اغلبيتهن في اواسط العمر. وهي تعتبر حالة حميدة، اي بعبارة اخرى فانها لا تؤثر على الصحة العامة، وان كانت تزعج اولئك اللواتي يشعرن بشكل مستمر كما لو ان افواههن قد احترقت بسبب فنجان من الشاي، او القهوة، الساخنين.

وكان متلازمة BMS لسنوات قد اغضبت الاشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب او الاختلال هذا الذي حير الاطباء والباحثين. واستنادا الى الدكتور سوك-بن وو كم من كلية هارفارد لطب الاسنان الذي عالج اشخاصا يعانون من عوارض احتراق الفم في مركز امراض الفم في مستشفى بريغهام النسائي في بوسطن، فان العديد من المرضى تنقلوا بين اطباء الاسنان وجراحي الفم واطباء الاذن والانف والحنجرة واطباء الاوبئة والامراض وصولا الى الاطباء العموميين وغيرهم. لقد قصدوا كل مكان ولم ينفعهم احد.

لكن لحسن الحظ تعلمنا الكثير عن هذه المتلازمة التي على الرغم من ان لا علاج لها، الا ان العديد من الادوية والعلاجات الاخرى قد توفر بعض الراحة منها.

* متلازمة حرق الفم

* توصف متلازمة BMS بانها الم في الفم يشبة الحرق الذي لا سبب طبيعي له. وقد وصف بعض الاشخاص، الذي يمرون بمثل هذه الحالة، الاحساس بأنه الم ساخن مع الشعور بالوخز، كما لو ان الفم قد جرى كشطه. وذكروا ان الشعور هذا تركز في اللسان وفي سقف الفم والشفتين واللثة، كما ان الاجزاء الاخرى من الفم قد تتأثر ايضا. ومن الاعراض الاخرى جفاف الفم مع تغير المذاق الذي يميل عادة الى المرارة، او الطعم المعدني. ونحو نصف الذين يعانون من BMS تكون الاعراض مستمرة طوال اليوم، كما انه بالنسبة الى الكثيرين تكون الاعراض غائبة او خفيفة عندما يستيقظون في الصباح. لكن حالتهم تسوء تدريجيا مع تقدم ساعات النهار. وثمة 10 في المئة فقط يعانون من الاعراض بين الحين والاخر في الايام العادية.

غير انه قبل الجزم ان المشكلة هي BMS ، فان من المهم الاخذ بعين الاعتبار الاسباب الطبية التي قد تسبب هذا الحرق او الوخز المؤلم او تغير الطعم والمذاق. وهذه تشمل العدوى والنقص في التغذية (مثال على ذلك نقص في بعض فيتامينات “بي” المعينة التي تؤثر على انسجة الفم)، وفقر الدم، ومرض السكري من النوع الثاني، والحزاز المسطح lichen planus (وهو من مراض المناعة الذاتية الذي يتسبب قرح الفم)، والاضطرابات الالتهابية الاخرى للفم، وجفاف الفم او الحلق (قلة انتاج اللعاب) xerostomia. كذلك فان الاحساس بالحرق وجفاف الفم هما ايضا من التأثيرات الجانبية لبعض الادوية المعينة مثل مثبطات انزيم الانجيوتنسين ACE التي قد تسبب الحرق، كما ان مضادات الكآبة قد تسبب ايضا جفاف الفم. واذا كان اللسان والانسجة الفمية الاخرى حمراء، فقد يكون السبب “المبيضة البيضاء” Candida albicans او قلاع (سلاق) thrush، الذي هو عبارة عن عدوى اصلها من الخميرة. وطواقم وجسور الاسنان قد تسبب ايضا هياجا في الفم، كما ان مرض الارتجاع المريئي reflux قد يترك مذاقا مرا في الفم.

ان اعراض BMS الناجمة عن بعض الاضطرابات والحالات الطبية المعروفة تدعى “حرق الفم” الثانوي، اما “حرق الفم” الاولي فيجري تشخيصه فقط اذا ظهر اللسان وانسجة الفم الاخرى طبيعية، وبالتالي استبعدت الاسباب الاخرى لهذه الحالة.

* اسباب الحالة

* اشارت العديد من الابحاث الى ان BMS هو متلازمة من ألم الشلل العصبي سببه اعتلال الالياف العصبية. والآلية الدقيقة هنا غير معروفة، لكن ثمة دلائل ان اصابة العصب الاستشعاري الرئيسي للرأس والرقبة (العصب مثلث التوائم the trigeminal nerve) هي المسؤولة. والنظرية الاخرى ان براعم الطعم او الذوق تصبح حساسة جدا نظرا للتلف الذي اصاب الالياف العصبية التي تخدم مقدمة اللسان.

ووفقا لتجربة الدكتور وو فان غالبية مرضى BMS يعانون ايضا من الكآبة، او شكل من اشكال التوتر، او الحالات النفسية الاخرى. وبالتأكيد فان الازعاج المزمن قد يرهق الانسان ويكدره وبالتالي يؤثر على النوم وهي عوامل تزيد كلها من سوء هذه الاعراض. كذلك فان التوتر قد يؤدي الى جفاف الحلق، وبالتالي تفاقم الاحساس بالحرق. كما انه من الممكن جدا انه يجري تنشيط الالياف العصبية عن طريق مشكلة مبطنة نفسية. “انها مشكلة بعوامل متداخلة بعضها مع البعض الاخر” كما يقول الدكتور وو، الذي تابع قائلا “اعتقد ان عوامل مختلفة قد تسبب BMS على نطاق ضيق، لكن الاسباب النفسية الاجتماعية هي كثيرة ومتعددة، وهي تختلف مع اختلاف الاشخاص”. ومثال على ذلك هو ان “حرق الفم” الاولي هو شكل من اشكال الاضطراب الجسدي ذي المنشأ النفسيsomatization disorder ، الذي هو حالة مزمنة، بحيث تدوم هذه العلل الطبيعية لسنوات من دون اي تفسير فسيولوجي. وتقول نظرية somatization ان المسائل العاطفية تعبر عن ذاتها بالعلل الجسدية. ويقول الاطباء احيانا ان الاشخاص الذين يعانون من الاضطرابات التجسيدية لا يوجد لديهم فعلا أمر “فعلي” خاطئ. غير ان البحث في الصلة بين الدماغ والجلد والمناعة والغدد الصماءة والوظائف الاخرى تشير الى ان الاجهزة والانظمة المختلفة تلعب دورا في هذه الاضطرابات المعقدة.

ولا يوجد اي شك لدى الدكتور وو ان مرضى BMS يشعرون فعلا بالحرق والالم. ولكون التجسيد هنا ظاهر وواضح، فقد ينطوي فحص واختبار وجود اعراض ممكنة ل BMSاسئلة حول حياة المصاب وعمله وحياته المنزلية والمصادر الاخرى التي تؤدي الى توتره.

* سبل العلاج

* ماذا علينا ان نفعل اتجاه ذلك كله؟

* اذا شعرت بحرق مؤلم مستمر في الفم بادر الى استشارة الطبيب العام الذي سيقوم باستعراض تاريخك الصحي وفحص فمك والقيام بفحص جسدي، وربما قد يطلب فحص دم وفحص للحساسية وزراعة نسيج او اخذ خزعات. واذا تطلب الامر المزيد من الاختبارات فقد يجري تحويلك الى اخصائي. واذا كان “حرق الفم” الاولي هو التشخيص المحتمل يتوجب عليك رؤية اخصائي في طب الفم.

ويستهدف “حرق الفم” الاولي ادارة الاعراض. وقد وجد الاطباء ان الادوية، والاساليب الاخرى التي لا تعتمد على الادوية، قد تساعد المرضى، وهي:

ـ ادوية مقاومة للتوتر والكآبة والاختلاجات. بعض الادوية من هذه الاصناف هي فعالة في علاج BMS والاضطرابات الشللية العصبية لكونها تخفف من نشاطات الالياف العصبية. وتوصف العقاقير anti-anxiolytics (Klonopin), chlordiazepoxide (Librium), tricyclic antidepressants amitriptyline (Elavil), nortriptyline (Pamelor) لعلاج BMS بجرعات خفيفة من تلك التي تستخدم لعلاج التوتر والكآبة. كذلك اثبتت جرعات خفيفة من anticonvulsant gabapentin (Neurontin) فائدتها. ولكون clonazepam و chlordiazepoxide قد يشجعان على الادمان فان الاشخاص الذين يكونون في موضع خطورة قد يعطونamitriptyline او notriptyline او gabapentin. لكن المجموعة المختارة من مثبطات serotonin reuptake (SSRI) المضادة للكأبة ليست مفيدة في علاج اعراض BMS. ـ كابسياسين Capsaicin. قد يصعب تصديق الامر. لكن المركب الذي يضع الحرارة في الفلفل الحار هو عامل يضعف الاحاسيس، فهو يخفف العديد من الآلام عن طريق تعطيل المادة “بي P” المادة الكيميائية التي ترسل اشارات الالم في الخلايا العصبية. وتتوفر كابسياسين في المراهم واقراص المص الطبية. ويمكن ايضا محاولة مزج خمس الى ست قطرات من صلصة الفلفل الحار ك “التباسكو” مثلا، بملعقة شاي من الماء ومسح باطن الفم بها. وقد يزداد الحرق في البداية قبل ان يهمد تدريجيا بعد دقائق. وفي نهاية المطاف يكون هناك بشكل اجمالي هبوط واضح في درجة الشعور بالحرق.

ـ حامض الفا-ليبيوك ALA. وهذا حامض مضاد للاكسدة، وقد اظهرت بعض الدراسات انه واق للاعصاب. وكانت “مراجعة كوشرين 2005” للتجارب المتحكم بها قد عثرت على دليل على ان ALA يخفف من اعراض BMS.

ـ ادارة التوتر. العلاقة بين التوتر والاضطرابات المزمنة مثل BMS هي معقدة وربما عملية دائرية. والتوتر قد يكون سبب هذه الاعراض، او نتيجة لها، او الاثنين معا. في اي حال فانه من المهم ادارة التوتر. ويمكن تجربة اساليب مثل التأمل واليوغا والتمارين الرياضية والعلاج النفسي. واظهرت التجارب المتحكم بها ان العلاج الادراكي السلوكي يقلل من اعراض BMS <

* خدمة هارفارد الطبية – الحقوق: بريزيدانت آند فيلوز – كلية هارفارد.