عامل النمو البشري.. الرياضيون المحترفون أهم زبائنه

يوظف لعلاج أمراض قصر القامة ومنتجاته تحظى بالشعبية لتحسينها شكل الجسم

TT

عامل النمو البشري الذي يوصف بأنه العامل المضاد للشيخوخة، يتناوله الرياضيون وغيرهم بهدف بناء عضلاتهم وتقليل الدهون لديهم.

يوظف عامل النمو البشري Human growth hormone HGH في عدة استخدامات طبية مشروعة. فهو علاج لقصر القامة لدى الاطفال وللمصابين بمتلازمة تيرنر Turner’s syndrome، وهي حالة مرضية وراثية تصيب الفتيات وتنتج عن فقدانهن لكروموسوم «اكس» او عدم اكتماله لديهن. كما استخدم على مستوى تجريبي بنجاح، لعلاج المصابين بحروق شديدة، ومرضى الايدز الذين يمتلكون كميات زائدة من شحوم البطن.

الا ان هناك سوقا سوداء هائلة لعامل النمو البشري حاليا. والرياضيون المحترفون هم الزبائن، وغيرهم كثيرون ايضا. ويسوق الالهرمون كدواء مضاد للشيخوخة منذ بداية التسعينات من القرن الماضي، وذلك بعد نشر دراسة في مجلة «نيو إنغلاند جورنال اوف ميديسن»، اظهرت انه يعاكس عملية فقدان قوة العضلات، وعملية اكتساب الجسم للدهون، وهما الظاهرتان اللتان تصاحبان العمر المتقدم. ويصبح هذا العامل شعبيا لدى الشبان، الذين غالبا ما يتناولونه مع الستيرويدات البنائية Anabolic Steroids بهدف تحسين شكل اجسامهم.

* دفقات قصيرة

* عامل النمو البشري، هرمون يفرز طبيعيا من قبل الغدة النخامية Pituitary Gland، وهي الغدة «الرئيسية» المتدلية التي تتعلق من قاعدة الدماغ. وتفرز الكميات القليلة من الهرمون من قبل النصف الامامي من الغدة لغاية البلوغ، لكن متى ما ينتهي الافراز المتعاظم اثناء مرحلة المراهقة، فان مستوياته تأخذ بالانحدار، اذ تتناقص افرازاته بشكل دائم اثناء مرحلة البلوغ بمعدل 14 في المائة لكل عقد من السنين. ويطلق اسم آخر على عامل النمو البشري وهو «سوماتوتروبين» Somatotropin. وتسمى حالة التناقص التدريجي له عند البالغين في بعض الاحيان «توقف السوماتوتروبين» Somatopause.

ويتأثر عامل النمو البشري بعوامل اخرى غير العمر. وتظهر افرازاته على شكل دفقات قصيرة تمتد لفترة 90 دقيقة. وتظهر اكبر واحدة من تلك الدفقات في غضون ساعة من استغراقنا في النوم. كما تؤثر التغذية ايضا، فالوجبات الغذائية الغنية بالبروتينات تحفز على افرازه، اما الغنية بالكربوهيدرات – أي التي ينتج عن تناولها مستويات عالية من سكر الدم، فانها تخمد افرازه.

كما ان بامكانك ان ترفع مستويات عامل النمو البشري باجراء التمارين الرياضية. ويمكن ان ترتفع مستوياته في الدم 10 مرات خلال فترة مطولة من التمارين المعتدلة، الا ان التمارين الرياضية العنيفة لفترة قصيرة، يمكنها ان تحدث تأثيرا اقوى، اذ تفترض بعض الابحاث ان هذه الاستجابة ترتبط بقوة التمارين اكثر من ارتباطها بفترة اجرائها. والعمر يقلل من تأثير الاستجابة للتمارين الرياضية، لذلك كلما تقدم بك العمر، فان نفس التمارين الرياضية تفرز دفقة اقل من عامل النمو البشري.

* عضلات اكبر.. واقل قوة

* وقد كانت تجهيزات عامل النمو البشري قليلة، عندما كانت الجثث مصدره الوحيد. الا ان الثمانينات من القرن الماضي شهدت تطوير تقنيات وراثية تسمى Recombinant Genetic Techniques امكن بواسطتها مراقبة الجينات التي تنتج االهرمون داخل احياء مجهرية. وتنتج عدة شركات حاليا عامل النمو البشري الذي يسوق باسماء تجارية مثل «جينوتروبين» Genotropin، «هيوماتروب» Humatrope، «وبروتروبين» Protropin. الا ان هذه المنتجات غالية، ويتطلب العلاج انفاق 1000 دولار في الشهر. كما انها ليست مناسبة، فعامل النمو البشري يتحلل اثناء الهضم، ولذلك فان المطلوب هو حقنه.

وقد ادت المقالة المنشورة في مجلة «نيو إنغلاند جورنال اوف ميديسن» الى ظهور العديد من الشركات المنتجة لعامل النمو البشري، التي اثارت التساؤلات. الا انها قادت ايضا الى اجراء بعض الابحاث المهمة. واظهرت سلسلة من التجارب التي اجرتها جامعة واشنطن في سانت لويس، ان عامل النمو البشري قاد الى زيادة حجم عضلات الناس، الا انه لم يقد بالضرورة، الى زيادة قوتها. وأحد التفسيرات المحتملة لهذه النتائج، وللنتائج المماثلة الاخرى، هي ان عامل النمو البشري يقود الى الاحتفاظ بالماء ويضيف انسجة ضامّة، الا انه لا يضخم الانسجة القابلة للانقباض التي تزيد في القوة. كما ان من المحتمل ايضا ان هذه الدراسات كانت قصيرة جدا وشملت عددا قليلا من المشاركين، ولذا لم تقدم نتائج التأثيرات البعيدة المدى.

كما ان عليك ان تتذكر ان التجارب المراقبة، لا تتشابه مع طريقة استخدام رياضيي النخبة، لعامل النمو البشري- بل وحتى للاشخاص العاديين الذين يمارسون الرياضة في مركبات التمارين الرياضية المحلية الذين يرغبون في تحسين شكلهم. فالكثير من هؤلاء يتناولون السترويدات البنائية اضافة الى عامل النمو البشري الذي يتناولونه. وقد يستخدمه العداؤون للمسافات الطويلة مع الـ«إيرثروبوينتين» Erythropoietin، وهو هرمون يحفز على انتاج خلايا الدم الحمراء. كما يقول بعض الرياضيين انهم يستخدمون عامل النمو البشري بهدف اضافة العضلات، بل بهدف تسريع الشفاء من الاصابات فقط.

* تأثيرات معاكسة

* الدراسات حول عامل النمو البشري كانت قصيرة جدا، بحيث انها لم تتمكن من توفير دلائل مباشرة حول التأثيرات المعاكسة الناجمة عن الاستخدام الطويل المدى له. وبدلا من ذلك فقد تم التوصل الى الاستدلالات عنه من الاشخاص المصابين بعِظَم الاطراف (تضخم اليدين والرجلين والوجه)، وهو مرض مزمن ينجم عن زيادة في افراز هرمون النمو من قبل الغدة النخامية. ويؤدي عِظَم الاطراف Acromegaly الى مشاكل كبيرة تمتد بين مرض السكري وارتفاع ضغط الدم والتهاب المفاصل. ورصدت الدراسات القصيرة المدى تأثيرات جانبية غير مرغوبة لعامل النمو البشري، تشمل تضخم الانسجة الطرية، وآلام المفاصل، ومتلازمة النفق الرسغي Carpal Tunnel Syndrome وزيادة في مستويات سكر الدم.

ان انعدام دراسات طويلة المدى يجعل من الصعب ايضا التأكد من احتمال علاقة عامل النمو البشري بزيادة خطر الاصابة بالسرطان، فهناك دلائل من اختبارات اجريت في الأوعية المختبرية، والتجارب على الحيوانات، والاختبارات الوبائية، تنوه الى احتمال وجود مثل تلك العلاقة. الا انه، واعتمادا على الدراسات التي تم اجراؤها حتى الآن، فان علاقة تعتمد على السبب- النتيجة، لا تزال غير واضحة < •خدمة هارفارد الطبية – بريزيدانت آند فيلوز – كلية هارفارد.