معالجة تضيّق شرايين العنق.. الجراحة أم التوسيع؟

الحصائر المعدنية لا تزال تصلح لفتح شرايين القلب ولكن ليس للدماغ

TT

حتى الآن تظل الجراحة افضل الخيارات لغالبية الناس الذين يعانون من تضيّق الشريان السباتي.

البالونات الفاتحة للشرايين، والحصائر (الدعامات) المعدنية ذات الشبكات السلكية الصغيرة، تقدم خيارا آمنا وفعالا بديلا عن العمليات الجراحية الموجهة لفتح مجازات من الاوعية الموازية لتغذية القلب، في حالات علاج الشرايين المغذية للقلب الممتلئة بترسبات الكوليسترول. لكن هناك ولعدة بوصات الى الاعلى، حيث توجد الشرايين المغذية للدماغ، لا يبدو من الواضح ان تستطيع الحصائر منافسة العمليات الجراحية. ولا يكمن الامر هنا في كون علاج التضيق بهذا الشكل لا يمكنه فتح الشرايين السباتية المتضيّقة. اذ انه يقوم بذلك في الواقع. ويقول الدكتور مارك شيرمرهورن رئيس جراحة باطن الاوعية الدموية في مركز بيث اسرائيل دياكونيس الطبي المرتبط بجامعة هارفارد، ان «ما نفتقده، هو الدليل الذي يوضح ان عملية ازالة تضيق الشريان السباتي، هي معادلة للجراحة لدى مجموعات مختلفة من الناس».

* لا ألم في الرقبة

* الشرايين السباتية هي الاوعية التي يجري فيها الدم نحو الدماغ. وهي تتفرع عن الشريان الأورطي، وتتوجه الى الاعلى على جانبي الرقبة. وهذه الشرايين مهددة بنفس مخاطر عمليات الترسبات الحاصلة بسبب تراكم لويحات الكوليسترول في الشرايين التاجية. وهذا التراكم في واحد او كلا الشريانين السباتيين، لا يرصد عادة، الا عندما يصبح التضيقّ حادا.

وفي بعض الاحيان يرصد الاطباء التضيقات في الشرايين السباتية عندما يجرون فحوصا روتينية على مرضاهم، وذلك بسماعهم لـ«وشوشات صوت» bruits في واحد من الشريانين او في كليهما. وهذه هي اصوات خفيفة موشوشة تحدث نتيجة الجريان المضطرب للدم عبر الشريان السباتي المتضيق. وفي بعض الاحيان تكتشف الشرايين السباتية المتضيقة لدى الفحص بالموجات فوق الصوتية للرقبة والرأس. ولكن، ولاكثر الناس، فان اول اشارة على وجود مشكلة هي ظهور نقص التروية الدموية العابرة، او السكتة الدماغية.

* فتح الشريان السباتي

* جراحة باطن الشرايين endarterectomy تقضي بفتح الشريان السباتي وجمع ومسح الترسبات الدهنية، ثم خياطة الشريان، ثم خياطة جلد الرقبة سوية. والهدف الرئيسي للعملية هو منع وقوع سكتة دماغية في المستقبل. واكبر جوانبها السيئة احيانا، هو تسببها في حدوث المشكلة التي كانت هي، كعملية، موجهة اساسا لدرئها. فحتى ومع وجود اكثر الجراحين خبرة، فان نسبة حدوث السكتة القلبية (بعد اجراء هذه العملية) يظل في حدود 1 الى 2 في المائة.

اما عملية اصلاح الشريان السباتيangioplasty فتبدأ بفتح شق صغير فوق الشريان الفخذي في منطقة ما بين الرجلين، ثم تدخل انبوبة رفيعة تسمى القسطرة، بنعومة نحو الشريان، وتتم مناورات دفعها نحو الشريان السباتي المتضيق. وعندما تصبح في موقعها المطلوب، فان البالون الموضوع في قمة القسطرة يتم نفخه، كي يقوم بكشط الترسبات الموجودة على باطن الشريان وكي يضع حصيرة تنفتح، لتوسيع الشريان على الدوام. ومثلها مثل عملية جراحة باطن الشريان، فانها قد تسبب ايضا حدوث السكتة الدماغية.

* مقارنة العمليتين

* لو كانت عمليتا جراحة الشريان السباتي واصلاحه، متكافئتين في فاعليتهما، وسلامتهما، ودوامهما، فحينذاك ستكون عملية اصلاح الشريان السباتي خيارا جيدا للكثير من الناس. فهي لا تخلف سوى ندبة صغيرة في ما بين الرجلين، بدلا من ندبة واضحة في الرقبة، وهي تجرى تحت التخدير الموضعي بينما تجرى الاولى تحت التخدير العام، كما ان زمن التنويم في المستشفى اقل من الاخرى.

الا ان هاتين العمليتين ليستا متكافئتين، على الاقل ليستا كذلك بالنسبة للانسان المتوسط الذي يعاني من تضيق في الشرايين السباتية. وهذا هو السبب في ان عملية الاصلاح بالحصائر لا تستخدم في علاج الشرايين السباتية، كما هو الحال بالنسبة للشرايين التاجية، التي اصبحت اكثر شعبية من جراحات فتح مجازات الاوعية الدموية.

وبالمقارنة مع القلب فان الدماغ يعتبر منطقة «لا يغتفر لها». وان كان تحطيم وازالة قطعة من الترسبات او خثرة دموية في الشرايين التاجية لا يمثل مشكلة كبيرة، فان حدوث مثل ذلك في الشرايين السباتية قد يقود الى احتمال ان تتوجه التشظيات لتنغرز في بطانة الشرايين المغذية للدماغ والتسبب في السكتة الدماغية.

وقد ساعد تطوير مرشحات صغيرة جدا لوضعها بصفة مؤقتة قرب البالون في عملية اصلاح الشرايين، فعلا، على تقليل مضاعفات العملية. ومع ذلك فان معدلات السكتة الدماغية تكون اعلى لدى اجراء عملية اصلاح الشريان السباتي، مقارنة بعملية جراحة الشريان السباتي.

* توصيات

* في الوقت الحاضر، توصي جمعية القلب الاميركية باجراء عمليات جراحة الشرايين السباتية للاشخاص الذين حدثت لهم سكتة دماغية او سكتة دماغية عابرة، والذين لديهم تضيق فيها بنسبة تزيد عن 50 في المائة، او لاولئك الذين لا تظهر لديهم أي اعراض مؤذية الا ان نسبة التضيق فيها تزيد عن 70 في المائة.

اما عملية اصلاح الشرايين السباتية ووضع الحصائر فيها فتكون لاولئك الذين لديهم تضيق كبير في الشرايين السباتية والذين تكون عملية الجراحة اكثر خطورة عليهم من المعتاد. وهذا يشمل الافراد الذين يعانون من امراض الرئة او الذين عولجوا بالاشعاع للرقبة او اجريت لهم عملية جراحية فيها، ولاولئك الذين حدث لديهم تضيق في الشرايين السباتية مرة اخرى بعد اجراء عملية جراحية فيها.

الا ان الدلائل الجديدة قد تغير هذه التوصيات. وتقوم اختبارات موسعة بعنوان «اختبارات مقارنة عملية جراحة الشريان السباتي بعمليات اصلاحه بالحصائر» Carotid Revasscularization Endarterctomy versus Stenting Trial، باجراء مقارنة مباشرة بين عمليات الجراحة وعمليات وضع الحصائر في الشرايين.

وحتى ذلك الحين، وبدعوى عدم الحصول على ندبة كبيرة، او بدعوى الشفاء السريع، فان اختيار عملية ازالة تضيق الشريان السباتي بدلا من عملية جراحته، لا يعتبر افضل الحلول <

* خدمة هارفارد الطبية ـ الحقوق: بريزيدانت آند فيلوز ـ كلية هارفارد