تناول السوائل أثناء إجراء التمارين الرياضية

قلتها تؤدي إلى الجفاف وكثرتها إلى التسمم

TT

س: لقد قيل لي دوما، إن من المهم تناول كميات كبيرة من السوائل خلال إجراء التمارين الرياضية، ويبدو ان ذلك كان مناسبا لي. إلا أنني قرأت ان شرب الماء الكثير يمكن ان يصبح خطرا جدا، ما هو الأمر الصحيح؟

ج: الأمران صحيحان، فإن التروية الجيدة بالسوائل مهمة، إلا ان زيادة هذه التروية تصبح خطيرة، بل قاتلة. وغالبا ما يقود الرأي السليم والاعتدال الى حمايتك.

حتى نهاية السبعينات من القرن الماضي، كانت النصيحة توجه لأغلب الرياضيين بعدم تناول الماء قبل بدئهم التمارين وأثناءها. وكانت الفكرة تستند الى مبدأ درء شعورهم بالامتلاء، كذلك تحسين أدائهم. كما كان بعض المدربين يعتقدون ان الامتناع عن السوائل سوف «يقوي الطبع» لديهم. إلا ان هذه الفكرة لم تؤد مهمتها. ففي الواقع فإن الجفاف يزيد من تشنجات العضلات، ومن الإجهاد الحراري، ومن ضربة الشمس عند إجراء التمارين في الأجواء الدافئة. وقد يقود الجفاف الى جعل المتمرنين في حالات من الترنح والشكوى بعد الانتهاء من التمارين.

أخطار الجفاف.. والتروية

* وعندما أصبحت أخطار الجفاف واضحة، فقد اخذ الخبراء في التشجيع على تناول الماء أثناء إجراء التمارين. والتوصية العامة هي تناول 20 الى 40 أونصة (الأونصة نحو 29 مليلترا)، في الساعة أثناء التمارين. إلا ان هذه التوصيات كانت موجهة الى نخبة الرياضيين الذين كانت تمارينهم العنيفة تقود الى فقدان كميات كبيرة من السوائل مع العرق. كما أنها كانت موجهة الى أنواع التمارين التي تستغرق ساعتين او اقل.

ونتيجة لهذه التوصيات، بدأ الرياضيون بتناول الماء. وأخذوا يشربون أكثر فأكثر، ربما جزئيا بسبب تحفيز الشركات المنتجة للمشروبات الرياضية وقناني المياه. إلا ان البعض منهم شرب الكثير جدا، الأمر الذي أدى الى التسمم بالمياه، او حالة انخفاض مستوى الصوديوم وHyponatremia. وهناك مئات من هذه الحالات وعدد من الوفيات التي رصدت، تم نشرها في المجلات الطبية.

وكانت الوفاة المأساوية لإحدى الفتيات العداءات المشاركات في سباق الضاحية في بوسطن عام 2002، قد أثارت الاهتمام بهذه المشكلة، وحفزت على تقديم نصائح ضد شرب كميات كبيرة من السوائل أثناء التمارين، والتحذير واجب، والنصيحة مهمة.

ان ضحية التسمم بالماء في العادة، هو عدّاء مشارك في سباق الضاحية لفترة أربع ساعات، يتناول كميات كافية من السوائل ـ غالبا ما مقداره 96 أونصة ـ بهدف إضافة الوزن أثناء السباق، وهذه كمية كبيرة.

مقادير وكميات

* كم عليك ان تتناول من السوائل؟.. في الطقس الحار، يمكنك ان تفقد ما يزيد على 32 اونصة من العرق خلال ساعة من التمارين المعتدلة او المكثفة. اما في الطقس البارد فستفقد اقل من ذلك بكثير. خطط لتناول قدحين او ثلاثة أقداح من الماء في الساعة، وعليك ان تزيد الكمية إن كنت تفرز العرق بغزارة. وان تناولت 32 أونصة او ضعفها خلال مباراة طويلة في الصيف لكرة المضرب (التنس)، او خلال تمارين عنيفة، فلن تقع في أي مشكلة. ولا تحتاج الى ملح إضافي لدرء حالة انخفاض مستوى الصوديوم، كما ان المشروبات الرياضية لن تكون أفضل من الماء إلا اذا جاء تعويضك للسوائل متأخرا. والقضية إذن هي ببساطة الامتناع عن تناول كميات كبيرة جدا من السوائل.

أفضل الأمور ان تقيم احتياجاتك. اشرب عندما تشعر بالجفاف او العطش، لكن لا تجبر نفسك بشكل عشوائي على شرب كميات كبيرة. ولكي تتعرف بالضبط على مدى احتياجاتك للبقاء متوازنا، زن نفسك قبل التمرين وبعده، وخفف من ملابسك لدرء تشبعها بالعرق. ومقابل كل رطل (الرطل نحو 453 غراما)، تفقده، ستحتاج الى نصف لتر من السوائل. كما يمكنك أيضا مراقبة حجم البول. وإن كان بولك قليلا ومركزا، فإنك مصاب بالجفاف، لكن إن كان صافيا وكثيرا فإن لديك تروية كافية. ومع ذلك تذكر، انك إذا زاد وزنك، وشعرت بالامتلاء، أو الدوار أو التقيؤ، فإنك قد تقع في مشكلة انخفاض مستوى الصوديوم، الكبيرة.

الطب علم، إلا ان تعاليمه غالبا ما تتحرك مثل البندول. وان ظللت مركزا لأفكارك وتحليت بالرأي السليم في تقييمك للنصائح، فلن تكون من الواقعين في الجفاف، ولا من المبتلّين! <

* طبيب، رئيس تحرير «هارفارد مينس هيلث ووتش» خدمات تريبيون ميديا