السمنة في السعودية.. وعلاقتها بالأمراض المزمنة

التغذية غير الصحية من أهم أسبابها وتحتاج إلى برامج تثقيفية وتأهيلية

TT

دراسة سعودية أجريت على مجموعة من العاملين اوضحت أن الوزن المرتفع ارتبط ايجابيا مع تناول اللحوم والبيض والبطاطس المقلية والدهون، وان متوسط مؤشر كتلة الجسم كان منخفضا بين الذين لا يتناولون اللحوم مقارنة بالذين يتناولونها بكثرة.واظهرت دراسة اخرى أن 50% من المشاركين في عينة الدراسة، لديهم زيادة في الوزن و65% منهم يتناولون أغذية ذات مستوى عال من الدهون. وتبين ان لدى المتزوجات زيادة كبيرة في الوزن وتنتشر بينهن السمنة.

ان التغير في النمط الغذائي الذي ظهر خلال العقود القليلة الماضية كان عاملا اساسيا في زيادة خطورة الاصابة بالأمراض المزمنة. وقد أوضح العديد من الدراسات، ان معظم الدول العربية مرتفع في استهلاكه للأطعمة الكربوهيدراتية والدهنية، ويتجلى ذلك بوضوح أكبر خلال شهر الصيام، حيث يكثر تناول الدهون ويقل تناول الأغذية الغنية بالألياف وتكاد تنعدم ممارسة النشاط البدني، مما يساعد على الاصابة بالعديد من الأمراض مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكولسترول في الدم وزيادة الوزن.

كما وإن معظم الاطباق في المائدة الرمضانية تحتوي على كميات زائدة من الملح مما يزيد من ارتفاع ضغط الدم وزيادة خطورة الاصابة بالجلطة وأمراض القلب التاجية.

تحدثت الى «صحتك» الباحثة السعودية نوف بنت علي آل سليمان المتخصصة في التغذية التطبيقية مشيرة الى أن للخمول البدني، الذي تصل نسبة انتشاره بين سكان العالم حوالي 60%، دورا مشتركا مع العادات الغذائية في حدوث معظم الأمراض المزمنة.

الخمول البدني

* وقد شهدت المملكة العربية السعودية خلال العقود الثلاثة الماضية تغيرات حياتية كبيرة، انتشر فيها الخمول البدني بشكل واسع لدى جميع فئات المجتمع وارتفعت نسبة الاصابة بالامراض المزمنة وزيادة الوزن. وتضيف الباحثة أن السمنة تعد مصدر خطورة يسهم في تعرض الفرد للإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة بما في ذلك أمراض القلب التاجية. ويعتقد ان الأسباب الرئيسة لانتشار السمنة تكمن في النمط الحياتي المعاصر المتمثل في الخمول البدني وزيادة استهلاك الأغذية الغنية بالدهون والسعرات الحرارية.

وترجع الباحثة سبب الاصابة بالسمنة في مجتمعنا الى التغير في نمط الحياة، وذلك بتوافر السيارة للمواصلات والتسهيلات لربة المنزل ووجود الخدم والجلوس أمام التلفزيون لساعات طويلة وزيادة الدخل والتعدد في انواع الاكل والشرب مما ادى الى صرف اقل للطاقة وتكدس الدهون بالجسم وزيادة الوزن ومن ثم السمنة وما يرتبط بها من امراض. كما وإن تناول الأغذية خارج المنزل قد يلعب دورا في زيادة الوزن، لأن معظم ما يتم تناوله عال في السعرات الحرارية.

وأضافت أن هناك دراسات عالمية واقليمية ومحلية أجريت حول العلاقة بين نمط الحياة والتغذية والرياضة والإصابة بالأمراض المزمنة وخاصة «السمنة». وتعرف السمنة، ببساطة، أنها زيادة وزن الجسم عن الحد الطبيعي نتيجة تراكم الدهون فيه، والفرق بين زيادة الوزن والسمنة أن مؤشر كتلة الجسم (الوزن بالكيلو غرام على مربع الطول بالمتر) يكون بين 25-30 في حالة زيادة الوزن وأكثر من 30 في حالة السمنة.

السمنة عالميا

* تشير الوثائق العلمية الصادرة من الهيئات والمنظمات الصحية الدولية (2002 WHO) الى ان السمنة قد ازدادت انتشارا بين دول العالم الصناعي وانها تزحف بقوة على البلدان التي في طور النمو.

في الولايات المتحدة الاميركية أوضحت إحدى الدراسات أن نسبة السمنة بين الاميركيين من اصل افريقي بلغت 30.4 في المائة، وعند الأميركيين من اصل ابيض 27.3 في المائة.

وكذلك الحال في الدول العربية والخليجية، ففي المملكة الاردنية الهاشمية تشير الدراسات الى ان السمنة منتشرة في 49.7 في المائة بالمجتمع ممن هم أكبر من 25 سنة، وتصل عند السيدات 59.8 في المائة وعند الرجال 22.7 في المائة.

وفي دراسة كانت بين تونس والمغرب وجد ان مستوى السمنة كان 12.2 في المائة عند السيدات في المغرب، بينما 14.4 في المائة عند السيدات في تونس، حيث كانت السمنة منتشرة بين السيدات في كلا البلدين وقد تضاعف انتشارها بين السيدات ثلاث مرات مقارنة بالعشرين سنة الماضية، اما نسبة السيدات زائدات الوزن فكانت 50.9 في المائة في تونس و51.3 في المغرب.

وقد اشارت مجموعة من الدراسات المتباينة في شموليتها وحجمها الى ان مؤشر كتلة الجسم يرتفع مع العمر عند الفتيات، ففي دراستين اجريتا على الفتيات البالغات ما بين 20 و25 سنة في مدينة عمان )234 فتاة ( وبادية المفرق )233 فتاة( تبين ان 3.4 في المائة من عينة دراسة عمان يعانين من سمنة و18.4% يعانين من زيادة وزن، وكانت نسبة المصابات بالسمنة في بادية المفرق 6.9 في المائة أي اعلى من عينة عمان وكذلك نسبة زيادة الوزن في بادية المفرق 27 في المائة.

السمنة في السعودية

* أشارت الباحثة الى دراسة محلية سعودية، أعلنت نتائجها عام2005 وكانت عن مدى انتشار السمنة عند السعوديين من الجنسين في المجتمع الريفي والحضري، وكان هذا العمل جزءا من الدراسة الوطنية الكبرى عن امراض الشرايين التاجية في السعودية خلال خمس سنوات من عام 1995 الى 2000. لقد وجد ان المعدل الكلي لانتشار السمنة هو 35.6% وكان المعدل بنسبة 26.4 للرجال و 40% للسيدات. ولوحظ أن معدل زيادة الوزن اعلى عند الرجال بنسبة 42.4% مقارنة بنسبة 31.8% لدى السيدات. اما معدل زيادة الوزن فهو 36.9% بالسعودية. ووجد ان اعلى نسبة لانتشار السمنة في المنطقة الغربية 42% تليها الوسطى 40% واقل معدلات السمنة كانت في المنطقة الجنوبية 30%.

ودراسة أخرى كانت اكثر تعقيدا وتنظيما، فمن العينة التي ضمت 1580 مراجعا لخمسة عشر مركزا صحيا في منطقة الرياض كانت نسبة السمنة بين الرجال 28.6 في المائة وزيادة الوزن 24.8 في المائة. اما في السيدات المراجعات لتلك المراكز الصحية فكانت نسبة السمنة عالية جدا حيث بلغت 47 في المائة بينما سجلت نسبة الزيادة في الوزن 26.8 في المائة.

أما عن انتشار السمنة في السعودية حسب العمر، فقد اظهرت الدراسة التي قام بها الدكتور الحازمي أن في المجموعة العمرية ما بين 15 الى 70 سنة تمثل 13.5 في المائة و20.26 في المائة عند الرجال والسيدات على التوالي، وهذه النسب اعلى مما هي عليه في اميركا 12 في المائة للرجال و15 في المائة للسيدات اللاتي تتراوح اعمارهن ما بين 20 ـ 64 سنة. وفي بريطانيا 8 و9 في المائة للرجال والسيدات الذين اعمارهم تتراوح ما بين 20 ـ 64 سنة. وفي ايطاليا 4.9 و3.6 في المائة عند الرجال والسيدات ما بين 15 ـ 44 سنة. و9.9 و11.1 في المائة للرجال والسيدات في عمر 45 ـ 64 سنة.

أما الدراسة التي أجريت على 1072 مريضا سعوديا من الجنسين في اعمار تتراوح ما بين 18 ـ 74 سنة في المنطقة الشرقية من السعودية، فأظهرت أن نسبةَ السمنة وزيادة الوزن مجتمعين مرتفعةٌ، اكثر من نصف الرجال 51.5 في المائة وحوالي ثلثي السيدات 65.4 في المائة.

السمنة والغذاء

* وعن العلاقة بين الحالة الاجتماعية وبين استهلاك الأطعمة المرتفعة في الدهون والسعرات، أوضحت نتائج دراسة سعودية أجريت على مجموعة من العاملين أن الوزن المرتفع ارتبط ايجابيا مع تناول اللحوم والبيض والبطاطس المقلية والدهون، وان متوسط مؤشر كتلة الجسم كان منخفضا بين الذين لا يتناولون اللحوم مقارنة بالذين يتناولونها بكثرة.

ودراسة أخرى في مدينة جدة للدكتور أبا الخيل، أظهرت أن 50% من عينة الدراسة لديهم زيادة في الوزن و 65% منهم يتناولون أغذية ذات مستوى عال من الدهون.

وتبين ان لدى المتزوجات زيادة كبيرة في الوزن وتنتشر بينهن السمنة، وكلما تقدم العمر ايضا زادت نسبة الاصابة بزيادة الوزن والسمنة عند السيدات.

مضاعفات السمنة الخطيرة

* ترتبط السمنة بعدة أمراض، من أهمها داء السكري النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم، وزيادة البروتينات الدهنية المنخفضة الكثافة LDL ونقص البروتينات المرتفعة الكثافة HDL التي تعد من عوامل المخاطر للاصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

إن السمنة تزيد من خطر الموت المبكر، خصوصا عندما تكون مصاحبة لداء السكري وارتفاع ضغط الدم او ارتفاع الكولسترول في الدم.

وأخيرا تشير الباحثة نوف آل سليمان أخصائية التغذية التطبيقية الى أن:

* السلوك الغذائي السليم هو أحد أهم روافد البناء الصحي المحكم، والغذاء الصحي طريق آمن للصحة السليمة، كما ان التغذية غير الصحية من مسببات ارتفاع ضغط الدم وظهور داء السكري والسمنة وزيادة الهرمون في الدم والعديد من الأمراض الطارئة والمزمنة.

* اهمية وضع برنامج للتركيز على السمنة ومخاطرها، خاصة بين السيدات، ليس فقط لارتفاع الاصابة بينهن، لكن لدورهن في التأثير في اطفالهن وبالتالي احتمال اصابة الصغار بالسمنة في المستقبل.

* من ايجابيات ممارسة النشاط البدني بانتظام مع تحسين الحالة الغذائية، الوقاية من بعض الأمراض المزمنة والمشكلات الصحية، وايضا زيادة الطاقة المصروفة من الجسم، وبالتالي المساهمة الفعالة في الوقاية من السمنة والتخلص منها.