الحروق وعلاجها

تقسم إلى درجات بحسب خطورتها وعمقها.. وإلى أنواع بحسب مسبباتها

TT

تقسم الحروق درجات بحسب خطورتها وعمقها، وأنواعاً بحسب مسبباتها. ولن نتطرق في هذا المقال إلى الحروق الناتجة عن التيار الكهربائي ولا الحروق التي تسببها المواد الكيميائية، لكن سنكتفي بالحروق التي تكون نتيجة سائل أو جامد أو غاز ساخن أو ناجمة عن لهب.

1 - درجات الحروق: تقسم الحروق ثلاث درجات، وهذه التقسيمات تحدد طريقة العلاج ومدته، خطورة الحالة والنتيجة المتوقعة على الجلد. وهي كالتالي:

أ- الدرجة الأولى: وتأتي نتيجة تعرض الجلد لحرارة خفيفة أو لمدة محدودة جداً مع الحرارة. ومثال على ذلك المكوث لمدة طويلة تحت أشعة الشمس.

في مثل هذ الحروق يصبح الجلد أحمر ومؤلماً قليلاً. وعادة ما يشفى الحرق في مدة 4-5 أيام مع علاج أو من دونه، ولا يترك أي أثر على الجلد.

ب- الدرجة الثانية: وهي حرق أعمق نتيجة حرارة أقوى أو تعرض لحرارة أقل لمدة طويلة. وهي بدورها تنقسم نوعين:

- درجة ثانية سطحية: يتكون على الجلد المحروق نوع من الفقاعات المملوءة بمادة لزجة وتدعى PHYLYCTENES . وهي تتأتى من انفصال طبقة الجلد السطحية عن الطبقة الأعمق وتمتلئ بمزيج من الماء والأملاح والمواد العضوية. وعادة ما يستغرق علاجها حوالي 10 إلى 14 يوماً ولا تترك أي أثر على المدى البعيد.

- درجة ثانية عميقة: يتلون الجلد المحروق بلون أحمر داكن مع بقع بيضاء موزّعة ويأتي الحرق هنا على أغلبية سماكة الجلد وليس كل السماكة. وبالتالي فإن العلاج يستدعي وقتاً أطول (21 - 30 يوماً) وغالباً ما يترك أثراً دائماً كتغير في لون الجلد (داكن أو فاتح أكثر) أو تغير في سماكته ومطاطيته.

ج- الدرجة الثالثة: وهو الحرق الأخطر والأعمق، ويقضي على كل سماكة الجلد المصاب بل ويتعداه ليصل إلى الدهون أو العضلات أو حتى العظام تحته. وعلاجه طويل وغالباً ما يكون جراحياً. والأثر الدائم الذي يتركه كبير جداً ومشوّه.

2 - علاج الحروق: سنعالج الموضوع على مرحلتين: آنياً بعد حدوث الحرق وعلى المدى الطويل.

أ- حال حدوث الحرق: تنزع الألبسة التي تغطيه ويعرض الجلد المصاب للماء البارد لمدة 10 دقائق على الأقل لتبريد الجرح ومنع الاصابة عن الطبقات السفلى من الجلد، وبالتالي نحصر الحرق ونقلل درجته. وبعد ذلك يغطى بنسيج رطب وينقل المصاب إلى المشفى.

ب- في المستشفى: بعد أن يكشف طبيب اختصاصي (جراح تجميل وترميم) على الحرق يحدد درجته وخطورته والمساحة التي يمتد الحرق عليها. ولهذه الأخيرة أهمية في العلاج لأنها تحدد (بالاضافة إلى ظروف أخرى) ما إذا كان العلاج سيتم خارج المستشفى أو داخله أو حتى في مركز خاص بالحروق. عادة ما يتم علاج الدرجة الأولى أو الدرجة الثانية السطحية التي لا تتجاوز مساحتها 15 - 20% من مساحة الجلد الكامل، خارج المستشفى. وبعد غسل الجرح يوضع كريم خاص مطهّر ويغطى بضمادات وبرباط يغيّر على الحرق يومياً حتى الشفاء. وفي هذه الحالات يتم الشفاء في 4 - 5 أيام للحرق من الدرجة الأولى و10 - 14 يوماً للحرق من الدرجة الثانية السطحية. وقد يلجأ الجراح في هذه الحالة إلى افراغ بعض الفقاعات الكبيرة من دون نزع الغلاف قبل تضميد الحرق.

أما إذا تعدّى الحرق من الدرجة الثانية السطحية الـ 10% أو الـ 20% من الدرجة الثانية العميقة أو الدرجة الثالثة، فيتم العلاج في المستشفى وفي الحالات القصوى في مركز خاص بالحروق. وهنا يتم العلاج على مستويين: مستوى الجلد بالضمادات والكريمات الخاصة، والمستوى العام بالسوائل والمضادات الحيوية والمسكنات وحتى بالمساعد الآلي للتنفس في الحالات القصوى. وهنا تأتي خطورة الحرق العميق والممتد على مساحة كبيرة لأنه يفقد المريض كثيرا من السوائل والمواد العضوية والأملاح، ويصبح الجسم مكشوفا لكل أنواع الميكروبات التي كان يصدها الجلد السليم.

وكما ذكرنا، فإن الحرق من الدرجة الثانية العميقة يلتئم وحده بعد علاج قد يستمر يوما أو أكثر. وقد يساعد الجراح في التئام الحرق بالقشط الجراحي أو بزرع الجلد في بعض المناطق العميقة. أما في الدرجة الثالثة، وبما أنه لم تتبق أي سماكة من الجلد السليم، فإن الحرق لن يلتئم إلا بعملية جراحية لزرع الجلد المستأصل من أماكن غير محروقة بعد التحضير له بعلاج خاص بالكريمات وباستئصال الجلد الميت والمحروق جراحيا. وتكون النتيجة دائما جلدا مشوها بسماكته ولونه حتى لو تم الزرع بطريقة ناجحة.

3 - طريقة حساب المساحة المحروقة: عند البالغين، توجد طريقة بسيطة لاحتساب المساحة المحروقة:

- الرأس: 9% من مساحة الجسد.

- الذراع: 9% من مساحة الجسد.

- الساق: 18% من مساحة الجسد.

- البطن: 18% من مساحة الجسد.

- الظهر: 18% من مساحة الجسد.

الاعضاء التناسلية: 1% من مساحة الجسد.

عند الاطفال يستحوذ الرأس على نسبة أكبر من الجسد. وعادة ما تكون مساحة كف اليد تعادل 1% من المساحة الكاملة وهذا ما قد يساعد الجراح أو حتى المريض على تحديد تقريبي للحرق.

4 - طريقة تقريبية لحساب نسبة الخطورة أو حتى الموت بعد حرق عميق: العمر زائدا المساحة المحروقة من الدرجة الثانية العميقة أو الثالثة يساوي نسبة الوفاة بعد هكذا حرق.

مثلا إذا كان عمر المريض حوالي 50 عاما، والحرق من الدرجة الثالثة حوالي 50% أيضا، فإن نسبة الوفاة بعد حرق تصل إلى 100%. يتأتى من هذه المعادلة أن التقدم في العمر هو عامل أساسي في خطورة الحالة، بالاضافة إلى درجة الحرق ومساحته.

5 - طرق استثنائية للعلاج: سنتناول هنا طريقتين:

أ- زرع جلد مستأصل من مريض آخر شارف على الموت جراء حادث أو مرض في القلب أو غيره. وفي هذه الحالة يستأصل الجلد كما قد يستأصل القلب أو الكلية أو غيرهما من الأعضاء. ويزرع الجلد مكان الجلد المحروق عند مريض آخر في الحالات التي تتعدى فيها الحروق مساحات كبيرة ولا يتبقى من الجلد السليم ما يكفي لاتمام جراحة الزرع في الحروق من الدرجة الثالثة. ولكن عادة ما يلفظ المصاب هذا الجلد الدخيل بعد حوالي 3 أسابيع لعدم ملاءمته. ولكن في هذه الفترة قد تكون حالة المريض المحروق قد تحسنت أو بات باستطاعة الطبيب استئصال بعض من الجلد السليم أو حتى الاستفادة من التقنية الثانية المتمثلة في استحداث الجلد في المختبر.

ب- استحداث أو تربية الجلد في المختبر:

عندما لا تتوفر كمية كافية من الجلسد السليم لتغطية المساحة المحروقة، يقوم الجراح باستئصال مساحة صغيرة من الجلد السليم للمريض، ويبعث بها للمختبر الذي يقوم بتربيتها وتكبيرها للحصول على أضعاف المساحة المستأصلة. هذا الأمر يتطلب عدة أسابيع (3- 6 أسابيع) للحصول ربما على متر مربع أو اكثر. وهذا الجلد يحافظ على خصائص جلد المريض وبالتالي لن يرفضه عند زرعه وسيتعامل معه كجلده الخاص. لكن هذه التقنية صعبة، وباهظة الثمن وغير موجودة إلا في بعض الدول المتقدمة جدا. في الختام، فإن أفضل طريقة لعلاج الحروق هي بالتوجه إلى الاختصاصيين في هذا المجال، وليس كما جرت العادة في بعض بلداننا العربية حيث تعالج الحروق بالطرق البدائية أو حتى بطرق مضرة على أيدي بعض المشعوذين أو بعض رجال الاطفاء (كما في لبنان). وكلما أسرعنا في البدء بالعلاج الصحيح، ازدادت الحظوظ بالوصول إلى نتيجة مرضية .

* جراح ترميم وتجميل