تحاليل الدم بعد الصيام.. أساس تشخيص الإصابة بمرض السكري

TT

من الطبيعي أن ترتفع نسبة سكر الدم بُعيد تناول الطعام أو المشروبات المحتوية على السكريات. ولذا فإن التشخيص الطبي لحالات مرض السكري يعتمد على إجراء تحليل نسبة سكر الدم وفق ضوابط خاصة.

وفي مرض السكري، يحصل في الجسم عدم انضباط في عملية توزيع سكر الغلوكوز بعد امتصاص الأمعاء له من الطعام. والتوزيع المقصود هو تسهيل دخوله إلى الخلايا العضلية وغيرها، التي تحتاج إليه كمصدر لإنتاج الطاقة. والحاجب الذي يُؤدي مهمة إدخال الغلوكوز للخلايا، هو هرمون الأنسولين. وفي حالات النوع الأول من السكري، يختفي الأنسولين من الجسم، أي لا يُوجد منه شيءٌ البتة. وسبب الاختفاء هو عدم إنتاجه من قبل خلايا بيتا، الموجودة في البنكرياس. وغالباً ما يُصيب هذا النوع الأطفال نتيجة لالتهابات فيروسية أو غيرها، ولا علاقة له بالوراثة. وفي حالات النوع الثاني، تقل كمية هرمون الأنسولين في الجسم، أي لا تختفي بالكلية. وغالباً ما يُصيب البالغين نتيجة عوامل وراثية أو بيئية، ولكن في السنوات القليلة الماضية، أخذ في الانتشار بين الأطفال والمراهقين. والسبب في النوع الثاني هو كسل أو عدم كفاية ما تُنتجه خلايا بيتا من هرمون الأنسولين. وبالتالي تسبح كميات من سكر الغلوكوز في الدم، دون أن تجد ما يُسهل على العضلات استهلاكها في إنتاج الطاقة. وكلما زادت الكمية التي يأكلها الإنسان من السكريات، وارتفعت بالتالي الكمية التي تمتصها الأمعاء وتصل إلى الدم، ارتفعت نسبة سكر الغلوكوز في الدم، وخاصة في الأوقات المتأخرة بعد الفراغ من تناول وجبة الطعام.

ولذا فإن تشخيص الإصابة بارتفاع سكر الغلوكوز في الدم بعد الصوم لساعات، دليل على وجود اضطراب ما في تعامل أنسولين الجسم مع الغلوكوز.

والناس أحد أربعة مجموعات بالنسبة لغلوكوز الدم واضطراباته. المجموعة الأولى، هي الناس الطبيعيون. والمجموعة الثاني، هي منْ لديهم حالة اضطراب نسبة سكر الغلوكوز، لكن دون النسبة العالية لدى مرضى السكري. أي “ما قبل مرض السكري” pre-diabetes. والمجموعة الثالثة، مرضى السكري diabetes ، بالنوع الأول أو الثاني. والمجموعة الرابعة، يشمل السيدات الحوامل المُصابات بمرض سكري الحمل المؤقت gestational diabetes.

ولمعرفة أحدنا نفسه من أي مجموعات الناس هو بالنسبة لسكر غلوكوز الدم، هناك ثلاث اختبارات يتم إجرائها أو إجراء بعضها لتشخيص أو نفي الإصابة بالسكري.

الأول، اختبار نسبة سكر بلازما الدم بعد الصوم fasting plasma glucose test. وهو الاختبار الذي يقيس نسبة سكر الغلوكوز الموجودة في بلازما سائل الدم بعد الصوم عن تناول الطعام أو أي مشروبات تحتوي على السكر، لمدة 8 ساعات. والاختبار مفيد في تشخيص الإصابة بمرض السكري، أو تشخيص حالة ما قبل مرض السكري، أو في نفي إصابة الشخص بأي منهما. والطبيعي أن تكون نسبة السكر 99 مليغراما أو أقل. وما بين 100 و 125 مليغراما، يُسمى حالة “ما قبل السكري”. وهي الحالة التي تسبق الإصابة بمرض السكري، وتُفيد فيها الحمية وإنقاص الوزن وممارسة الرياضة البدنية، لمنع تطور الأمر. وما فوق 126 مليغراما، هو تشخيص الإصابة بمرض السكري. ويتطلب الأمر إعادة التحليل للتأكد في يوم آخر، التالي أو غيره.

الثاني، اختبار قدرة تحمل تناول جرعة من الغلوكوز بالفم oral glucose tolerance test. وهو الاختبار الذي يقيس مدى قدرة الجسم على تحمل أعباء تصريف كمية من الغلوكوز، حوالي 75 غراما، التي يتناولها الشخص عبر الفم بعد الصيام لمدة 8 ساعات. وقبل تناول تلك الكمية من السكر، يتم أخذ عينة من الدم، ثم كل نصف ساعة، ولمدة ساعتين، يتم أخذ عينات متتالية من الدم. وبعد ذلك يتم تحليل نسبة سكر الغلوكوز في تلك العينات الخمس. وتُجرى مراجعة لرسم بياني يصف الارتفاع الأولي في نسبة الغلوكوز، ومدى الانخفاض فيه بعد ساعتين من التناول له. والاختبار مفيد في تشخيص الإصابة بمرض السكري، أو تشخيص حالة ما قبل مرض السكري، أو في نفي إصابة الشخص بأي منهما. ومما يجدر ذكره، أن تأكيد تشخيص الإصابة، يتطلب إعادة التحليل مرة أخرى في يوم أخر. الثالث، اختبار تحليل عينة عشوائية لنسبة سكر الغلوكوز في بلازما الدم random plasma glucose test. وهنا يتم سحب عينة من الدم، في وقت عشوائي، أي دون الأخذ بعين الاعتبار متى كانت أخر وجبة تناولها المرء. وبالرغم من عدم الاعتماد الطبي عليه، إلا أنه قد يكون مفيداً في تشخيص الإصابة بمرض السكري حينما يكون لدى الشخص ارتفاع نسبة الغلوكوز إلى حد 200 مللي غرام، وتُوجد لدى الشخص أعراض زيادة العطش وزيادة التبول ونقص وزن الجسم دونما سبب <