هل يجب عليّ الذهاب إلى المستشفى عند تعرضي للإغماء؟

التدفق المنخفض للدم نحو المخ ينجم عن أسباب شتى أخطرها مشاكل القلب

TT

س: تحدث لدي نوبات من الإغماء، عندما أتمرض. هل يتوجب عليّ التوجه الى قسم الطوارئ، عند حدوث الإغماء؟. طبيبي يقول إن عليّ أن أفعل ذلك، إلا أن هذا يبدو لي أمرا غير ضروري؟

ج: الإجابة القصيرة عن سؤالك تستخدم كلمتين من أهم الكلمات في الطب: «ذلك يعتمد».

المصطلح الطبي لحالة الإغماء، هي كلمة Syncope اليونانية (التي تلفظ: سين ـ كو ـ بي). والخصيصة المميزة للحالة، هي الفقدان المؤقت للوعي الذي يحدث بشكل مفاجئ، والذي غالبا ما يصاحب بوقوع الشخص. والسبب المباشر للإغماء هو عادة، التدفق القليل للدم نحو المخ، الأمر الذي يؤدي الى عدم حصول خلايا المخ على الأوكسجين والسكر اللازمين لعملها السليم. ولعلنا كنا سنتعرض دوما للإغماء لو أن قلوبنا ودوراتنا الدموية لم تكافح تأثيرات الجاذبية الأرضية التي كانت ستسحب، لو نجحت، الدم من المخ نزولا إلى الأجزاء السفلى من الجسم.

أسباب الإغماء

* ويوجد عدد من الحالات التي ينتج عنها التدفق المنخفض للدم نحو المخ، بسبب توسع الأوعية الدموية او تهدلها، وذلك بدلا من تضيق تلك الأوعية وانضغاطها لدفع الدم نحو الأعلى. وعند الغسل بالماء الحار فإن الأوعية الدموية تسترخي، كما تسترخي كل أجزاء الجسم، لذلك وأحيانا تقع للناس حالة إغماء «الحمام الساخن». كما ان الناس يغمى عليهم بين فترة وأخرى عندما يكونون واقفين في طابور الانتظار، لأن كمية الدم في الأرجل، الآتية من عضلات الرجل، لا تكون نشطة.

العصب المبهم

* ولعلك سمعت بالإغماء الناجم عن انقباض الأوعية الدموية المرتبط بالعصب المبهم (او الوعائي الجوالي) Vasovagal Syncope. والعصب المبهم Vagus Nerve هو «المسيسيبي» (نسبة الى النهر الأميركي الكبير)، من الأعصاب، يبدأ في قاعدة الدماغ ويلتف ويمد فروعه في الطريق جنوبا عبر الرقبة، الصدر والبطن حتى يصل الى الأمعاء.

وعندما يتم تحفيز هذا العصب بوسائل معينة، فإنه يخفض عمل جهاز القلب والدورة الدموية، وعمل القلب. وان حدث وتمت هذه العملية بشكل أقوى وأسرع، فإن كميات أقل من الدم ستصل الى المخ، وقبل ان تشعر بأي شيء، ستطفأ الأنوار أمامك!.

والوظائف الجسدية العادية ـ التبول، التبرز، السعال، بل وحتى لوك الطعام ـ يمكنها بشكل ما تحفيز العصب المبهم وحدوث الإغماء المرتبط به. والألم هو محفز آخر. فبعض الناس لديهم ردة فعل لا يتمكنون من تجنبها، لانقباض الأوعية المرتبطة بالعصب المبهم، خلال تعرضهم لأي تدخل في أجسامهم، مثل الزرق بإبرة التطعيم، او لدى اختبار الدم، او استخدام التخدير في كرسي عيادة الأسنان.، لذلك فهم يحاولون تفاديها. كما ان الإغماء الناجم عن الأسى الذي نشاهده في المسرحيات والأفلام، مرتبط بالعصب المبهم في أصله.

إن إطفاء أنوار التحفيزات الخاصة بالعصب المبهم الطويل المتفرع، قد يقود الى الإغماء.

مشاكل القلب

* مشاكل القلب هي مشاكل أخرى تسبب الإغماء. فالقلب قد يخفق في تجهيز كفاية من الدم للمخ، ان كان مترهلا ويدق ببطء ـ بطء القلب Bradycardia، أو تتسارع ضرباته ويدق بسرعة كبيرة ـ إسراع القلب Tachycardia، الأمر الذي يجعله غير كفء. أما الشرايين التاجية المزدحمة بالترسبات، فإن بمقدورها ان تقود الى عدم انتظام دقات القلب Arrhythmias. كما ان الصمام المريض في القلب يمكنه إعاقة تدفق الدم عبر القلب.

الطوارئ أم المنزل

* وهكذا، فإن كون الإغماء خطيرا يعتمد على المسببات التي أدت إليه. فإن كانت هناك شكوك بأن المسببات قلبية في أصولها، فإن عليك التوجه فورا الى مستشفى الطوارئ. أما إن كان الإغماء مرتبطا بالعصب المبهم، او ناجما عن حالة أدت مؤقتا الى خفض تدفق الدم الى المخ، فعليك الاستراحة متمددا على الأريكة وانتظار صفاء رأسك. وهنا فإن الرحلة نحو مستشفى الطوارئ او الاتصال برقم هاتف الطوارئ لا يبدو ضروريا.

لكن، كيف يمكنك التفريق بين الأمرين؟.. إن كنت اكبر سنا، وإن كان لديك مرض في القلب، او لديك عوامل خطر رئيسية للإصابة به، اطلب المساعدة الطبية فورا، فقد تكون معرضا لمشاكل في القلب. وينطبق هذا على أي شخص يحصل له الإغماء يعاني من آلام في الصدر، او صعوبة في التنفس، او أي أعراض كلاسيكية أخرى لمرض القلب.

لقد ذكرت انك تتعرض للإغماء عندما تتمرض. فإن كانت الحالة المرضية التي تؤدي بك الى الإغماء، تشمل الحمى، فإن الجفاف قد يكون عاملا في ذلك، لذلك فإن اتباع النصائح المتبعة بتناول السوائل، ربما يساعد على إبعاد شبح الإغماء. وإن تعرضت للإغماء بعد حدوث غثيان واستفراغ، فإنه قد يكون ناتجا عن انقباض الأوعية المرتبط بالعصب المبهم. ومن دون معرفة الكثير عن خصوصيات حالتك، فلن يكون بوسعي التعليق على توصية طبيبك بالذهاب الى قسم الطوارئ عند حدوث الإغماء. ولعلني سوف أسأله عن الأسباب الكامنة حول هذه النصيحة.

* طبيب، مستشفى ماساشوستس العمومي، خدمة هارفارد الطبية ـ بريزيدانت آند فيلوز ـ كلية هارفارد.