الصرع

د. عبير مبارك

TT

* من أقدم اضطرابات الدماغ التي عرفها الإنسان، وأصل هذه الكلمة بالإنجليزية (epilepsy)، مشتق من كلمة إغريقية تعني «حالة من الشعور بالهزيمة أو تعرضا لهجوم». ولا تعني كلمة صرع، سوى القابلية للتعرض لنوبات تشنج متكررة.

ولا يعتبر الصرع مرضا، إنما هو حالة اضطرابية مزمنة ناتجة عن زيادة في النشاط الكهربائي لخلايا المخ وينتج عنها اضطراب مؤقت في وظيفة من وظائف الدماغ (أو عدة وظائف مجتمعة)، مع اختلال في وعي المريض وتصرفاته لمدة مؤقتة تزول بعودة النشاط الكهربائي في المخ الى الوضع الطبيعي. وهذه حالة مؤقتة تزول من دون إحداث أي تغيرات دماغية بعد زوالها.

ويظهر هذا الاضطراب على شكل نوبات من التشنج وحركات خارجة عن إرادة المصاب. ويتوقف نوع النوبة على جزء الدماغ الذي حصل فيه زيادة النشاط الكهربائي.

ويمكن أن يستمر هذا الاضطراب لعدة أشهر أو لمدى الحياة مع انقطاع لمدة عشر سنوات في المعدل، ويتم شفاء خمسين في المائة من الأطفال المصابين بالصرع لدى بلوغهم مرحلة المراهقة، بينما تستمر الإصابة لدى الآخرين مع إمكانية ممارستهم حياتهم الطبيعية بالمواظبة على تناول العلاج اللازم للحالة.

وخلافاً لما قد يعتقده البعض، لا ينقص هذا المرض من معدل العمر أو نسبة ذكاء الشخص ولا يؤدي إلى تلف خلايا الدماغ.

في معظم حالات الصرع لا يوجد سبب محدد لعدم انتظام الموجات الكهربائية الدماغية. لكن في بعض الأحيان تكون الأسباب معروفة وهي: العامل الوراثي، حيث إن أكثر من فرد واحد في العائلة يعاني من حالة الصرع، أو مضاعفات الحمل أو الولادة المتعسرة، والعيوب الخلقية في المخ، والخلل الوراثي في الإنزيمات والكيمائيات الجسدية، وأورام المخ، الجلطة أو النزيف الدماغي، أو ضربات وإصابة الرأس مثل الحوادث المرورية، والتهاب المخ وأغشية السحايا.

وهنالك نوعان أساسيان للصرع وهما: الصرع العام، ويصيب ثلاثين في المائة من الحالات. والصرع الجزئي، الذي يصيب سبعين في المائة من الحالات. ويظهر الصرع الجزئي في منطقة معينة من الدماغ، وتتغير الأعراض حسب المنطقة المصابة وأحيانا يصعب معرفة كونها نوبة صرع لبساطتها، لكن قد تكون نوبات الصرع الجزئي بسيطة أو معقدة حسب المصاب، وقد تتحول في بعض الأحيان إلى نوبة الصرع العامة، حيث يبدأ النشاط الكهربائي في منطقة معينة من الدماغ لينتشر بعد ذلك في باقي الدماغ.

ومع العلاج الدوائي السليم يتم انقطاع النوبات لدى 80% من المرضى، ويمكن إيقاف العلاج لـ50%من المرضى الذين انقطعت عنهم نوبات الصرع لمدة سنتين إلى خمس سنوات تماماً. وقد يتم علاج بعض أنواع الصرع بالتدخل الجراحي أو التنبيه الكهربائي <