المضادات الحيوية.. وعـــلاج الإفرازات المخاطية

عدوى الجهاز التنفسي البسـيطة يمكن علاجها من دون أدوية

TT

س: في كل مرة تحدث لدي فيها إفرازات مخاطية خضراء اللون من الأنف بعد التعرض لنوبة من البرد، أتصل بطبيبي، ثم احصل منه على وصفة طبية من المضادات الحيوية. لكنني اتصلت اخيرا بعيادته، وكان طبيبي مسافرا، ولم يصرف لي الطبيب الشاب المناوب وصفة من المضادات الحيوية. لقد شعرت بالانزعاج حقا. ما الذي يجب عليّ فعله كي احصل على المضادات الحيوية ان حدثت لي نفس الحالة؟

ج: الجواب القصير هو ان تتذكر مواعيد سفر طبيبك! الا ان الجواب الحقيقي قد يكون الترحيب بخطوة الطبيب المناوب، اذ انه ربما كان على صواب.

ان الأغشية التي تغلف الأنف، والجيوب الأنفية، والأذن الوسطى، والقصبات الهوائية الأكبر حجما، تحتوي كلها على خلايا مفرزة للمخاط. وتفرز يوميا كميات كبيرة من المخاط، الا ان المخاط يكون رائقا (شفافا) ولزجا عندما تكون انت بصحة جيدة، ولذا فقد لا تلاحظه البتة. وأي شيء يثير ويهيّج انسجة الجهاز التنفسي تقريبا، يحفز على تدفق اكبر للمخاط: ومهيجات الحساسية او استنشاق الدخان افضل مثالين على ذلك.

* العدوى والمخاط

* وتزيد العدوى ايضا من انتاج المخاط. وعلى العموم فإن العدوى الفيروسية تؤدي الى افراز سائل مائي شفاف خفيف، اما العدوى البكتيرية فإنها تنتج مخاطا ثخينا يكون شكله في الغالب اخضر، او رماديا، او اصفر.

ولسنوات عديدة، لاحظ العلماء ان المخاط عديم اللون يرتبط بوجود البكتيريا، ولم يصفوا أدوية من المضادات الحيوية لعلاجها. الا ان الاساليب الطبية تغيرت، وذلك لسبب واحد هو ان المخاط يمكنه ان يصبح عديم اللون لأنه ببساطة يتدفق ببطء ويجف اثناء ذلك. والأمر الاكثر أهمية هو ان الابحاث قد كشفت ان غالبية المرضى الذين لديهم عدوى بكتيرية ليس لها مضاعفات تذكر، في الأنف، والجيوب الأنفية، والقصبات الهوائية يشفون من دون مضادات حيوية كما هو حال شفائهم لدى تناولهم مضادات حيوية.

وجوهر العلاج هو القضاء على الجفاف، سواء باستنشاق البخار الدافئ لثلاث او اربع مرات في اليوم وكذلك بتناول الكثير من الماء. ومزيلات الاحتقان تكون مفيدة جدا، الا ان الرجال الذين لديهم تضخم حميد في البروستاتا، عليهم الامتناع او التقليل من استخدام «سيدوإيفيدرين» pseudoephedrine الذي يمكنه إبطاء إدرار البول (او الوقف المؤقت له)، كما ان على الجميع تفادي استخدام مضادات الهيستامين، التي تجفف المخاط، وتجعل من الصعب التخلص منه. اما الماء المالح لعملية ريّ الانف، فيوفر شيئا من المساعدة.

ويمكنك دوما علاج العدوى البسيطة في الجهاز التنفسي بنفسك ومن دون تناول أي مضادات حيوية، اللهم الا اذا كنت تعاني من حالة انتفاخ الرئة Emphysema، او من مشاكل اخرى في الجهاز التنفسي. اتصل بطبيبك ان بلغت درجة حرارتك 101 فهرنهايت (38.33 مئوية)، او ان استمرت الاعراض لديك لأكثر من اسبوع، واتصل به بسرعة ان كنت تعاني من صفير اثناء التنفس، او من ضيق في النفس، او من صداع حاد.

وان كنت تتصل بطبيبك او تراجعه داخل العيادة، فعليك ان لا تطلب الحصول اوتوماتيكيا على وصفة بالمضادات الحيوية. فهذه الوصفة هي الطريقة الأسهل، الا ان المضادات الحيوية غالبا ما تكون غالية الثمن، كما انها قد تسبب ردود فعل تحسسية، ومضاعفات اخرى. واضافة الى ذلك، فان الاستخدام غير المناسب للمضادات الحيوية، قد ساهم في ازدياد مثير للقلق في ظهور بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية التي تهدد الصحة العمومية.

ان طبيبك الخاص قد يكون ذا خبرة اكثر، الا ان هذا الطبيب الشاب المناوب قد يكون اكثر اطلاعا على ما يجري حديثا، على الاقل في مجال استخدام المضادات الحيوية لعلاج الامراض التنفسية.

* طبيب، رئيس تحرير «هارفارد مينس هيلث ووتش»، خدمة هارفارد الطبية – الحقوق: بريزيدانت آند فيلوز – كلية هارفارد.