تسمم الرصاص خطر بيئي يهدد الأطفال

كمية قليلة في جسم الطفل يمكن أن تسبب اضطرابات في النمو البدني والعقلي

TT

التسمم بالرصاص مشكلة خطيرة، يعاني من آثارها الأطفال في جميع أنحاء العالم. ففي أميركا مثلا هناك حوالي 310 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 1-5 سنوات تتجاوز مستويات الرصاص في دمهم أكثر من 10 ميكروغرام من الرصاص في كل دسيليتر (عشر اللتر). ويعتبر مركز السيطرة على الأمراض الأميركي أن هذا المستوى من الرصاص بالدم يتطلب تدخل سلطات الصحة العامة.

وفي دراسة أجريت بالمملكة العربية السعودية شملت أكثر من 538 من أطفال المدارس الابتدائية تتراوح أعمارهم بين 6-12 سنة وجد أن 24.4% من العينة بها مستويات أعلى من الموصى به. أما في دراسة أجريت في مصر بين تلاميذ المدارس بين عمر 6-12 سنوات في الإسكندرية وكفر الشيخ، أظهرت النتائج أن 56.7% من الأطفال بالإسكندرية كانت لديهم مستويات مرتفعة من الرصاص مقارنة مع 6.7% من الأطفال بكفر الشيخ. ومن المحزن جدا أن التسمم بالرصاص من السهل تجنبه اذا كانت لدينا المعرفة بخطورته. ذكر بيان مشترك صدر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أن "التسمم بالرصاص هو خطر صحي لديه تأثير أساسي في الحالة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع. فالتعرض لمستويات مفرطة من الرصاص عن طريق الهواء والماء والتربة والغذاء يضر الصحة الفكرية والتنموية للملايين من الأطفال والكبار، في كل انحاء العالم". أين يوجد الرصاص؟ ـ الرصاص هو واحد من أقدم المعادن التي عرفتها البشرية، وقد استخدم لعقود في صناعة أنابيب المياه، والأسلاك الكهربائية والطلاء لأنه يتشكل بسهولة، ولا يتآكل أو يتأثر بتغيرات الجو. وعندما اكتشف أن الرصاص يمكن أن يكون ضارا بالجسم، أوقف استخدامه في معظم المواد، ولكنه ما زال موجودا في العديد من المواقع في البيئة بما في ذلك: الغبار والتربة: يمكن أن تكون ملوثة بالرصاص من البنزين (كان الرصاص من احدى المواد الموجودة في البنزين حتى وجدت طريقة لاستخراجه وتصفيته من البنزين)، أو الطلاء الذي كان يحتوي علي الرصاص منذ سنوات. ومن صفات الرصاص البقاء لمدة طويلة، لذلك حتى بعد توقف استعماله فإن آثاره باقية في الأرض والتربة والغبار. أنابيب المياه: أنابيب المياه كانت تصنع من الرصاص، مما يعني تلوث مياه الشرب بذوبان الرصاص في الماء. الماء الساخن على وجه الخصوص يمكن أن يحتوي علي كمية أكبر من الرصاص مقارنة بالمياه الباردة. كان الرصاص يستخدم في طلاء المنازل والسيارات والأثاثات المنزلية وحتى لعب الأطفال. فالمنازل القديمة ربما لا تزال مدهونة بطلاء به رصاص. الأغذية المعلبة: مازال الرصاص يستخدم في اغلاق بعض الأغذية المعلبة خاصة في الدول النامية. الأدوية الشعبية ومواد التجميل: بعض العلاجات الشعبية مثل "بنت الدهب" تستخدم لعلاج الإمساك والمغص والاسهال تحتوي على مستويات عالية من الرصاص. بنت الدهب تستخدم بصورة واسعة في عدد من الدول العربية، وقد تم حظرها رسميا في سلطنة عمان، ولكنها مازالت تستخدم من قبل الكثير. وكحل العين يحتوي علي مستويات عالية من الرصاص، تصل إلى 80%، علما بأنه قد يستخدم في تجميل عيون الأطفال والبعض قد يغطي به سرة المولود الجديد. ما هو ضرر الرصاص؟ ـ الرصاص سم قوي للأعصاب (التسمم العصبي)، وخاصة في الأطفال. والتسمم هو نتيجة التعرض للرصاص في البيئة، والرصاص في جسم الطفل، حتى بكميات قليلة، يمكن أن يسبب اضطرابات في النمو البدني والعقلي. وبعض التعقيدات التي يمكن أن يسببها الرصاص تشمل ما يلي:

* تلف المخ.

* الفشل الكلوي.

* صعوبة في التعلم.

* مشاكل في الكلام، واللغة، والسلوك.

* التسمم بالرصاص قد يؤدي إلى الموت. تم تصنيف التسمم بالرصاص إلى 5 فئات من قبل مركز السيطرة على الأمراض، والفئة الأولى بها الحد الأدنى من المستوى، والفئة 5 بها أعلى مستوى وهي أكثر من 70 ميكروغراما لكل دسيليتر. ويقول المركز إن الفئة الخامسة تستلزم تدخلا طبيا طارئا. ما هي الأعراض؟ ـ عادة لا توجد أعراض واضحة لدى الطفل حتى تصل كمية الرصاص بالجسم نسبة عالية جدا. ويحدث تراكم تدريجي للرصاص في الجسم حتى يصبح بمستويات خطيرة. بعض الأعراض والعلامات تشمل الآتي:

* التوتر الشديد لدى الطفل.

* فقدان الشهية.

* فقدان الوزن.

* ألم في البطن.

* القيء.

* الإمساك.

* شحوب الجسم نتيجة لفقر الدم، فعادة ما يكون هنالك فقر دم مع نسبة الرصاص العالية بالجسم.

* صعوبة التعلم. لماذا الأطفال أكثر عرضة؟ ـ الأطفال أكثر عرضة للتسمم بالرصاص وذلك لأن أجسامهم ما زالت تنمو، ولذلك يمكن امتصاص الرصاص بصورة أكبر. ومن طبيعة حال الطفل أن يلمس أو يتذوق كل ما يجده من حوله، فاذا كان الشئ الذي يحمله أو يأكله ملوثا بالرصاص فلن يدرك الطفل خطورته وسيضعه بفمه، فهذه الطريقة الوحيدة التي يستطيع عن طريقها الطفل أن يتعلم الأشياء. ونظرا لصغر حجمهم، قد يتضرر الأطفال أكثر من البالغين عند التعرض لنفس الكمية من الرصاص. كيف يمكن منع التسمم بالرصاص؟ ـ مأساة التسمم بالرصاص تكمن في أنه يمكن تجنبها تماما، لذلك يجب علي الآباء والأمهات معرفة خطورة الرصاص وتجنب تعرض طفلهم أو لمسه المواد الملوثة بالرصاص. وأفضل طريقة يمكن للوالدين اتباعها التأكد من جعل بيئة الطفل صحية وآمنة من خلال إزالة أي مخاطر للرصاص من منازلهم. وكما تقول السيدة جولى جربردينج مديرة مراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها، "فالصحة لا توجد في المستشفى. بل توجد في البيت".

بعض الاقتراحات لمساعدة الوالدين لحماية أطفالهم - إذا كنت تظن أن منزلك قد يكون ملوثا بالرصاص، من الأفضل اجراء تفتيش عن مستويات الرصاص من قبل الجهات المختصة. - إذا كنت تعيش في منطقة تحتوي على مستويات عالية من الرصاص مثل السكن بالقرب من مصنع بطاريات أو بيئة شديدة التلوث عليك:

* التأكد من أن يغسل أطفالك أيديهم بعد اللعب في الخارج، قبل تناول الطعام وقبل النوم.

* أن تنظف بيتك بدقة والتأكد من عدم تراكم الأتربة علي الأسطح.

* أن تحدد أين يلعب أطفالك.

* التأكد من تناول أطفالك أكلا صحيا ووجبات مغذية، وذلك لأن الرصاص يمكن أن يؤدي أيضا لفقر الدم.

* أن تأخذ أطفالك الى فحص دم لقياس مستوى الرصاص في الدم كل سنتين.

* أن لا تستخدم ماء الصنبور الساخن للشرب أو إعداد وجبة لطفلك.

* تجنب استخدام العلاجات الشعبية مثل بنت الدهب أو الكحل لأطفالك، وذلك لعدم معرفة كمية الرصاص التي تحتويها.

* اخصائية في الصحة العامة [email protected]