التمارين الرياضية تحسن المزاج.. وقد تصيب بالاكتئاب أيضا

الإفراط وعدم التوازن يحول متعتها إلى نقمة

TT

لا يختلف اثنان في فوائد وإيجابيات التمارين الرياضية، بدءا من مساعدتها على التسريع بالتخلص من الوزن الزائد، إلى استعادة اللياقة والرشاقة وما شابه من أمور، لكن قلما نسمع عن تأثيراتها النفسية، باستثناء كونها تحسن المزاج. وهي بالفعل تؤثر في المزاج وترفع المعنويات، نظرا لهرمون الأدرينالين الذي يفرزه الجسم عند ممارستها، فنشعر بنوع من الإثارة والسعادة. لكن قلما نسمع عن سلبياتها، وبالذات مشاعر الاكتئاب التي يمكن ان تتولد عنها في بعض الأحيان. ليز مدربة رياضية مؤهلة، توقفت عن ممارسة الرياضة لمدة شهر واحد ولأسباب صحية قاهرة، تحكي عن تجربتها الخاصة، وتقول إنها استغربت شعورها بالاكتئاب، هي التي تعشق الرياضة بشكل كبير عندما عادت إلى ممارستها. والبداية كانت انها توقفت لمدة شهر واحد، نظرًا لظروف صحية استدعت ان تأخذ إجازة على شاطئ البحر، قضتها في الأكل والنوم من دون أي حركة تذكر. بعد عودتها قطعت عهدا على نفسها بأن تتخلص من بعض الكيلوغرامات التي تراكمت في الإجازة، واعطت نفسها شهرين فقط، حاولت خلالهما ان تتبع حمية رياضية وغذائية صحية. وبالفعل بدأت اليوم الاول بتناول وجبة إفطار تتكون من حبوب الشوفان، تلتها تمارين بأوزان ثقيلة في الجيمانزيوم والمشي لمسافة ميلين قبل العمل، ثم تناولت سلطة الدجاج في وجبة الغداء، أتبعتها بحصة ركض لأربعة أميال. وفي المساء تناولت طبق موساكا مكونا من لحم الديك الرومي. لكنها لاستغرابها، لم تشعر بالسعادة او الرضا عن النفس، كما هو معتاد، بل قضت بقية الأمسية متعبة ومكتئبة. وما زاد الطين بلة، أنها عانت من حالة أرق وظلت طوال الليل تتقلب في الفراش على غير العادة. فقد كانت في السابق تغط في نوم عميق، ولم تعان يوما من الارق بعد ممارسة الرياضة. كانت صدمة لها عندما اكتشفت أن التمرينات، عندما تكون قاسية، تصيب الجسم بخضة مفاجئة ويمكن أن تسبب الاكتئاب. ونتيجة لهذا توصلت إلى نتيجة مهمة وهي أنه من الواجب الحرص على بعض الأبجديات للاستفادة من الإيجابيات، منها:

* التوازن:

عندما يتعلق الأمر بالتخلص من بعض الوزن، فإن هناك معادلة بسيطة تتمثل في ممارسة التمرينات بصورة أكبر مما تستهلك، لكن هناك عوامل أساسية أخرى أهمها الالتزام والتوازن. عند ممارسة الرياضة فإن الجسم يفقد بعض الأملاح المعدنية الضرورية التي هو بحاجة إلى تجديدها. فالتمرينات تخفض من مستويات السكر في الدم، وبالتالي يمكن أن تؤدي إلى شعور بالاكتئاب أو القلق، ولهذا، فإنه من الأهمية بمكان تناول وجبات متوازنة وشرب الكثير من الماء.

وهناك البعض ممن يحتاج إلى الأكل قبل - والأصح بعد - والشرب خلال ممارسة الرياضة. ومن المعروف أن الرياضة التي تسبب انخفاض نسبة السكر في الدم يمكن أن تظهر أعراضها بعد يوم من ممارستها.

* التدرج:

من الخطأ وضع اهداف غير واقعية وسريعة، والاعتقاد بأنه بالإمكان مواصلة العادات الرياضية بعد توقف فترة زمنية لا بأس بها، وكأن شيئا لم يكن. فبعد أربعة أسابيع من الاسترخاء، مثلا، يلاحظ تراجع في مستوى اللياقة البدنية، قد لا يكون بصورة كاملة، لكنه كاف لكي يحدث فارقًا في أداء تمرينات الأثقال والجري، مثلا.

فالجري لمسافة 10 كم خلال 40 دقيقة من المتوقع أن يزداد إلى 11 أو 12 دقيقة بعد ثلاثة أسابيع من الراحة. الفكرة هي أنك عندما تتوقف عن التدريبات، عليك العودة إليها بصورة تدريجية، حتى لا تتسبب لنفسك في ضغوط نفسية وجسدية مفرطة، وليس ببعيد مضاعفات تكون في غنى عنها.

تذكر أن الجسم يكون بحاجة إلى راحة ايضا بعد هذه العودة، خصوصا وأن العضلات بحاجة إلى وقت لكي تلتئم، كما يكون الجسد بحاجة إلى أن يعيد توازنه بعد فقدان تلك الكمية الهائلة من السوائل، وبشكل مفاجئ. فأول ما يتوق إليه الجسم عند ممارسة الرياضة بحماسة شديدة هو الغلوكوز لتعويض ما تم استهلاكه خلال التدريبات. ولا يستهلك المخ الغلوكوز سوى للحصول على الطاقة وليس كمصدر للبروتينات أو الدهون، ولذا، فإنك إذا لم تجدد مخزونك فإن حالتك المزاجية لا بد وأن تتأثر. من الحلول المطروحة، شرب عصير غني بالفيتامينات والمعادن والكربوهيدرات بعد التمرينات، ولكن يفضل تجنب البروتينات الزائدة لأنها تتحول إلى دهون.

*التخلص من الضغوط:

من المهم، أيضًا، الانتباه إلى أنه خلال ممارسة أي نوع من أنواع الرياضات نتخلص من الكثير من الضغوط النفسية المتراكمة والمشاعر السلبية. فالكورتيزول هرمون يفرزه الجسم عندما نكون معرضين لتوتر كبير، والأدرينالين الذي يحرقه الجسم يمكن أن يسبب ارتفاعا في نسبة إفراز ذلك الهرمون بعد الجري لمسافات طويلة. وهذا بحد ذاته لا يسبب أي قلق، ذلك أن إفراز الكورتيزول خلال التمرينات أمر مفيد للغاية، المشكلة الوحيدة ان بقاء معدلاته مرتفعة يؤخر الالتئام والنمو الذي يحتاجه الجسم.

يمكن أن تستغرق عملية عودة الكورتيزول إلى معدلاته الطبيعية في الجسم إلى بضعة أيام، ويختلف الأفراد في مدة الشفاء. لذا، ينصح بتوخي الحذر في ما يخص هذه النقطة والتعرف الى دورة الدم في جسم أي واحد ينوي القيام بأي نوع من الرياضات.

فممارسة الجري، مثلا، دون التوقف بين الفينة والأخرى والتدريب الزائد يمكن ان يسبب التوتر للجسم، كون هذا الاخير، إذا لم يحصل على قسط كاف من الراحة ما بين جلسات التدريب، يحافظ على نسبة الكورتيزول مرتفعة. والنتائج لا تظهر إلا على المدى البعيد. وأهم أعراض التدريب المفرط، ظهور هالات سوداء حول العينين وانخفاض عدد ساعات النوم وارق، وفتور في الهمة فضلا عن القلق والشعور بالاكتئاب .