كيف تتغلب على الخوف من عيادة الأسنان؟

الاسترخاء والأفكار الجميلة والتنفس بعمق تساعد على حل المشكلة

TT

تشكل عيادة الأسنان لدى الكثير من الأشخاص، خصوصا الأطفال، مصدرا للخوف والقلق، وهذا بالطبع يؤثر في نوعية ووقت العلاج المقدم من طبيب الأسنان. وسنحاول من خلال هذا الموضوع طرح بعض من الحلول المناسبة للتغلب على هذا الخوف، بعد تحليل الأسباب والعوامل المؤثرة فيه.

معظم مرضى عيادة الأسنان يشعرون بالقلق قبل موعد زيارتهم، وقد يزداد هذا القلق عند رؤيتهم للعيادة وما تحتويه من أجهزة وأدوات أو ربما لرؤيتهم لطبيب الأسنان أيضا. وقد يتناقص هذا الشعور خلال الموعد، خصوصا عندما تكون خطوات العلاج مريحة ولا يتعرضون خلالها للألم، وفي أحيان أخرى قد يزداد هذا الخوف والقلق ويتحول إلى درجة حرجة جدا لدرجة ان طبيب الأسنان لا يستطيع علاج المريض أو إقناعه في ذلك. ويلاحظ في هذا النوع من المرضى فقر في الحالة الصحية للفم، حيث تكثر التسوسات وتراكم في طبقات الجير و«البلاك»، وقد تكون لديهم خراجات في الأسنان والتهابات أو ربما تحتاج إلى خلع. وهذا مما يؤدي إلى نشوء رائحة الفم الكريهة المسببة للكثير من المشاكل الاجتماعية والنفسية كانعدام الثقة في النفس.

طرق التغلب على الخوف

* هناك طرق مختلفة تساهم في التغلب على الخوف والقلق في عيادة طبيب الأسنان، وتتراوح هذه الطرق بين العلاجات النفسية في الحالات المتوسطة وربما تصل إلى استخدام الأدوية في الحالات المتقدمة.

ـ تعتبر إبرة التخدير المستخدمة في علاج الأسنان من أكثر أسباب الخوف لدى المرضى صغارا وكبارا، لما يحسون به من ألم أثناء وخز الإبرة. لذا يجب أن يتيقن المريض في البداية بأن إبرة التخدير هي عبارة عن وسيلة فعالة للتخلص من الألم أثناء العلاج وليست سببا للألم، وهناك طريقة تستخدم للتقليل من الألم أثناء الوخز، ألا وهي استخدام البنج الموضعي أي في مكان وخز الإبرة. وقد يكون على شكل بخاخ أو كريم أو شريط لاصق يحتوي على تركيز معين من المادة المخدرة، ويعتبر هذا الأخير نوعا حديثا من البنج الموضعي.

ـ أن يعمل المريض على مخيلته أثناء العلاج في عيادة الأسنان، حيث ينصح الكثير على أن ينقلوا أفكارهم وان يتخيلوا أنفسهم في مكان آخر أو مع أشخاص أو طبيعة يحبونها مثلا، وأخذ نفس عميق أثناء ذلك. وهذه الطريقة تساعد المرضى الذين لا يعانون من القلق، بقدر أنهم لا يتحملون الألم البسيط الذي قد يصاحب العلاج.

ـ تمارين الاسترخاء قد تساعد أيضا في التغلب على الخوف والقلق. ومنها أن يحاول المريض الاسترخاء تماما على كرسي عيادة الأسنان وأن يغمض عينيه من فترة لأخرى مع أخذ شهيق عميق ويركز خلالها على كلمة واحدة مثل كلمة (السلام أو الأمان) ومن ثم الزفير العميق. وغيرها من طرق أخرى كثيرة ينصح بها، حيث يختار المريض من خلالها الطرق الأنسب التي تساعده.

أدوية ووسائل استرخاء

* ومن الطرق الأخرى للتغلب على الخوف التي تستخدم في علاج الحالات المتقدمة منه:

ـ استخدام الأدوية المضادة للقلق مثل الفاليوم (Valium)، حيث تعمل على إراحة الأعصاب. وهذا يتم في الحالات المتقدمة، حيث يأخذ المريض الوصفة قبل الموعد بساعة، ويجب في هذه الحالة أن يكون مع المريض شخص آخر لمرافقته للبيت.

ـ التنويم الجزئي (Conscious Sedation)، وهو عبارة عن نوع من التخدير الذي يثبط الاستيعاب والإحساس بالمحيط من غير أن يؤثر في الوظائف الحيوية للجسم كالتنفس والبلع. ويتم استخدام عقاقير طبية لتحد من القلق أثناء العلاج، بالإضافة إلى استخدام أدوية البنج ضد الألم. ومن أكثر أشكال هذا النوع من التنويم استخدام الغاز المضحك (Nitrous Oxide)، ويعمل عن طريق استنشاق خليط من الأوكسجين مع هذا الغاز، حيث يؤدي إلى استرخاء العضلات والأعصاب. يبدأ وينتهي هذا التأثير بسرعة عند التوقف عن التنفس من خلاله. وهناك طريقة أخرى أيضا هي استخدام خليط من الأدوية المضادة للقلق وأخرى عن طريق الوريد. وتجدر الإشارة إلى أن كلتا الحالتين يجب أن تتم بواسطة اختصاصي متدرب على هذا النوع من التنويم.

ـ التنويم الكلي، وهذا النوع يكون فيه المريض فاقدا للوعي تماما بما فيه وظيفتا التنفس والبلع، وهو النوع الذي يستخدم أثناء العمليات الجراحية الكبرى. ويستخدم في حالة عدم توفر طرق التنويم الجزئي أو إذا كان المريض من ذوي الاحتياجات الخاصة. خوف الأطفال

* أما بالنسبة للأطفال فتحددها الزيارة الأولى لطبيب الأسنان، حيث نجد الكثير من الأطفال الذين يرفضون الذهاب لعيادة الأسنان قد تعرضوا لتجربة سيئة في الماضي، وبالتالي تنطبع هذه التجربة في ذاكرتهم وتسترجع في كل مرة يأخذهم فيها ذووهم لطبيب الأسنان.

ـ على الآباء أخذ أطفالهم إلى طبيب الأسنان بصورة دورية للفحص والمتابعة حتى في حالة عدم وجود أية شكوى من قِبلهم، فالزيارات المتتابعة تجعل الطفل يتعود على عيادة الأسنان والطبيب والعاملين في العيادة. وهذا يساعد أيضا على اكتشاف التسوس أو أي مشاكل أخرى مبكرا مما يسهل العلاج لاحقا.

ـ يفضل أن تكون زيارة الطفل الأولى لطبيب الأسنان زيارة فحص فقط وان تكون كمقدمة يتعرف فيها على العيادة وما تحتويه من أدوات ويتعلم من خلالها مبادئ العناية بالفم وطرق التفريش الصحيحة، حيث إن الخطأ الشائع لدى الكثير من الأهل أخذ الطفل إلى طبيب الأسنان عند وجود ألم في السن أو عند وجود خراج في الفم فقط، فيأتي الطفل في زيارته الأولى وهو يشعر بالألم ومتعبا وقد يكون غير قادر على الكلام أو الأكل بسببه. ويصبح الطبيب مضطرا لعلاجه في هذه الزيارة، وبالتالي تنشأ عقدة الخوف لدى الطفل وقد تتفاقم عند كل زيارة أو ربما لمجرد سماع اسم عيادة أو طبيب الأسنان.

ـ من المهم التعرف على نفسية الطفل من قِبل طبيب الأسنان ومعرفة الأشياء المحببة والمكروهة لديه، لأنه قد يستغل ذلك في مراحل العلاج. ويعتبر إعطاء الطفل ما يحب من الهدايا جراء تعاونه في العيادة حافزا يدفعه لتقبل العلاج في عيادة الأسنان وهذا ما يسمى بالحافز الإيجابي. وهناك طريقة أخرى يتم من خلالها عدم إعطاء الطفل ما يحب نتيجة لعدم استجابته وتعاونه في العلاج فمثلا عدم إعطائه الأكل المحبب أو اللعبة المفضلة وهذا ما يسمى بالحافز السلبي.

ـ وهناك طريقة أخرى لمساعدة الطفل على الاستجابة للعلاج وهي جعله يشاهد إخوانه الأكبر سنا وهم في زيارتهم لطبيب الأسنان لتلقي العلاج أو مشاهدة لشريط فيدو تعليمي يرى فيه أطفالا من أقرانه وهم يتلقون طرق العلاج المختلفة وهذا ما توفره بعض من عيادات الأسنان في أماكن الانتظار.

ـ من المؤكد أن الطفل يتأثر بشعور أبويه، فإذا كان الأب ـ أو الأم ـ قلقا أو خائفا فإنه بذلك ينقل الخوف للطفل. ويضطر الطبيب في معظم الأحيان لأن يفصل الطفل عن أبويه أو أحدهما أثناء العلاج لما ينقل له من خوف.

وأخيرا يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن عيادة الأسنان كأي عيادة أخرى يقدم فيها العلاج وهي الحل لمشاكل وآلام الأسنان وليست السبب في ذلك، فحاول أن تحرص على الاهتمام والعناية بالفم والأسنان حتى لا يصبح عندك أي مسبب للألم.

* أستاذ مشارك واستشاري تقويم الأسنان [email protected]