لا تقل سلامة عن قريناتها إلا أن مكوناتها مضرة بالعاملين الطبيين والبيئة

الحشوات المعدنية.. هل هي آمنة؟

TT

زاد اللغط حالياً في المجال الطبي عن مدى سلامة الحشوات المعدنية (Dental Amalgam) المحتوية على عنصر الزئبق واحتمالات تأثيراتها الجانبية على الصحة. ففي الدول الأوروبية مثل السويد، يمنع العلاج بالحشوات المعدنية المحتوية على عنصر الزئبق ويقوم الأطباء هناك بعمل الحشوات البيضاء التجميلية ما اقتضت الحاجة إليها.

فماذا عن الزئبق في هذه الحشوات المعدنية؟ وماذا عن احتمال حدوث التسمم بالزئبق؟ وهل يمكن أن تكون هذه الحشوات مصدراً لهذا التسمم؟

* حشوات متنوعة

* تحدث إلى «صحتك» أحد المتخصصين في هذا المجال الدكتور باسم محمد أبو زنادة استشاري علاج تحفظي وتجميل أسنان بمستشفى الملك فهد بجدة، على ضوء تخصصه وخبرته وما دار اخيرا من نقاش علمي حول هذا الموضوع في ندوة جدة العالمية لطب الأسنان 2008 التي نظمها مستشفى الملك فهد بجدة بالتعاون مع الجمعية السعودية لطب الأسنان، فأوضح أن الحشوات المعدنية، بنظرة شاملة، تستخدم وبنجاح منقطع النظير منذ عشرات السنين، ولا يتطلب عملها إجراءات احترازية زائدة كما هو الحال مع الحشوات البيضاء التجميلية، التي يتطلب في عملها أن يراعي الطبيب ما يسمى بحساسية الطريقة أو Technique Sensitivity، حيث لا بد من العزل التام لمنع دخول أي سوائل فموية تحت الحشوة مما يحتم استغراق وقت أطول في عملها.

وأضاف أن معظم الأبحاث تشير إلى بقاء الحشوات المعدنية فترة أطول في فم المريض دون مشاكل مقارنة بالحشوات البيضاء، وأن تكلفة تصنيعها منخفضة مقارنة بالحشوات البيضاء، كما يمكن عملها في حالات نسبة التسوس الفموي العالي، كما أن لها آثارا قاتلة للبكتيريا لا توجد في الحشوات الكمبوزيت البيضاء (Composite Restorations) - وتوجد في حشوات بيضاء أخرى وبصورة أفضل مثل الحشوات الإسمنتية الزجاجية (Glass Ionomer Cements ) والتي بدورها تعتبر حشوات ضعيفة ولا تتحمل الضغط القوي عليها الناتج عن مضغ الطعام بالضروس الخلفية.

* سلامة الحشوات المعدنية

* ولكن يظل السؤال قائما: ماذا عن الزئبق في هذه الحشوات المعدنية وإمكانية التسمم به؟

الحشوات المعدنية للأسنان عبارة عن مزيج لعدة معادن (فضة، نحاس، زئبق وغيرها)، وبعد مزجها، تكون كتلة واحدة يصعب فصل كل عنصر منها على حدة.

والزئبق، هو العنصر المعدني الوحيد السائل في درجة الحرارة العادية، وقد يتحول إلى بخار مع ارتفاع درجات الحرارة، وهنا تكمن خطورة الزئبق.

فاستنشاق بخار الزئبق قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة وإلى عواقب وخيمة إذا استمر لفترة طويلة (أسابيع أو شهور) وهذا لا يحدث أبدا لمراجعي عيادة الأسنان، وإنما يكمن الخطر على العاملين في هذه العيادات من أطباء ومساعدي أطباء الأسنان، حيث يتم خلط هذه المعادن يومياً ويتم تسرب بخار الزئبق من جهاز خلط الحشوات المعدنية، ومن ثم يتم استنشاقها من قبل العاملين في العيادة.

لهذا لا بد للعاملين في عيادات الأسنان من اتباع بروتوكول صحة الزئبق ( (Mercury Hygiene والذي يقتضي ارتداء القناع الواقي للعاملين في هذه العيادات بصفة أساسية واستخدام شفاطات كرسي الأسنان عند وضع هذه الحشوات في الفم واستخدام نظام تهوية فعال لشفط جميع الغازات غير المرغوبة في جميع عيادات الأسنان.

* سلامة الحشوات وخطورة الزئبق

* وعلى الرغم مما سبق، إلا انه لا توجد حالة واحدة مسجلة توثق إصابة أي من العاملين في عيادات الأسنان بتسمم الزئبق حول العالم وإنما يتم منع استخدام هذه الحشوات المعدنية تجنباً لصناعتها ومن ثم التخلص من فضلات الزئبق وغيرها في الأنهار والبحيرات مما ينتج عنه تلوث بيئي خطير عند ارتفاع مستوى الزئبق بصفة خطيرة في هذه البحيرات والأنهار.

وبناءً عليه، ففي الدول الأوروبية التي تمنع هذه الحشوات (مثل السويد) تقوم منظمات طب الأسنان في هذه الدول بإعلانات واضحة (كما حدث في تقرير الجمعية السويدية لطب الأسنان لعام 2008 ) تقرر سلامة هذه الحشوات للمرضى – كذلك على الأطباء – إذا ما اتبع نظام الزئبق الصحي بطريقة سليمة.

وفي الولايات المتحدة الأميركية تراجعت نسبة استخدام الحشوات المعدنية من 85% عام 1988 إلى 31% عام 2005، وذلك راجع إلى مخاطر التلوث البيئي عند صناعة هذه الحشوات وليس لخطرها على صحة المراجعين لعيادات الأسنان أو العاملين فيها.

ويذكر الدكتور أبو زنادة ما جاء في تقرير الجمعية الأميركية لطب الأسنان ((American Dental Association ، وهي اكبر وأقدم جمعية متخصصة في طب الأسنان في العالم، والصادر في ابريل عام 2008 الذي جاء رداً على تقرير إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) الذي يوصي بدراسة تغيير تصنيف الحشوات المعدنية ((Dental Amalgam كدواء، وتقنين استخدام الحشوات المعدنية لبعض الفئات مثل الأطفال والسيدات الحوامل والمرضعات، بأن هذا المنع غير مستند إلى أسس علمية وان المنع لمجرد المخاوف هو منع غير مبرر، لأن معظم الدراسات العلمية تثبت بأنه لا علاقة بين هذه الحشوات وارتفاع نسبة الزئبق في الدم ومن ثم التسمم بالزئبق. ويرى التقرير أن منع استخدام الحشوات المعدنية هو سلب لأحد الحقوق الأساسية لمرضى الأسنان، وهو الحصول على الحق في اختيار علاج ناجح يبقى في الفم لفترة طويلة من دون مضاعفات.

وخلص تقرير الجمعية الأميركية لطب الأسنان إلى أن (الجمعية تدعم إعادة النظر في إعادة تصنيف الحشوات المعدنيةDental Amalgam) ) وأن أي ضوابط لا بد أن تكون مبنية على أسس علمية، وأن التحذيرات والتصنيفات على استخدام هذه الحشوات قد تتعارض مع ما توصل إليه العلم المبني على البراهين الطبية المثبتة، ومنعها سيؤدي إلى عواقب كبيرة لا داعي لها.

* احتياطات في عيادات الأسنان ومن وجهة نظره كمتخصص في هذا المجال، يرى الدكتور أبو زنادة ألا تستخدم هذه الحشوات في الأسنان اللبنية للأطفال نظراً لوجود البدائل الملائمة، بينما تستخدم مع المرضى الذين يعانون من تدهور شديد في صحة الفم والأسنان مع ارتفاع نسبة التسويس لديهم، حيث إن المثبت علمياً بما لا يدع مجالا للشك سلامتها وملاءمتها لمثل هذه الحالات وسهولة عملها وقصر الوقت اللازم لذلك.

والمهم لعيادات الأسنان اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع استنشاق بخار الزئبق من العاملين في هذه العيادات، والتخلص من فضلات هذه الحشوات بالطريقة الملائمة حتى لا نسهم مع المصانع التي تقوم بعمل هذه الحشوات في التلوث البيئي الذي قد تكون له عواقب وخيمة <

* حقائق مهمة حول الزئبق والحشوات الحاوية له

* الزئبق هو مركب موجود في الغذاء الطبيعي اليومي لكل إنسان.

* الغذاء الطبيعي اليومي للإنسان يحتوي على 21 ميكروغراما من الزئبق غير الحيوي و3.8 ميكروغرام من الزئبق الحيوي.

* تآكل الحشوات المعدنية في الفم المحتوي على عدد كبير من هذه الحشوات يؤدي إلى إنتاج 1.3 ميكروغرام فقط من الزئبق.

* المستوى الطبيعي للزئبق في الدم هو 3-5 نانوغرام لكل مليلتر.

* إزالة الحشوات المعدنية في الفم المحتوي على عدد كبير من هذه الحشوات يزيد هذا المعدل بنسبة 1 نانوغرام لكل مليلتر.

* المعدل المطلوب لحصول تسمم الزئبق في الدم هو 30 نانوغراما لكل مليلتر.

* لا يوجد أي دليل على وجود فرق في معدل حالات الإصابات والوفيات بين البشر الذين لديهم حشوات معدنية والذين ليس لديهم أي حشوات معدنية أو الذين تمت إزالة الحشوات المعدنية لهم.