داء الصرع: محاذير وأفكار مغلوطة

لا يزال غامضا بسبب التكتم عليه وعدم مناقشته بصراحة

TT

رغم ان الصرع حالة شائعة في العالم، وتؤثر على ملايين من البشر، إلا أن العديد من الناس لا يزالون يسيئون فهمها.

وفي الوقت الذي تتم فيه مناقشة أمراض القلب والسرطان وغيرها بشكل مباشر وعادي، نتفادى كثيراً ًالحديث عن الصرع، ربما لأن نظرة المجتمعات العربية له ما تزال تحمل نوعا من القصور. ولا شك انه إذا شاهد أحدنا مريضاً، يتعرض لنوبة صرع، قد يصاب بالخوف والحيرة، لأنه فجأة يجد إنساناً عزيزا عليه يسقط على الأرض مغشيا عليه، إلى حد انه قد يصيب نفسه بأذى أو قد يعض على لسانه، أو يتبول لا إرادياً وغيرها من الأمور. والمشكلة ان عدم مناقشة الحالة بصراحة تزيد من غموضها وسوء فهمها. معنى هذا أن المصابين بالصرع لن يتحملوا عبء مرضهم فحسب، بل أيضاً عبء تكوين صداقات وعبء التقدم في العمل أو المدرسة.

حوالي 1% من الناس تقريباً يعانون من الصرع. هذا يعنى أن لكل منا قريب أو صاحب لديه هذه المشكلة، وقد تشاء الظروف أن ترى مريضاً أثناء نوبة صرع في الشارع أو في مكان العمل. الصرع قديم قدم التاريخ والإنسان. وأصل الكلمة باللاتينية هيEpilepsy ومعناها يمسك أو يحاصر أو يملك. وبالغة العربية تنطق بتسكين الراء وليس بفتحها كما هو متداول.

* الفرق بين النوبة التشنجية كعرض

* وبين الصرع كمرض

* النوبة الصرعية أو التشنجية كعرض :

نوبة قصيرة الأمد يضطرب فيها الشعور والسلوك. بدايتها تكون سريعة وتنتهي بسرعة أيضاً. وقد يعقبها دوخة وتشوش، وتكون نتيجة لرد فعل المخ السليم لظروف غير طبيعية بالجسم، قد يتم التعرض لها مثلاً إذا أصيب شخص بالتهاب ما في المخ، مثل الالتهاب السحائي أو خراج بالمخ، أو إذا تعاطى المريض جرعات دوائية كبيرة، أو أصيب بفشل كلوي أو كبدي. كل هذه الاسباب قد تؤدي إلى نوبة صرعية (تشنجية).

أما الصرع في حد ذاته فهو اضطراب في وظيفة المخ نفسه، غالباً ما يكون بسبب ندبة أو تلف في نسيجه. بعبارة اخرى، فإن أي منا قد يصاب بنوبة تشنجية، كالطفل الذي ترتفع درجة حرارته جداً فجأة، ولكن ليس هذا معناه أنه مصاب بمرض الصرع.

* أنواع النوبات الصرعية :

> نوبات تبدأ من جزء محدد في المخ ونسميها نوبات جزئية أو بؤرية. > نوبات تؤثر على نصف المخ أو عليه كله وتسمى نوبات عامة.

* أسئلة متداولة بكثرة حول الصرع

* هل سيتخلص ابنى من هذا الداء عندما يكبر؟

* من الصعب الاجابة على هذا السؤال، لأن كل حالة تختلف باختلاف ظروفها ومسبباتها وعواملها البيئية، الكيمائية والوراثية وطبيعة المخ المُصاب. لكن هناك حالات كثيرة من مرض الصرع التي تبدأ فى الطفولة، يستعيد فيها حوالي الثلث عافيتهم عند بلوغ سن الرشد، وغالباً ما يستطيع الطبيب المعالج إخبار المتعالج والوالدين بالأمر.

ومهم في هذه الحالات استخدام كل تجاربك فى الحياة، بدءا من قوتك وحدسك إلى طريقة تعاملك مع طفلك، وابحث عن معلومات تهمك بشأن مرضه لتبنى ثقة فى نفسك وفى قدرتك على الاستجابة لاحتياجاته، وحاول ألاّ تكون زائد الحماية بأن تركز كل اهتماماتك على الطفل المصاب وحده. عادة ما يكون هناك خوف مبرر من أن تحدث نوبة صرع أمام الأقارب أو الأصدقاء أو زملاء المدرسة، وبالتالي تحسب لردود فعلهم ألف حساب، وسبب ذلك أن العديد منهم لا يعرفون الشيء الكثير عن ذلك الاضطراب، لكن بالصراحة والمناقشة العلنية يمكن ان يتفهمون الحالة ويفهمونها ويتعاطفون معها أيضا.

نادراً ما تكون هناك مشكلات سلوكية كنتيجة مباشرة للصرع، ومن غير الصحى أن نلصق كل مشكلة بالمرض، بيد أن الإجهاد والملل والفراغ وللبيئة المشحونة بالصراع كلها عناصر تؤثر سلباً على الطفل.

عموماً في الحالات الشديدة من الصرع، يحدث تلفاً لأجزاء من المخ كنتيجة مباشرة للنوبات والتشنجات وكذلك كآثار جانبية للعقاقير المضادة للتشجنات، حاول الوقوف على كل الأمور بمساعدة طبيبك المعالج وأي من مساعديه.

ماذا إذا تعرض الطفل المصاب للسخرية أو العنف فى المدرسة؟

أمر وارد، وقد يكون السبب الرئيسي وراء حدوث نوبة تشنجية صرعية، الإحساس القاسي بالمهانة أو التعرض للعنف، ، نتيجة عوامل كثيرة أهمها إحساسه الداخلي بالعجز لأنه يدرك أنه مريض. وقد تبدو هناك إشارات فى صورة نوبات غضب أو عنف مفاجئ أو عصبية زائدة.

هنا لا بد من تآزر البيت والمدرسة ولابد من تنسيق الوالدين مع مدرسي الفصل لبحث كافة الأمور المثيرة للقلق وللتعاون سوياً للوقاية من أى أخطار قد تنشأ من بيئة المدرسة.

التعليم ومرض الصرع فى الفترة الحساسة: من سن الثالثة حتى سن 17 سنة من المهم جداً أن ينخرط الطفل فى مدرسته ويواصل تعليمه ويشترك فى النشاطات بشكل عادي، لكن لابد من إدراك المدرسة بإصابة الطالب، وفى نفس الوقت لايجب معاملته على أنه غير طبيعي أو معاق، مثلاً لابد وأن تتخلل فترة الدراسة والنشاط الاجتماعي والرياضي فترات راحة معقولة لتخفف من الضغط والإجهاد.

المصابون بالصرع ليسوا معاقين عقلياً:

المصابون بالصرع شأنهم شأن أى مجموعة من الناس يتفاوت ذكاؤهم كما تتفاوت قدراتهم العقلية وفقاً لظروف كثيرة، لكن معظمهم من ذوى قدرات ذهنية عادية ولديهم القدرة على الانخراط فى الحياة العامة بكل صورها دون أي مشاكل.

المصابون بالصرع ليسوا عنيفين أو مجانين الاعتقاد السائد لدى البعض بأن المصابين بالصرع عنيفين أو مجانين، ليست فقط خاطئة بل مدمرة، ذلك أنهم أشخاص عاديين جداً مثلهم مثل أي مرضى آخرين، وبالتالي فإن هذا الاعتقاد وليد جهل، ويعود إلى ان المريض أثناء حدوث النوبة، لا يستجيب ولا يمكنه الاجابة عن الأسئلة التى توجه إليه، وقد يتمتم بكلمات غير مفهومة أو يصرخ أو يظهر فى صورة المرتعد الخائف، وهي اعراض قد تفهم خطأ على أنها ضرب من الخبل أو الجنون.

الصرع ليس بالضرورة مرضاً وراثياً فى كثير من الأحوال يشفى المريض ويعيش بشكل عادي من دون علاج من دون ان يتعرض لأي مضاعفات أو تشنجات بعد التوقف عن تناول العقاقير بشكل تدريجي، وليس ببعيد ان تتحسن الحالة فى فترة لاحقة بعد البلوغ < استشاري الطب النفسي، زميل الكلية الملكية للطب النفسي ـ لندن، زميل الأكاديمية الأميركية لطب السيكوسوماتيك (النفسي الباطني).

[email protected]