«التطعيس» على الكثبان الرملية.. يصارع فيه الشباب الرمال

رياضة أعادت الحياة من جديد إلى الكوبري بين جدة ومكة

يطالب الكثيرون ممن يتفننون في هواية التطعيس بضرورة وجود أندية تدعمهم وتصقل موهبتهم («الشرق الأوسط»)
TT

يستطيع الشاب خلف اكتشاف الأرض الصالحة لممارسة رياضة «التطعيس» كهواية ممتعة له، بدأ فيها منذ أن كان في الثالثة عشر من عمره، بعد أن كان ملازما لوالده في رحلاته للبر، إذ يرى تعلقه بتلك الرياضة «أمرا وراثيا» بحسب وصفه، غير أنه يحرص دائما على مزاولتها بما أسماه «الأدب» بعيدا عن المخاطرة بحياته.

خلف الخالدي (32 عاما) الذي اختار منطقة الميدان الواقعة جنوب شرق الجوف على الطريق الذي يربط جنوبها بشماله والمسمى بـ «الإقليمي»، يقول: «عادة ما أبحث عن الأراضي التي ينتشر بها بعض أنواع النباتات الصحراوية، إذ تكون صلبة إلى حد ما بسبب امتداد جذور هذه النباتات بداخلها، بعكس الأراضي الرملية البحتة، كي لا تعلق سيارتي بها».

ويضيف: «بدأت تلك الهواية بـ(هايلكس)، والذي كنت أدفع ما بين 1500 و2500 ريال سعودي لصيانته كل ثلاثة أشهر وإصلاح التلفيات الناجمة عن (التطعيس)»، مشيرا إلى أنه يفضل ممارستها بمفرده بعيدا عن التجمعات الشبابية التي «عادة ما تضم المراهقين والمتهورين» على حد قوله.

وذكر أنه الآن يمتلك سيارتين، خصص إحداهما لهوايته الرياضية، وهي من نوع «جيب سفاري»، فيما خصص الأخرى للسفر باعتباره من عشاقه، مبيّنا أن رياضة التطعيس يلزمها مواصفات معينة للسيارة، تتمثل في كونها تعمل بنظام الدفع الرباعي، إضافة إلى تحديد معدل الهواء في إطاراتها وفقا لنوعها.

وما زال خلف يتذكر الحادث الأليم الذي شاهده وهو لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، حيث رأى أحدهم يفارق الحياة إثر اصطدام سيارته بأخرى وجها لوجه على أحد الكثبان الرملية في أثناء ممارسة التطعيس، لافتا إلى أن تلك الرياضة تعد خطرة، غير أنها ممتعة للغاية.

ويعد التطعيس الذي يسميه البعض بـ«الانتحار» أحد أنواع الرياضة المحببة لدى الشباب السعودي، تم استقاء اسمه من الكثبان الرملية المسماة بـ«الطعوس»، والتي يتنافس مجموعة من الشبان على الصعود إلى قمتها دون توقف، خصوصا وأن في ذلك صعوبة بالغة على اعتبار أنها منطقة رملية، عدا ما يحدث خلالها من إصابات بشرية تصل إلى حد الوفاة.

ويؤكد غنام عبد الواحد الغنام ابن الأربعة والعشرين ربيعا أن خطورة ممارسة التطعيس تعتمد على الشخص وطريقته في ممارستها، إذ «هناك من يغامر بشكل كبير في ظل وجود آخرين يمارسونها بتأنٍّ وعقل» على حد قوله.

ويقول: «ليس بالضرورة أن تكون هناك مواصفات محددة للسيارة، لا سيما وأنني أستطيع القيام بتلك المهارة دون أن يكون لدي محرك دفع رباعي «دبل» (مزدوج)»، مضيفا أن «منطقة الميدان تشهد تجمعات كبيرة في شهر رمضان المبارك خصوصا أوقات العصر، الأمر الذي يؤثر على سير السيارات في الخط السريع (الإقليمي)» ويرى غنام أن طعس «أبو ناصر» الذي يحمل اسم صاحب مزرعة قريبة منه هو أفضل الأماكن بالنسبة إليه كي يمارس فيه هوايته التي تشعره بمتعة كبيرة، رغم تعرضه لموقف وصفه بأنه من أصعب ما تعرض له، حينما خضع لعملية جراحية في قدمه جعلته لا يتحرك دون عصا، غير أن ذلك لم يمنعه من استمراره في هوايته، ما جعله يعلق في منتصف أحد الكثبان الرملية دون وجود تغطية لشبكة هاتفه الجوال، إلا أن وجود أحد الشباب بالمصادفة في ذلك المكان أنقذه بسلام.

وعلى الرغم من خطورة التطعيس، فإن الكثيرين من هواته لا يهتمون باحتياطات السلامة التي من المفترض أن تتوفر في سياراتهم، ما يجعل احترافها مغامرة، لا سيما وأنهم يتعرضون لحوادث انقلابات من أعلى المرتفع يخرجون منها دون إصابة بقدرة إلهية، غير أنهم يؤمنون بأن إنجاز تلك المهمة يحتاج إلى اختيار المكان الملائم لقدرات السيارة، في محاولة منهم لتفادي الإصابات البالغة باعتبار أن تلك المناطق الصحراوية تبعد مسافات كبيرة عن مراكز الأمن والمستشفيات. وتشتهر منطقة «الكوبري الميت» الواقعة على الخط السريع الرابط بين مدينتي مكة المكرمة وجدة، وقد سُمي بذلك بسبب ندرة وجود السيارات فيه بتجمعات الشباب المهتمين بالتطعيس، إضافة إلى وجود العائلات نهاية كل أسبوع.

ويكتفي أبو أمل بمشاهدة التحديات بين الشباب في بر الثمامة الذي يبعد عن مدينة الرياض نحو 30 كيلومترا، ويقول: «استمتاعي بالتفرج على التطعيس يشبه ما أشعر به حينما أتابع مباراة كرة قدم لفريقي المفضل، إضافة إلى أن هناك من يـأتي من خارج مدينة الرياض للمشاهدة، غير أنها كرياضة تعد خطرة جدا».

وطالب الكثيرون ممن يتفننون في هواية التطعيس بضرورة وجود أندية تدعمهم وتصقل موهبتهم أسوة بأندية الرياضات الأخرى، والتي من شأنها أن تتيح لهم فرصة ممارسة رياضتهم المفضلة بأمان وإبداع، خصوصا وأن الأماكن المشهورة بتلك المهارة تفتقر إلى وجود رجال الأمن ومراكز الإسعافات في حال وقوع أي إصابة.