جمعية «يدي» اللبنانية تنعش الحرف اليدوية

تهيئ لمهرجان كبير الصيف المقبل

مادة الصابون قد تتحول قطعاً للزينة في المكاتب والمنازل («الشرق الأوسط»)
TT

ترى اللبنانية كميليا أبو شديد، التي تعتبر أن الصناعة ليست حكراً على الرجال، أن النساء الصناعيات يشكلن قيمة مضافة تتمثل بروح الألفة التي يضفينها على العمال والعاملات في مصانعهن، وترفض أن يكون للمرأة «يوم عالمي» لأن ذلك «يعبر عن إحساس بالضعف تجاهها».

وأبو شديد صناعية بين صناعيات لبنانيات كثيرات «يمارسن أعمالهن من دون ضجيج وأضواء إعلامية، وربما هذا ما يدفع إلى الاعتقاد بأن الصناعة هي صنعة الرجال». على حد قولها. وهي تمارس، في الواقع، صناعة مبتكرة، بحيث تتعامل مع المتقاعدين والمتقاعدات من الحرفيين والحرفيات والصناعيين والصناعيات، فترسل إليهم المواد الأولية لصناعة الصابون، وتعود لتجمع مشغولات المتعاملين والمتعاملات الموزعين على البلدات والقرى القريبة والبعيدة. وتتحول مادة الصابون بين أيدي العمال والعاملات «الأحرار قطعاً للزينة في المكاتب والمنازل».

ولم تشأ كميليا أن تحصر نشاطها في صناعتها، فضمت جهودها إلى جهود خمس صناعيات أخريات، وأنشأن جمعية تحمل اسم «يدي». ويستدل من اسمها أنها تستهدف، كما تقول أبو شديد، «إنعاش العمل اليدوي الحرفي في كل لبنان»، وتضيف: «إن العمل الحرفي اليدوي قيمة في ذاته، وحالة جوهرية في العمل الفني التراثي».

وتتابع قائلة: «لقد مضى على تأسيس الجمعية أربع سنوات وفي كل سنة نعد روزنامة عمل تتضمن مجموعة الأنشطة المتكاملة التي نقوم بها في نطاق العمل الفني والحرفي، وتشمل تقديم الدعم المهني والتسويقي للمهارات الفنية والحرفية، المتمثل بالابتكار والتصميم والتدريب وبناء القدرات وتبادل المعلومات، مما يتيح استنهاض تلك المهارات وتعزيزها في نطاق بيئتها التقليدية، سواء في الأرياف أو في المدن».

وتعمل الجمعية، بحسب أبو شديد، على نقل آليات الإنتاج والتطوير من الدول المتقدمة في مجال الحرف اليدوية والإفادة منها محلياً، كما تعمل على «تثمير الدعم المادي الذي تقدمه المنظمات المحلية والإقليمية والأوروبية والدولية في تطبيق البرامج التي تعزز أهداف الجمعية وتنميتها وتطورها» وتولي الجمعية التسويق عناية خاصة، سواء عبر المهرجانات أو المعارض أو الندوات، أو الترويج في الداخل والخارج، وكانت قد أقامت معرضاً أول هذا العام في إحدى القاعات في «سيتي مول» دام شهراً، ولكنه لم يشمل جميع الراغبين في المشاركة من الحرفيين المنتشرين بكثافة في المناطق والأرياف النائية. تقول رئيسة الجمعية: «نحن لا ننفك نفتش ونفتح صدورنا وأبوابنا أمام جميع العاملين والعاملات في الحرف اللبنانية الوفيرة والمتنوعة، والتي تشكل جزءاً أساسياً من التراث اللبناني. فهناك حرفة التفتيش للكراسي والمقاعد والطاولات وغير ذلك من الاستخدامات المنزلية، وحرفة الفخار، والسكاكين، والصابون، والنحت على الصخر والزجاج المنفوخ والكروشيه، والمؤونة، والغذاء البيولوجي، والحفر على الفضة، التي تلازم اسم كل واحدة منها اسم قرية أو بلدة أو حتى منطقة».

وتوضح أبو شديد أن «المعرض الأول الذي أقمناه هذا العام ضم نحو 40 حرفياً وحرفية عرضوا أشغالهم في قاعة محدودة المساحة. لكننا نخطط لمهرجان كبير في فصل الصيف المقبل يضم كل الحرف اللبنانية، ونبحث عن مكان أوسع وأكبر بكثير، وقد يكون في منطقة مارينا ضبية شمال بيروت. ونتوقع نجاحاً كبيراً لهذا المهرجان الذي بدأنا الإعداد له منذ الآن، حيث نحاول الاتصال والتواصل مع أكبر عدد من الحرفيين والحرفيات، وحيث يكون المغتربون قد جاءوا لتمضية إجازاتهم في وطنهم الأم، وبعدما تكون الانتخابات النيابية قد جرت، وزال الاحتقان السياسي الذي رافقها، وسقطت المخاوف الأمنية التي سبقتها ولازمتها».

وأعربت عن سرورها وسرور سائر أعضاء الجمعية لتجاوب المصارف والمؤسسات مع هذا الحدث الاجتماعي الاقتصادي الإنساني والوطني «حيث عبرت جميعها عن استعدادها لرعاية هذا الحدث». وتبدي أبو شديد الأسف لعدم اهتمام الدولة بالحرفيين والحرفة بحد ذاتها. «فلا وزارة الشؤون الاجتماعية تعير هذا القطاع التراثي الاهتمام الذي يستحق، ولا وزارة السياحة تولي هذا الأمر العناية التي يحتاجها، وهي بإمكانها أن تروج للحرف اللبنانية من ضمن نشاطات الترويج السياحي للبنان في الخارج، وأن تشارك في معارض متخصصة. أما نقابة الحرفيين فيدها قصيرة، كما يقول المثل اللبناني، وغير قادرة على حماية الحرفيات اللبنانية ورعايتها والعناية بها، ونأمل في أن تتمكن في المستقبل من القيام بالدور المطلوب منها. ومن جهتنا نحن، فقد آلينا على أنفسنا امتشاق هذه المهمة كوننا سيدات أعمال وصاحبات تجربة في التسويق والترويج والابتكار. وما ترده المعارض على الجمعية نضعه في خدمة الحرفة التراثية، ثم نتكفل بالباقي».