ماضي.. أقدم العشابين بالإسكندرية شعاره «لكل داء.. دواء»

ينفرد منذ 102 سنة بالأعشاب النادرة والأسماك المجففة

محل ماضي كما يبدو من الخارج وفي الاطار صورة لمؤسس المحلات الحاج ماضي («الشرق الاوسط»)
TT

يا عطارين دلوني.. الصبر فين أراضيه.. مقطع غنائي قديم مأخوذ من التراث الشعبي المصري.. لا بد أن تتذكره وأنت تتجول بين أجولة وعبوات الأعشاب البرية، والبهارات في أقدم محل للعطارة بالإسكندرية.. المحل عمره 102 سنة.. والمهنة توارثتها الأجيال.. والزبائن يحملون بعضهم على الذهاب إلى هناك.. وأنت كزائر ستقف مبهورا بالمشهد ورائحة التاريخ التي تعبق المكان تتسلل إلى أنفك فتصبح زبونا دائما.. إنه محل عطارة ماضي.. أشهر محل عطارة بالإسكندرية.

وعلى ناصية الدكان العتيق ووسط عبق البخور الهندي، المخلوط برائحة الأعشاب البرية والبهارات الشرقية، يجلس الحاج عبد المنعم ماضي أحد أبناء أقدم العشابين الحاج عبد السلام علي ماضي، الشهير بـ«ماضي»، يجيب على تساؤلات المرضى ويعطيهم وصفات وخلطات لعلاج ما يؤرقهم. يقول عبد المنعم ماضي: «بدأت حكاية الدكان من سنة 1906، عندما اشترى والدي الدكان وبدأ يعمل في تجارة الحبوب والبقول وبعدما حقق شهرة كبيرة في الإسكندرية.. توسع في عمله ليشمل العطارة إلى جانب البقول.. في البداية كان المحل واحدا من المحلات الصغيرة في سوق العطارين أو (الدقاقين) كما يطلق عليه البعض، لكننا بعد ذلك توسعنا وكبرنا المحل وبقى أكبر محل في السوق كله، والدي توفى في عام 1960 وإحنا كملنا المسيرة». يقع دكان عطارة ماضي في أول سوق العطارين ضمن أسواق المنشية القديمة ويمكن زيارته عبر زنقة الستات، ويروي ماضي أن معالم سوق العطارين القديم قد تلاشت حيث كان العطارون ينتشرون في أرجاء السوق وتنتشر بضاعتهم حتى أن المارة كانوا يجدون صعوبة في السير بين الأجولة. ويقول «سوق المغاربة وسوق العقادين وسوق الخيط، كل المحلات كانت للمغاربة، وكان في أجانب، واليهود كانت ماسكة التجارة الكبيرة كلها، ما خلوش حاجة ما تاجروش فيها الشاي والقطنيات والخيوط والخردوات وغيرها، كان في مكاتب يهود تتاجر في أي حاجة مستوردة من اليونان وتركيا ومن كل حتة، ومنهم: روبير بولاد في شارع تمام، وماركو بير وأشكنازي».

لحظة دخولك إلى عطارة ماضي المكدسة بأجولة البهارات الشرقية والهندية والصينية والإيرانية ستتملكك الحيرة عند اختيار أنواع الأعشاب، حيث تجذبك روائح زكية، وألوان الأعشاب وقنينات العسل الطبيعي التي تملأ أرجاء الدكان حتى سقفه. الذي يلفت الأنظار الأسماك البحرية المجففة وهياكل لحصان البحر والتماسيح الصغيرة التي تضمها فتارين العرض داخل المحل، وعن هذه الأنواع قال ماضي إن هذه النوعيات من الأسماك المجففة تسمى «شكانكيرا» وتستخدم في علاج الأمراض الجلدية الخطيرة وأمراض العقم وأحيانا تستخدم مقطعة كبخور ضد الحسد. ويضيف ماضي أن هذا المحل العريق به كل أنواع الأدوية والعلاجات العشبية سواء للسكر أو للضغط أو للعقم أو الضعف الجنسي أو الدوسنتاريا، وهناك توليفة من 20 صنفا تطحن مع اللبن أو المياه لعلاج مرض السكر. يتميز ماضي بجودة الأعشاب العلاجية والطبية وهو ما يراه الحاج عبد المنعم ماضي سر استمرار صيت محله إلى الآن، خاصة أن هناك زائرين ووافدين من مختلف دول العالم يأتون إليه للبحث عن ضالتهم، كذلك يأتي إليه كل من يأس من العلاج الدوائي الطبي عله يجد ما يجلي مرضه. أما أحفاد الحاج ماضي الكبير فقد اتخذوا من مهنة العطارة طريقا لهم، وكونوا شركة تقدم خلطات ووصفات بطريقة حديثة في منتجات مغلفة ومعبأة في عبوات جذابة لكافة الأغراض التجميلية لتلبية احتياجات الفتيات والسيدات الباحثات عن الجمال ونضارة البشرة التي تعتمد على وصفات استمدوها من جدهم الحاج ماضي. يحكي ماضي أن هذه المهنة جعلته يتعرف بأشخاص كثيرين وعائلات عريقة من مختلف أنحاء مصر كانوا من الأجداد للأحفاد يشترون منه كل لوازم العطارة، ووصل الأمر إلى أنه يعلم جيدا طلب كل عائلة وما تحتاجه من خلطات وبهارات، حتى العائلات التي تركت الإسكندرية يأتي بها الحنين لتقوم بزيارة لماضي. ورغم أن الغلاء أثر على حركة البيع والشراء إلا أن ماضي ينفرد أنه في رمضان يزداد الإقبال على عطارة ماضي لشراء لوازمه الخروب والكركديه والتمر هندي والعرقسوس والمكسرات.