«اليوم المفتوح».. أحدث وسيلة نسائية لتحسين الدخل في مصر

يعيد للأذهان «تاجر الشنطة» ويرفع إغراء البيع بالتقسيط

بيع الملابس والعطور في المنزل اصبح مصدر رزق للكثير من النساء («الشرق الاوسط»)
TT

«الإيشاربات، إكسسوارات نسائية وأخرى للمنزل، ملابس حريمي، حقائب ومصنوعات جلدية، نظارات شمسية، أدوات ماكياج».. هذه المغريات وغيرها مما تتهافت عليه النساء أصبحت مصدر رزق للكثيرات من ربات البيوت والفتيات اللاتي يقمن بالتنظيم والإشراف على ما أصبح يعرف بـ«اليوم المفتوح» أو بلغة رجال الأعمال «الأوبن داي»، وهو نوع من أنواع «بيزنس البيوت» يعتمد على مهارة المعارف والأصدقاء في جذب الزبائن. «الأوبن داي» ظاهرة برغم انتشارها بشكل واسع هذه الأيام فإنها تعد أحد التحورات المهمة لمهنة «تاجر الشنطة»، التي غالباً ما تنتشر في المؤسسات والهيئات الحكومية، وحالياً يقوم بها في مصر بعض الصينيين المتحدثين بالعربية، الذين يعرضون بضاعتهم على أعتاب البيوت بدءا من الملابس والأجهزة الكهربائية، والساعات والهواتف الجوالة وقطع الإكسسوار، وحتى الحلاقة والسباكة، وغيرها، مما يثير دهشة المصريين. يعتمد «الأوبن داي» على الدعاية الجيدة؛ ومن ثم، تبدأ السيدة بالإعلان بين قريباتها وصديقاتها وجيرانها عن حصولها على بضائع معينة، مستوردة من الخارج وتعلن المدة التي تنوي خلالها استقبال الزبائن في منزلها لعرض هذه البضائع.

والنساء وكما هو معروف يتمتعن بمهارة خاصة في عمليات البيع والشراء، والفصال في الأسعار، وجدن ضالتهن في الانترنت، فهو بمثابة الكعكة الكبيرة، أو منجم ذهب بالنسبة للكثيرات، فتم استخدام البريد الالكتروني في الإعلان عن ألوان وأشكال من «الأوبن داي»، وجاء «الفيس بوك» كوسيلة ذهبية أخرى لإغراء الفتيات بصور المعروضات وأسعارها. فهناك من تُخصص أياما على مدار الأسبوع لبيع ملابس وأردية السباحة، أو الملابس الداخلية أو الإكسسوارات، مع الإعلان عن أسعار أو تصفيات وتخفيضات على الجروب الخاص بها على «الفيس بوك»، فمثلا يمكن الحصول على نظارة شمسية في حدود 100 إلى 300 جنيه! وغالباً ما تباع بضائع الأسماء اللامعة في عالم الأزياء والموضة مثل: شانيل وفيكتوريا سيكريت وماركس آند سبسنر بنصف الثمن. وحالياً اتجهت بعض الفتيات لإقامة «أوبن داي» في النوادي الاجتماعية لعرض بعض المنتجات اليدوية الصنع من مفارش مطرزة بالخرز والإكسسوارات، أو قطع منزلية بسيطة من الفخار، أو السجاد، لشغل وقت فراغهن، والانغماس في عمل مفيد بدلا من انتظار الوظيفة على قائمة جداول الحكومة، أو مغامرة القطاع الخاص. تقول غادة حامد، سيدة أعمال (44) سنة: «الأوبن داي دخل مصر عن طريق بعض سيدات المجتمع اللاتي كن يسافرن للخارج مع أزواجهن رجال الأعمال، وبعد شراء كل ما وقعت عليه أعينهن وجدن أن هناك ملابس زائدة عن حاجتهن، ومن الصعب توزيعها كهدايا على الأهل والأصدقاء. ومن هنا ظهرت الفكرة وانتشرت بين سيدات الطبقة الراقية، وبدأت أي سيدة تجد ملابسها لم تعد تلائمها وفي حالة جيدة فتقوم بعرضها بأسعار مناسبة حتى تتخلص منها وتحقق مكسباً ملائماً، لكن الاتساع الأكبر للفكرة تم على يد مجموعات من الفتيات أو ربات البيوت اللائي ينتمين للطبقة الوسطى، فقد وجدن في هذه الفكرة بابا جيدا وكريما لتوسيع مصدر الرزق، وأيضا التعويض عن عدم الحصول على الوظيفة المناسبة، وسط البطالة التي تتضاعف معدلاتها يوما بعد آخر في المجتمع». وحول طبيعة العمل في «الأوبن داي» تضيف غادة: هو عمل لذيذ، ومسلٍّ، ويحتاج إلى الشطارة، والنظرة الخاصة إلى الزبون، والعمل على اكتساب تعاطفه وصداقته أولا قبل البيع أو الشراء. وتلفت غادة إلى عنصر من عناصر التميز لهذه الفكرة، وهي أنها لا تحتاج إلى محل، أو مكان ثابت، بل من الممكن إقامة «الأوبن داي» في أي مكان، وفي أي حيز، سواء كان كبيرا أو صغيرا.. وتقول «إنه عمل لطيف وجميل حقا». أما رانيا شرف، سكرتيرة بإحدى المؤسسات الدولية، 29 سنة فتقول إنها «تشتري كافة احتياجاتها من ملابس وإكسسوارات من «الأوبن دايز»، وتبدي سعادتها بأن ثمة علاقة صداقة حميمة نشأت بينها وبين الفتيات اللائي ينظمن هذه المعارض المنزلية». وتضيف رانيا «إنه بموجب هذه الصداقة أصبحت أستطيع شراء احتياجاتي من الماركات العالمية وبخاصة أدوات الماكياج بالتقسيط، وهو ما لا تقدمه مراكز بيع مستحضرات التجميل». لكنها ألمحت إلى القلق الذي لا يزال ينتابها عندما تقوم بتجربة قياس لقطع الملابس خاصة أنها في حجرة منزل هو في النهاية غريب عنها! وعلى العكس من رانيا، ترفض سارة هاني، 25 سنة، هذه الفكرة تماماً، وتبرر ذلك بأنه ليس هناك ما يجبرها على الذهاب لمنزل غريب، فالأمر لا يسلم من أناس منعدمي الضمير، مشيرة إلى أن كل ما تحتاجه الفتاة من الماركات المستوردة موجود في المولات الكبرى، خاصة أن الأسعار تعتبر متقاربة إلى حد ما. أما رحاب علي، ربة منزل، 34 سنة، فخاضت تجربة لتنظيم «الأوبن داي» بمساعدة صديقاتها المحترفات في هذا المجال باعتبار أنه وسيلة لطيفة وسهلة لكسب العيش وفرصة للعمل وتحصيل دخل لا بأس به، إلا أنها وجدت أن المسألة ليست هينة.. فقد تواجه منظمة «الأوبن داي» مشكلات مع الضرائب إذا تم الإبلاغ عنها من جيرانها أو من البلدية، كذلك قد لا تستطيع التخلص مما يتبقى لديها من بضائع وتضطر لبيعها بأبخس الأسعار للتخلص منها. من جانب آخر ترى بعض السيدات أن «الأوبن داي» أمر شيق وخال من المشكلات باعتباره بيزنس للجنس اللطيف، إلا أن الواقع غير ذلك، فقد يتسبب ذلك في بعض المشكلات العائلية، بسبب استغلال الزوجة لعش الزوجية، ونظراً لاستخدام المنزل كمعرض فإن ذلك يشكل خطورة على التحف الثمينة وبعض المقتنيات القيمة بالمنزل، وأحياناً تحدث سرقات لكل ما خف وزنه وثقل ثمنه من بعض الزبائن، لذا يفضل ـ وكما ترى رحاب ـ أن يكون «الأوبن داي» لعدد قليل من النساء المقربات.

وبطبيعة الحال أي بيزنس لا بد أن تشوبه بعض المنغصات المتعلقة بالربح والخسارة؛ تؤكد على هذا سحر أحمد 35 سنة وتحكي: «كنت في تركيا مع زوجي ورأيت أن أسعار الملابس رخيصة وفكرت أن أقوم بشراء مجموعة وأجرب حظي ربما يكون هناك مكسب من بيعها بأسعار تحقق الربح وفي نفس الوقت معقولة وتشبع رغبة الفتيات الباحثات عن الملابس المستوردة، وإذا بي أفاجأ في الجمارك بسؤالي عما سأفعله بهذه الملابس وبحسن نية قلت «جايباهم أبيعهم» وبالطبع كانت النتيجة أنني دفعت 27 ألف جنيه جمارك رغم أن ما معي كانت قيمته 10 آلاف جنيه فقط. فخسرت من رأس مالي جزءا كبيرا مما أثار حنق زوجي وبالطبع لم أكرر هذه التجربة». أما منى السالمي 40 سنة التي اعتادت تنظيم «الأوبن داي» بشكل منتظم في أوقات عمل زوجها في الخارج، فترى أن الفكرة في مصر لا تلقى إقبالا كبيرا خاصة أنها تلاحظ أن الكثير من الفتيات يفضلن الذهاب لـ«لأوبن داي» في صحبة كبيرة خوفاً من التعرض لأي أذى أو لتخوفهن من دخول منازل غريبة عنهن، كذلك تحدث الكثير من المشكلات بسبب رغبة البعض في استبدال البضائع في الوقت الذي تكون فيه قد باعت كل ما لديها.

الطريف أن بعض الرجال ممن أعجبوا بالفكرة وجدوا في مقرات أعمالهم فرصة لكسب الرزق فيقومون بعرض ملابس أو ساعات عالمية، أو هواتف جوالة ، وكاميرات ديجتال للبيع بحجة أنهم ليسوا في حاجة إليها.