مكتبة الإسكندرية توثق تاريخ النادي الأهلي المصري

بصور ووثائق وملفات فيديو نادرة

زار النادي الأهلي الملوك والرؤساء، كالملك فاروق، والرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات، والعديد من الوجهاء («الشرق الأوسط»)
TT

لا يمثل «النادي الأهلي» في مصر مجرد ناد رياضي واجتماعي لقتل الوقت وبناء الجسد، بل تاريخا من السياسة والنضال. يدرك القائمون على مكتبة الإسكندرية ذلك جيدا؛ فوثقوا لتاريخه ضمن مشروع «ذاكرة مصر المعاصرة».

بحسب المشرف على مشروع «ذاكرة مصر المعاصرة»، الدكتور خالد عزب، فإن توثيق تاريخ النادي العريق انقسم إلى عدة أقسام. أولها يحتوي على مقالات خاصة بالنادي، ونشأته، وتاريخه، وتطوره، وأهم رؤساء مجلس الإدارة، إضافة إلى استعراض للألعاب الرياضية فيه وتطورها. ويشمل هذا الجزء مجموعة كبيرة من الإحصاءات والبيانات التي تعطر دلالات كثيرة، ثم يأتي قسم ألبومات الصور والوثائق النادرة الخاصة بالنادي، منها زيارات الملوك والرؤساء لمقره، كالملك فاروق، والرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات، والصور النادرة لمباريات وحفلات مع قائمة الشرف، وحصر لبطولات النادي في مختلف الألعاب.

كما يضم الأرشيف الصحفي العديد من المقالات والأخبار التي وثقت لتاريخ «النادي الأهلي المصري» عبر صحف مختلفة، مثل «الأهرام»، و«الأخبار»، و«المصور»، و«اللطائف المصورة»، و«كل شيء»، و«الدنيا»، و«آخر ساعة»، و«الاثنين». ولفت محمود عزت القائم على توثيق تاريخ الأندية الرياضية بالمكتبة أن مشروع توثيق تاريخ «النادي الأهلي» يضم ملفات فيديو نادرة للمباريات التاريخية، ومنها مباراة للنادي الأهلي وبنفيكا عام 1962، التي فاز فيها النادي الأهلي 2-1، كذلك مباريات «النادي الأهلي» في حقبة الخمسينات. وبدأ «النادي الأهلي» كنادٍ لطلبة المدارس العليا عام 1905، وأدى أدوارا وطنية مهمة، حيث استغله الزعيم المصري في إشعال حماس الطلبة ضد الاحتلال، ثم وجد عمر لطفي رئيس نادي طلبة المدارس العليا أن هؤلاء الطلبة بحاجة إلى ناد رياضي يجمعهم لتمضية وقت الفراغ وممارسة الرياضة. واختار عمر بك لطفي يوم 8 ديـسمبر (كانون الأول) 1905 يوما لتجميع طلبة الجامعات، وكان المكان المحدد هو إحدى القاعات بكلية الطب بجامعة القاهرة، وبلغ عددهم 200 طالب، وتم انتخاب لطفي بك ليكون أول رئيس للجمعية العمومية للنادي الأهلي.

جدير بالذكر أنه بعد مرور خمسة أشهر على تأسيس الجمعية العمومية، تم تحديد يوم 8 أبريل (نيسان) 1907، ليجتمع الطلاب والأعضاء الدائمون، ومعهم شخصيات سياسية مصرية هامة. واقترح عمر لطفي أن يتم بناء ملاعب وتشكيل فرق للألعاب المختلفة، إضافة إلى انتخاب رئيس للنادي. وبالفعل تم اختيار الإنجليزي ميتشيل أنس بك رئيسًا للنادي. وجاء اختيار مواطن إنجليزي للمقعد، كي يتجنب النادي مضايقات الإنجليز وقت تواجدهم بمصر، وبعدما وقف النادي على قدميه، تمت إقالة أنس بك ميتشيل بعدها بعام بالتمام والكمال. ويشير الباحث محمود عزت إلى أن الحضور بهذا اليوم كان سياسيا في الأساس، ويؤكد على ذلك أسماء الحضور، وهم إدريــس راغب، وعبد الخالق ثروت، وإسماعيل سري، وأمين سامي، والإنجليزي ميتشيل أنس. وعقد أول اجتماع في 24 أبريل (نيسان) 1907، واجتمعت اللجنة في الخامسة والنصف مساءً بمنزل ميتشيل أنس بالجيزة، برئاسته، وعضوية إدريس راغب بك، وإسماعيل سري باشا، وأمين سامي باشا، وعمر لطفي بك، ومحمد أفندي شريف سكرتيرًا. وقد شهد الاجتماع الثاني للجنة الإدارية العليا للأهلي طرح إسماعيل سري باشا الرسم الذي صممه للمبنى الرئيسي للنادي، باعتباره مهندسًا معماريًا. وفي نفس الجلسة عرض عمر لطفي بك عقد الشركة. ووافق المجتمعون من المؤسسين على إنشاء الشركة، وهي شركة مدنية باسم «النادي الأهلي للألعاب الرياضية»، وقد وضع عمر لطفي بك الصورة النهائية لعقد شركة تأسيس النادي الأهلي، ووقع عليه مجموعة المؤسسين، وقد طرحت أسهم شركة تأسيس النادي الأهلي للاكتتاب العام في 26 مايو 1907، وكانت قيمة السهم خمسة جنيهات.

في 19 يونيو (حزيران) 1907 تسلم الجيل الأول من أبناء «النادي الأهلي» الأرض، وذلك من مصلحة أملاك الدولة، ومساحتها أربعة أفدنة، وثمانية قراريط، وسبعة عشر سهمًا، حصل عليها المؤسسون بإيجار رمزي قدره قرش واحد سنويًا، ولمدة عشر سنوات. وكانت هذه الأرض هي اللبنة الأولى التي رسمت عليها خريطة «النادي الأهلي»، من ميتشل عزيز عزت باشا رئيسًا للجنة الإدارية العليا للنادي ليكون الرئيس الثاني. وقد غادر ميتشيل أنس القاهرة بعد ذلك عائدًا إلى بلاده ليتسلم مهام منصبه الجديد كمستشار للسفارة البريطانية بواشنطن.

وفي 17 ديسمبر (كانون الأول) 1908 قررت اللجنة الإدارية العليا في جلساتها الإعلان عن قرب افتتاح النادي، بدءًا من الأول من يناير (كانون الثاني) 1909، ووزعت استمارات الاشتراكات في نادي طلبة المدارس العليا، ومكتب عمر لطفي، وصحيفتي «اللواء»، و«المؤيد» الناطقة بلسان الحزب الوطني برئاسة مصطفى كامل، وأقيم حفل الافتتاح في 26 فبراير (شباط) 1909.