جامع البصرة.. أول جامع بُني خارج الجزيرة العربية والآن تهدده البيوت العشوائية

متجاوزون لـ «الشرق الأوسط»: لم يمنعنا أحد ولم نجد كنوزا

«عشوائيون» يبنون منزلا قرب جامع البصرة («الشرق الأوسط»)
TT

لم يجد بعض ابناء البصرة من الفقراء غير أن يتجهوا صوب احدى المناطق الاثارية لبناء بيوتهم التي اطلق عليها فيما بعد بـ«العشوائية» ووصفهم العديد من ابناء البصرة الاخرين بانهم «عشوائيون» لانهم يتجاوزون في طريقة بنائهم على اراض لا تعود لهم وابنية لا تعود ملكيتها لهم ايضا. ولم يجد «العشوائيون» سوى حجر بني به اول جامع في البصرة والذي يعود تاريخه الى سنة 635 ميلادية لبناء بيوتهم المترامية في مدخل مدينة الزبير 29 كم غرب مركز محافظة البصرة.

وقال كريم الصالحي (57 عاما) وهو من سكان تلك المنطقة «صحيح نحن متجاوزون لأننا بنينا بيوتا بسيطة في منطقة أثرية على مقربة من جامع البصرة الكبير حالنا حال غيرنا، ولم تمنعنا القوات البريطانية بعد الاحتلال بعد ان غاب القانون واختفت السلطات المحلية». واضاف الصالحي لـ «الشرق الأوسط» بسخرية «ان العشوائيين عندما تجاوزا على هذه المنطقة وحفروا فيها لم يجدوا مسلات وثماثيل وكنوزا ذهبية ورقم طينية كما هي حال الاثار في الناصرية وبابل ونينوى، وكل الذي وجده الأهالي لا يتعدى جرار واوان فخارية مكسرة وكميات قليلة من الطابوق القديم».   ولم يكن حال جامع البصرة الكبير الذي يعد ثالث مسجد في الإسلام والأول خارج الجزيرة العربية أيام ثورة الزنج عام 126 هجريه التي انطلق منها المثل المتداول «بعد خراب البصرة» أحسن حالا من السنوات التي أعقبت دخول القوات الاجنبية للعراق عام 2003 ففي الحالتين تعرضت منطقته الأثرية الى نهب مواد البناء الأثرية  وشيد فيها الهاربون من بطش الزنج مساكن لهم في المرة الأولى واستغل العشوائيون الفراغ الأمني للسكن فيها تجاوزا في المرة الثانية، كما لم يدرك العشوائيون الذين ضاقت بهم البصرة بعد الاحتلال أن نبش المنطقة الأثرية وإخراج طابوق واجر المنطقة لبناء دور لهم منه أنهم أسهموا بغير وعي في إخفاء معالم مدينة البصرة التي شيدها الصحابي الجليل عتبة بن غزوان عام 14 هجرية. ويوضح هاشم محمد علي، وهو خبير اثار في المنطقة الجنوبية ان الجامع «يعد من أبرز المعالم الإسلامية والتاريخية في جنوب العراق إلا انه لم يكن وحتى نهاية التسعينات سوى بقايا منارة وبعض الجدران الايلة للسقوط وسط منطقة أثرية محظورة في مدخل مدينة الزبير تشاهدها المارة بوضوح، وبادرت في وقتها مجموعة من الأهالي الميسورين ببناء سور لبقايا الجامع من الطابوق حفاظا عليه من العابثين، إلا ان وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وعند قيامها ببناء مراقد الصحابة الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وانس مالك قامت ببناء جامع صغير إلى جوار المنارة الأثرية له في مطلع الإلفين، وتحول بعد السقوط إلى مزار يؤمه الناس في المناسبات الدينية ويقصده الأهالي مشيا على الأقدام ممن لم يستطع زيارة العتبات المقدسة في كربلاء والنجف».

وأضاف «وبعد سقوط النظام السابق وخضوع البصرة تحت سيطرة القوات البريطانية اقتحم العشوائيون المنطقة الأثرية المحيطة بالجامع والتي لم يجر تنقيبها، ومن اهم معالمها  معركة الجمل وبيوت وأسواق البصرة عند التأسيس وبنوا بيوتا لهم من طابق وآجر المنطقة الأثرية بعد غياب القانون وتحولت بمرور الأيام الى حي سكني تجاوزا يجري فيه الآن عمليات بيع وشراء الدور بشكل علني».