تجارة النظارات المقلدة تغزو وسط القاهرة

الإقبال عليها من الشباب يتزايد.. سعيا وراء لقب «أبو نضارة»

أحد محلات بيع النظارات المقلدة في القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

«أبو نضارة» هو اسم صفحة اجتماعية شهيرة في صحيفة «الأخبار» المصرية، وهو في الوقت نفسه لقب يحلم به الكثير من الشباب المصري، سعيا وراء المظهر «الروش» حسب تسميتهم، ولكن ما بين الرغبة في ارتداء نظارات شمسية من ماركات عالمية وارتفاع ثمنها، استطاع تجار النظارات الشمسية المقلدة اكتساب زبائن كثيرين، أغلبهم من الشباب، رغم التحذيرات الطبية المتكررة من أضرارها.

ورصد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن مصر استوردت في عام 2007 نحو 259 طنًا من تلك النظارات تبلغ قيمتها 30 مليون جنيه.

شارع عبد العزيز جاويش بوسط القاهرة أصبح مركز تلك التجارة في العاصمة المصرية، محلات النظارات تحتل جانبي الشارع رغم ضيقه، الإقبال عليها لا يتوقف، ما بين تصنيع عدسات طبية رخيصة، أو شراء نظارات شمسية مقلدة بدرجات متفاوتة من الجودة، سعرها في أي حال لا يبلغ ربع سعر النظارة الأصلية.

«ما نبيعه ليس مضرا بالعين، فالنظارات التي نبيعها عدساتها أصلية ولكنها مصنوعة في الصين بنفس المواصفات.. الفرق يكون في الخامات فقط، أما النظارات المقلدة فتكون العدسات من مواد غير طبية مما يسبب أضرارا بالعين»، هكذا دافع هادي سماركو صاحب أحد محلات بيع النظارات المقلدة عن تجارته.

وأضاف «أكثر من يشتري هذه النظارات هم الشباب، لرغبتهم في الظهور بمظهر لائق بسعر في متناول أيديهم»، مشيرا إلى أن زبائن تلك النظارات في الغالب هم ممن يرتدون نظارات طبية في الأساس، ويرغبون في صنع عدسات شمسية بنفس مقاس نظرهم الطبي». وقال «في تلك الحالة لماذا يشتري الزبون نظارة شمسية أصلية ثم يقوم بتغيير عدساتها الغالية بأخرى مصنعة لتلائم نظره الطبي، فقيمة النظارة تكمن في العدسة».

وأوضح هادي «من يقول إن تلك العدسات مضرة مخطئ، لأن تلك العدسات نستوردها من الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتكون ذات مواصفات معينة لا يمكن غشها».

أما إبراهيم عبد الله صاحب ورشة لتصنيع العدسات الطبية والشمسية فقال «لا أعمل في العدسات المغشوشة، وكل ما أعمل به هو عدسات مستوردة ومصنعة بمواد متعارف عليها عالميا».

وأضاف «كنت أملك محلا أدير منه صناعتي في منطقة باب اللوق بوسط القاهرة، إلا أني نقلت نشاطي إلى شارع عبد العزيز جاويش لأنه أصبح مركزا لتلك التجارة، وبه نحو 50 محلا، ووجودي خارجه يضعني خارج المنافسة».

واعتبر عبد الله أن ورشته لا تغش حاجته، قائلا «عندما يذهب أي شخص لمحل نظارات لتصليح نظارة أو صنع عدسات، يستغرق الأمر يومين على الأقل، أما في ورشتي غالبا ما أسلم الزبون طلبه في نفس اليوم أو في خلال 24 ساعة على أقصى تقدير، بل أحيانا أصنع للزبون ما يطلبه وهو واقف أمامي».

ممدوح شلبي، موظف بمطار القاهرة، يدافع عن اختياره ذلك النوع من النظارات قائلا «عملي يتطلب أن أقف في الشمس لفترات طويلة وهو ما يضر العين خاصة في فصل الصيف، لذلك كنت في حاجة ماسة إلى نظارة شمسية، وكانت هناك مشكلة أخرى هي أن نظري ضعيف، وأحتاج لعدسات طبية من طراز خاص».

وأضاف «إذا اشتريت نظارة شمسية أصلية لن أستطيع أن أرتديها نظرا لضعف بصري، لذلك لجأت إلى النظارات المقلدة لكي أستطيع تصنيع عدسات شمسية بمواصفات طبية، فيما أن جسم النظارة نفسه (الشنبر) لا يمكن تفرقته عن الأصلي، وهو ما يؤدي الغرض».

ولكن تلك التجارة على الرغم من انتشارها فإنها تسببت في خسائر للاقتصاد المصري بلغت 3 مليارات جنيه بسبب غش العلامات التجارية لماركات النظارات، حسبما أعلن إبراهيم المغربي رئيس الشعبة العامة للبصريات بالغرفة التجارية.

وأشار المغربي إلى أنه تم ضبط 250 ألف نظارة مغشوشة تحمل علامات تجارية عالمية دخلت الأسواق بطرق غير مشروعة، منها 120 ألفا في منطقة وسط القاهرة التي تشتهر بتلك التجارة.

وحذر المغربي من دخول العدسات غير المرخصة إلى الأسواق، مشيرا إلى أن دخولها إلى مصر يتم من خلال عمليات تهريب، وقال «معظم هذه العدسات مصنعة من مواد تمت إعادة تدويرها وهي مواد محرمة دوليا ولها آثار سلبية كبيرة على من يرتديها».

ولعل انتشار تلك التجارة كان سببا في قرار وزارة الصحة المصرية بتشكيل لجنة لمراجعة الاشتراطات الخاصة وهي اللجنة التي قررت عدة شروط جديدة يجب توافرها عند استخراج تراخيص جديدة لمحال بيع النظارات، منها أن يكون طالب الترخيص مقيدا بالشعبة العامة للبصريات باتحاد الغرف التجارية، وألا تقل المسافة بين المحل المطلوب الترخيص له وأقرب محل مماثل عن 100 متر وألا تقل مساحة المحل المعد لممارسة النشاط عن 25 مترا.

وكشفت مصادر بوزارة الصحة عن أن قرار تعديل شروط منح تراخيص محلات بيع وتجارة النظارات كان سببه انتشار محلات النظارات المقلدة، كما أن الشروط الجديدة حلت محل أخرى كان عمرها 50 عاما.

وقالت المصادر إن تلك التعديلات الجديدة تأتى في إطار إعادة تنظيم منح تراخيص محلات بيع النظارات الطبية والشمسية التي كانت قد وصلت في الفترة الأخيرة إلى حد الفوضى.

الدكتور حسن فتحي أستاذ طب العيون بجامعة عين شمس حذر بشدة من استخدام تلك النظارات، مؤكدا أنها تضر العين أكثر مما لو مشى الشخص في أشعة الشمس المباشرة، وقال «عدسة النظارة الشمسية لها وظيفة معينة وهي توجيه ضوء الشمس ليسير في اتجاه معين بعيدا عن العين حتى لا يؤذيها‏، أما النظارات المقلدة فلا تؤدي هذه الوظيفة وقد تزيد من تشتت العين‏».

وأشار الدكتور فتحي إلى أن العدسات المطابقة للمواصفات الشمسية يجب أن تمنع نفاذ شعاع الضوء عند الطول الموجي الضار بالعين، كما يجب أن يكون بها طبقة عازلة للأشعة فوق البنفسجية.