6 لبنانيين وأجانب اجتازوا لبنان في 30 يوما

منهم امرأة تحضر كتابا عن «درب الجبل اللبناني»

أعضاء الفريق في استراحة («الشرق الأوسط»)
TT

ستة أشخاص، عبروا في ثلاثين يوما لبنان من شماله إلى جنوبه سيرا على الأقدام. اجتازوا 440 كيلومترا، في ظل تقلبات الطبيعة وتعرجات الدروب. فكانت رحلة من القبيات في أقصى الشمال إلى الناقورة على الحدود الجنوبية. عادوا وفي جعباتهم صور التقطوها لمناظر طبيعية ونباتات وحشرات ومعالم أثرية، وقصص جمعوها تروي مرورهم بـ75 قرية، تحدثوا إلى عدد من أهاليها فتعرفوا إلى عاداتهم وتقاليدهم، أمضوا سهرات لا تزال أصداء ضحكاتها تتردد في أذهانهم لتترك على وجوههم ابتسامات لن تبهت، لفرادة التجربة. والأهم أنهم حملوا ذكريات من «درب الجبل اللبناني» الذي أرادوا الترويج له والتوعية برياضة المشي في الطبيعة والتشجيع على السياحة البيئية.

الستة هم: عضوا جمعية «درب الجبل اللبناني» كريستان أخرس وزميله شمعون مونس، وهانا هبري التي تحضّر لكتابة قصة عن هذا الدرب يرافقها المصور النمساوي المحترف نوربرت شيللر. كذلك انضمت إلى المغامرة ليزلوت سلوكجيان وهي لبنانية ـ دنماركية، فضلا عن الهولندي ويم بالفر الذي قرأ مقالا كتبه صديقه عن الدرب ونشر في إحدى الصحف الهولندية. الستة تعرف بعضهم إلى بعض قبل نحو أسبوعين من الانطلاق، باستثناء بالفر الذي وصل يوم الانطلاق. لكن السير على الدرب والمغامرة كانا كفيلين بإزالة البرودة بينهم. ولم يبق هذا الفريق وحده، إذ كان ينضم إليه، في نهايات الأسبوع، نحو 60 شخصا ليمشوا معهم جزءا من الدرب.

الدرب هو ذاك «الشريان الحيوي» كما يصفه القيمون على مشروع درب الجبل، يتراوح ارتفاعه بين 600 و2100 متر. وهذا الحد الأقصى يبلغه في منطقة اللقلوق.

لماذا يصفه القيمون بـ«الحيوي»؟ لأنه ببساطة يشكل مصدرا لاسترزاق عائلات عدة ممن يقطنون القرى الواقعة على درب الجبل. فالسائرون عليه، يستطيعون المشي أياما عدة لاكتشاف مناطق مختلفة من لبنان ويمكنهم في كل يوم أن يبيتوا في بيت من بيوت الضيافة المجهزة لتستقبل المشاة المتعبين بحفاوة، تماما كما فعل أعضاء الفريق الستة الذين حلوا ضيوفا في 26 بيتا للضيافة، فضلا عن أنهم استعانوا بمرشدين محليين ليقودوا خطاهم في بعض الأماكن. ويشير كريستيان أخرس، إلى أن هناك نحو 50 دليلا أسماؤهم مدرجة على الموقع الإلكتروني للجمعية (www.lebanontrail.org). وقال في لقاء مع «الشرق الأوسط»: «عام 2007، جهزت الدرب، واجتزناه إنما على أربع مراحل أي الشمال والجنوب وجبل لبنان وجبل لبنان الشمالي. أما عام 2009، فقررنا أن نمشي الدرب في رحلة واحدة، لأننا أردنا الترويج له وتوفير التمويل من أجل ضمان صيانته والاطلاع عن قرب على أوضاعه. كنا نمشي ستة أيام لنرتاح في اليوم السابع. وعملنا على تدوين الملاحظات، متى صادفنا تعديا على الدرب الذي يشكل حزام أمان بالنسبة إلى الجرد اللبناني، ذلك أنها تمر في مناطق متوسطة الارتفاع. وإذا تمكنا من حماية الجرد من التلوث وشق الطرق وزحف الاسفلت وانقضاض الكسارات، نكون قد نجحنا في إنقاذ جبالنا من الأخطار التي تتهددها». وأوضح أن الجمعية «تفضل حصر دورها بالتوعية وتأهيل الدرب وتوفير التمويل اللازم لتجهيز مزيد من بيوت الضيافة المعدة لاستقبال المشاة المتعبين بشكل يتماشى مع متطلبات الراحة وبأسعار تناسب كل الميزانيات من جهة وتوفر مدخولا لمالكيها من أبناء القرى من جهة أخرى. فإلى الآن جهزنا 12 بيتا ونطمح إلى المزيد. كما أننا نشكل همزة الوصل بين الناس والشركات السياحية متى اقتضى الأمر، أي أننا لا ننظم رحلات مشي بل نرشد الراغبين إلى الشركات الملائمة. كذلك، استطعنا خلال الشهر الذي أمضيناه أن نجمع أكثر من 400 توقيع للعريضة التي حضرناها، تمهيدا لرفعها إلى وزارة السياحة للمطالبة بحماية الدرب». ورغم اليومين القاسيين اللذين عرفهما أعضاء الفريق حين كانوا يمرون بين افقا وحراجل بسبب قساوة الطقس وخلو المنطقة من أي ملجأ، أشار أخرس إلى أن «الأيام الثلاثين كانت حلما، إذ تمنيت ألا أعود إلى الحياة اليومية وهمومها. حتى أنني اقترحت أن نعود الدرب لنمضي 30 يوما أخرى لكننا لم نستطع لأسباب لوجستية وتمويلية، لا سيما أن كل عضو من أعضاء الفريق احتاج إلى ألفي دولار لتغطية كل النفقات».

في انتظار صدور الكتاب الذي تحضره هانا، يشدد كريستيان على أن سياحة المشي ليست مجرد رياضة، لكنها سبيل للتعرف إلى الطبيعة والتآلف معها واحترامها.