أول مصنع شيكولاته «نسائي» في السعودية

أرباحه تدعم الأسر المحتاجة.. ويسعى لمنافسة الأصناف العالمية الشهيرة

إحدى فتيات مشروع الشيكولاته تعرض نموذجا من إنتاج المصنع («الشرق الأوسط»)
TT

في خطوة غير مسبوقة على مستوى السعودية، افتتح أول مصنع نسائي لإنتاج الشيكولاته بمدينة الدمام، كأول سعودة نسائية بنكهة الشيكولاته، وهو ما يأتي بهدف فتح مجال جديد للمرأة السعودية في العمل التصنيعي، فيما ستخصص أرباح هذا المشروع لدعم الأسر المحتاجة، وهي فكرة احتضنها مركز الأربعائيات الثقافي بالدمام، حيث خصص دورا كاملا لتأسيس المصنع ومعداته من آلة معالجة الشيكولاته وغرفة للتبريد وغرفة أخرى للتغليف إلى جانب الثلاجات.

وعلى الرغم من أن عمر هذا المشروع لم يتجاوز الـ6 أشهر فقط، فإن القائمات عليه أكدن أن حجم الإقبال على «cho4co»، وهو الاسم التجاري للشيكولاته، كبير جدا، كما أوضحت لـ«الشرق الأوسط»، سارة الخثلان، المشرفة على المشروع وصاحبة مركز الأربعائيات، قائلة: «أصبحت تأتينا طلبات من خارج المنطقة، من الرياض والقصيم وأيضا من الكويت»، فيما أشارت إلى سعيهن لمنافسة ماركات الشيكولاته الشهيرة كـ«باتشي»، مبدية ثقتها من تحقق ذلك قريبا.

وعن مصدر الفكرة، أوضحت الخثلان أنها كانت منذ سنوات تحرص عند سفرها لفرنسا على زيارة مصانع الشيكولاته وعندما وجدت إمكانية التصنيع اليدوي لأجود أنواع الشيكولاته استقرت الفكرة لديها حتى تمكنت من تحويلها إلى واقع، وأردفت أن المشروع يتسق مع هدف مركزها في «ترسيخ ثقافة العمل»، وهو ما يأتي من باب تأهيل ودعم عمل المرأة، في الوقت الذي تفصح فيه أحدث إحصائية رسمية عن أن نسبة البطالة بين السعوديات وصلت لنحو 27 في المائة.

وتصف الخثلان مراحل العمل في المشروع، قائلة: «استوردنا المادة الخام من سويسرا، وماكينة من إيطاليا لمعالجة الشيكولاته، ثم يأتي دور الفتيات في اختيار الحشوات ووضعها وتغليفها»، مفصحة عن تمكنهن من إعداد أكثر من 20 صنفا من حشو الشيكولاته، وأشارت لوجود 4 عاملات سعوديات تم تدريبهن وتأهيلهن لذلك، موضحة أنها جلبت نماذج وعينات للشيكولاته من فرنسا وطلبت من الفتيات العاملات تذوقها بهدوء حتى يكتشفن النكهة بأنفسهن.

ومن بين العاملات في تصنيع الشيكولاته، أوضحت فاطمة الهليل أن الفكرة استهوتها أولا من باب الهواية ثم تحمست لها لاحقا، وعن كيفية تمكنها من مراحل العمل تقول: «في البداية كان ذلك صعبا، لكن مع التعلم والتدريب اختلف الأمر»، وأوضحت أنها تقوم بالعمل على الشيكولاته الخام من خلال اختيار النكهات ووضع الحشو، الذي يضم التوت، والبندق، والكراميل، والمكسرات، وبعض الحشوات الخاصة. وبسؤالها عن معدل إنتاجها، قالت «18 أو 20 كيلوغراما باليوم».

من جانبها، أفصحت الدكتورة إقبال خضر، وهي متطوعة ساهمت في دعم المشروع، عن الخطة التسويقية لترويج إنتاجهن من الشيكولاته، مؤكدة أنها بدأت من شبكة داخلية تضم المنتسبات للمركز ومعارفهن حتى وصلت شيكولاته «cho4co» لاحقا إلى المرافق وقطاعات الأعمال المجاورة. وعن معدل الإنتاج الأسبوعي من الشيكولاته تقول: «40 أو 50 كيلوغراما إذا كانت هناك طلبات، لكن إذا لم تكن لدينا طلبات، فإننا نحاول أن لا نستهلك المواد الخام».

وبينما لا يزال تحضير طلبيات الشيكولاته يتم هاتفيا بالتنسيق المسبق، كشفت خضر عن الاستعداد لافتتاح محل خاص بعرض وبيع الشيكولاته، لن يقتصر على النساء فقط، بل سيتاح للرجال أيضا دخوله والشراء خلاله، بحيث يتم التصنيع داخليا والبيع خارجيا عبر المحل الذي لا يزال في طور الانتهاء من الديكور، واصفة هذه الخطوة بأنها «ستفتح وجهة خارجية للمشروع»، وأضافت «نحن نركز على مستوى النكهة حتى ننافس الماركات المعروفة للشيكولاته».

يأتي ذلك، في حين تفيد أحدث التقارير بتجاوز حجم استهلاك الشيكولاته في السوق السعودية حدود الـ500 مليون ريال سنويا، من إجمالي سوق الحلويات البالغ أكثر من ملياري ريال، وتقدر إحصاءات نسبة استهلاك الفرد الواحد في السعودية من الشيكولاته سنويا بنحو 2.7 كيلوغرام، وتتزايد هذه الحصة بتزايد الطلب على الشيكولاته في موسم الأعراس والأعياد والمناسبات، في حين لا توجد إحصائية حديثة تقدر حجم إنتاج مصانع الشيكولاته الموجودة حاليا في السعودية.

وفي سياق متصل، كان مركز الأربعائيات الثقافي بالدمام قد استقبل أواخر الشهر الماضي الدكتورة فاطمة البلوشي، وزيرة التنمية الاجتماعية بمملكة البحرين، لمناقشة نشاط الأسر المنتجة وبنك الفقراء، وأثمر اللقاء عن الاتفاق على تبادل المشروعات الاجتماعية والتجارية، حيث سيتم تأسيس مقر لبيع منتجات الأسر البحرينية في مركز الأربعائيات. في المقابل يتم إنشاء مقر لترويج وبيع منتجات العاملات في مركز الأربعائيات والأسر السعودية المنتجة في مراكز البحرين المخصصة للأسر المنتجة.

يذكر أن مركز الاربعائيات الثقافي يضم 14 موظفة ومجموعة من المتطوعات، وتتركز رسالته على إعانة الفتيات ونساء الأسر المحتاجة كافة في المنطقة، عبر جميع أوجه النشاطات التأهيلية والتدريبية والعمل والخدمات الاجتماعية، ويضم المركز أقساما كثيرة، منها: قسم الحرف اليدوية الذي يتم من خلاله الرسم على الـ«تي شرتات» والكتابة على الزجاجيات، والإبداعات الحرفية، وقسم الخياطة الذي ينتج كثيرا من الأزياء للأطفال وأعمال الكروشيه، وقسم الطبخ، وقسم التغليف، إلى جانب المقهى النسائي الذي يضم عددا من الكتب والمجلات الثقافية.