فرقة إيرانية تقدم عروضها البهلوانية من السليمانية

لأول مرة في تاريخ كردستان العراق

احدى الفقرات المقدمة في السيرك
TT

لأول مرة في تاريخ إقليم كردستان العراق، وربما العراق كله، تشهد مدينة السليمانية منذ أسبوع عروضا بهلوانية مثيرة يقدمها أعضاء فرقة «السيرك العالمي» الإيرانية التي تضم مؤدين إيرانيين وهنودا وروسا وأكرادا، آثروا أن تكون السليمانية المحطة الأولى في جولتهم الاستعراضية في مدن إقليم كردستان التي من المقرر أن تستمر لعدة أشهر. فعلى الرغم من عدم الإعلان تجاريا، عبر وسائل الإعلام المحلية، عن وجود هذه الفرقة الاستعراضية في الإقليم، وعلى الرغم من غلاء أسعار بطاقات الدخول المحددة (25 ألف دينار عراقي، أي ما يعادل 20 دولارا) فإن المئات من أهالي السليمانية يتوافدون في الساعة الثامنة من كل مساء على الخيمة العملاقة التي يقدم تحتها أعضاء الفريق عروضهم البهلوانية الانفرادية والجماعية، إضافة إلى عروض مع الحيوانات المفترسة والأليفة ومنها الأسود والدببة والذئاب والقردة، وغيرها، علاوة على ألعاب الخفة والألعاب السحرية التي استقطبت اهتمام الزوار. والواضح أن هؤلاء وجدوا ضالتهم في عروض السيرك التي عوضتهم عن غياب دور السينما التي انقرضت تماما منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي في السليمانية، حيث كانت معظم العائلات الراقية فيها حريصة على مشاهدة الأفلام الحديثة عبر الشاشة الفضية العملاقة كل أسبوع تقريبا.

عبد اللطيف محمد، رئيس فرقة «السيرك العالمي» ومالكها والمشرف على نشاطاتها، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه ولج عالم السيرك منذ أربع سنوات انطلاقا من عشقه لألعاب السيرك وولعه الكبير بها منذ صباه، وأضاف محمد (38 سنة) ـ وهو كردي من أهالي بلدة بنجوين بمحافظة السليمانية لكنه يقيم في مدينة سقز الكردية في إيران ـ «لقد كونت هذه الفرقة بعد جهد جهيد، وبحثت طويلا عن هؤلاء الأبطال في كل من إيران والهند وروسيا، وأخيرا أفلحت في إقناعهم بالعمل معي ضمن الفرقة لقاء مبالغ كبيرة تتراوح بين 5 و10 آلاف دولار أميركي لكل واحد منهم شهريا». وعن الخيمة العملاقة التي نصبها في ساحة شهيرة بوسط السليمانية قال محمد «إنها خيمة إيطالية الصنع، ولقد استأجرتها من إحدى الشركات بعد دفع تأمينات (ضمان) بقيمة مليون دولار. العائدات المتأتية من عروضنا الليلية في السليمانية حتى الآن لا تسد أدنى نفقاتنا، أي أننا نخسر باستمرار».

من ناحية ثانية، ذكر محمد أن فريقه الحالي مؤلف من 24 فردا من الإيرانيين والهنود والروس، يقدمون ألعاب خفة (سحرية) وألعابا بهلوانية (أكروبات) بجانب ألعاب أخرى منها ما تخصص فيه أربعة أشقاء إيرانيون يعرفون بأبناء محمد زادة، وهم التوأمان كمال وجمال، وجواد أكبر الأشقاء ورئيس الفرقة، والأخ الأصغر. وتابع «سنواصل تقديم عروضنا في السليمانية طوال شهر رمضان المبارك وأيام العيد السعيد، ومن ثم ننتقل إلى مدينة أربيل وبعدها إلى مدينة دهوك».

المؤدي الهندي المسلم نظام الدين مدني (41 سنة) الذي أدهش الحضور بعروضه البهلوانية وهو يمتطي دراجته النارية، التي كان يتسلق بها كرة ضخمة على المسرح مصنوعة من الحديد المشبك، ويقفز بها على الموانع، ويسير على جسور رفيعة جدا بمنتهى البساطة والخفة، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه عمل في السيرك منذ 20 سنة وقدم عروضا في معظم دول الخليج العربية، خصوصا في المملكة العربية السعودية مع شقيق له يعمل في المجال ذاته، وأردف بلغة إنجليزية ركيكة «كذلك قدمت عروضا في روسيا وإيران والكثير من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، لكنني أرغب في البقاء في كردستان». أما محمد محمدي فيروزي (42 سنة) ـ وهو من أهالي محافظة مازندران بشمال إيران ويعمل مروضا للأسود والحيوانات المفترسة في الفرقة ـ فقال إنه يعمل في السيرك منذ 30 سنة، وإنه ورث هذه المهنة عن آبائه وأجداده. وتابع «قدمت عروضا للحيوانات المفترسة كالأسود والنمور والذئاب والدببة في كل المحافظات والمدن الإيرانية، وتعرضت غير مرة لهجمات من تلك الحيوانات التي قضمت أجزاء من جسدي».. ونزع فيروزي قميصه لتأكيد صحة ما يقوله، فبانت على خاصرته وظهره وصدره وزنديه آثار عضات أنياب كبيرة وجروح بطول نحو شبر واحد قال إنها ناجمة عن حيوانات مفترسة. ثم أضاف «ذات مرة وبينما كنت أقدم عرضا في طهران مع أسد مروض، هاجمني الأسد فجأة على المسرح وغرس أنيابه الشبيهة بالخناجر في زندي وكاد يقتلني، لولا مبادرة زملائي إلى طعنه بالحراب حتى أنقذوني من فكيه».

وعن أسباب غياب دور العنصر النسائي عن فرقة السيرك الإيرانية، قال فيروزي «انخراط النساء في عالم السيرك ممنوع في إيران، لكن رئيس الفرقة ينوي ضم عناصر نسائية إلى الفرقة إبان فترة عملها في كردستان». وعن طبيعة العروض التي تقدمها الفرقة علقت المشاهدة هيشو شوان (28 سنة) بالقول «إنها عروض مسلية جدا، خصوصا الألعاب السحرية التي قدمها آغا سجادي. لقد أمتعتنا كثيرا، ولكن المشاهد بحاجة إلى المزيد، لا سيما عروض الحيوانات المفترسة والضخمة مثل الفيلة، فأهالي السليمانية متشوقون لمثل هذه الألعاب التي لم يشاهدوها قبلا إلا عبر شاشات التلفاز».