مكتب زواج في كردستان يوقف جهود الأقارب في البحث.. وآلاف يقصدونه

مديره لـ «الشرق الأوسط» : نجمع البعض عبر الإنترنت.. ولا نقدم خدماتنا للرجال المتزوجين

TT

لم يعد الشباب في إقليم كردستان بل والعراق برمته بحاجة إلى اشبينات، أو أفراد أسرهم أو أقاربهم أو أصدقائهم، في جهود البحث عن شريك الحياة المناسب للزواج وتكوين الأسرة، لأن مكتبا لخدمات الزواج هو الوحيد من نوعه في إقليم كردستان والعراق، صار يتولى القيام بهذه المهمة الاجتماعية الجسيمة عوضا عن الأقارب والاشبينات اللائي يتقاضين في الغالب مبالغ باهظة من كلا الطرفين، خصوصا إذا كانا ثريين أو كبيرين في السن.

فليس على الراغبين في الزواج بإقليم كردستان والعراق من الآن فصاعدا ممن لا يجدون في محيطهم القريب أشخاصا مناسبين سوى مراجعة مكتب «بيمان ـ العهد» في مدينة السليمانية، وملء استمارة خاصة لقاء 10 دولارات فقط، تتضمن عشرين سؤالا ينبغي الإجابة الصحيحة والحقيقية عنها كمعلومات شخصية من قبيل العمر والمهنة والحالة الزوجية والتحصيل الدراسي والهوايات وطول القامة والمستوى المعيشي، وبعض المعلومات الأخرى، وترك الاستمارة عند مدير المكتب الذي يتولى بدوره البحث والعثور على الزوج أو الزوجة المناسبة في غضون ساعات أو أيام قليلة جدا، بعد إدخال المعلومات المدونة في الاستمارات التي تتجمع لديه في جهاز الكومبيوتر الذي يقوم بعملية فرز الأشخاص المتقاربين في وجهات النظر والرغبات والمطالب من كلا الجنسين.

وعلى إثر ذلك يبادر المدير بالاتصال بهم هاتفيا، وترتيب مواعيد اللقاء الأصولي بينهم في مكتبه أو خارجه أو في مكان عام أو منزل أحد الطرفين، وبحضور أفراد من أسرهم، تاركا لهم اتخاذ القرار النهائي في مواصلة المشوار حتى بلوغ الزواج الشرعي أو الانصراف كل إلى سبيله في حال فشل الطرفين في التوصل إلى اتفاق.

والمدهش أن المكتب لا يتقاضى من الشباب الراغبين في الزواج والذين يتممون زيجاتهم من خلاله سوى مبلغ زهيد جدا لا يستحق الذكر.

ويقول فائق حمه سور (43 عاما)، مدير مكتب «بيمان ـ العهد» إن فكرة تأسيس مكتب من هذا القبيل راودت مخيلته منذ سنوات، خصوصا وهو مولع بهذا العمل، وساهم في إتمام زيجات الكثير من زملائه وزميلاته أيام الدراسة الجامعية انطلاقا من إيمانه العميق بأن التوفيق بين رأسين في الحلال فعل له الكثير من الثواب عند الله.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» لقد «قررت فتح هذا المكتب مطلع شهر مارس (آذار) المنصرم انطلاقا من شغفي الكبير بممارسة العمل الخير وخدمة الشريحة الشبابية التي أثقلت أعباء الحياة كاهلها بشكل مخيف، ولله الحمد نجحت حتى الآن في الجمع الحلال أي الزواج الشرعي بين ستة أزواج في غضون الأشهر الخمسة الماضية من عمر المكتب، من بينها حالة زواج شرعي بين رجل كردي مسن من السليمانية بامرأة مغربية جمعنا بينهما عبر الإنترنت وحصل النصيب».

وأوضح سور، وهو رجل متدين ومشهود له بالخلق الرفيع والسمعة الحسنة ويعمل مدرسا للغة العربية في إحدى مدارس السليمانية، أنه يمتنع عن منح الرجال المتزوجين استمارات الزواج، لأن الغاية من عمله كما يقول هي تكوين الأسر وفقا للشرع والقانون، لا المساهمة في تفكيكها، ولكنه مستعد لتقديم المساعدة للرجال الراغبين في الزواج طبقا للحالات التي يسمح بها القانون الكردستاني، أي في حال كانت زوجاتهم عاقرات أو مريضات بمرض عضال يمنعهن من أداء الواجبات الزوجية، أو في حالات الانفصال أو وفات زوجاتهم، أو أن يصطحبوا معهم تعهدات مصدقة من القضاء تقر فيها زوجاتهم بعدم الممانعة في ارتباط أزواجهن بأخريات.

وتابع سور يقول «مكتبنا الذي هو الوكيل الوحيد لموقع زواج الشهير في الشبكة العنكبوتية على مستوى إقليم كردستان وعموم العراق، يمتنع عن أخذ الصور الشخصية من الفتيات أو الشباب ومن ثم إطلاع الطرفين على صور بعضهما البعض كما هو الحال في بقية المكاتب المماثلة في بلدان العالم، بل يكتفي بالمعلومات الشخصية المدرجة في الاستمارة التي نشترط على زبائن المكتب عدم ذكر أسمائهم الحقيقية، بل أسماء مستعارة تفاديا لأي حرج، ونحاول التقريب بين الطرفين الراغبين في الزواج طبقا للمعلومات المتوافرة لدينا، وبعدها ترتيب لقاءات بينهما».

وأكد حمه سور أن آلاف الشباب والفتيات وكذلك الرجال والنسوة المطلقات ومن كل أرجاء العراق، وكذلك المغتربين، ومن مختلف المستويات والتخصصات وبينهم حملة شهادات عليا ممن تترواح أعمارهم بين 18 و85 عاما، دونوا أسماءهم لدى مكتبه طلبا للزواج، وقد أفلح المكتب في التوفيق بين أزواج من مختلف مناطق إقليم كردستان والعراق وبين المقيمين في الخارج أيضا.

وعن مشروعية وقانونية عمل كهذا في مجتمع متحفظ مثل كردستان قال سور «عملنا مشروع ولا يتعارض مع القوانين المعمول بها في العراق والإقليم، وينسجم تماما وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وقد استشرت قبل فتح المكتب لجنة الفتاوى في السليمانية التابعة لوزارة الأوقاف بهذا الصدد، كما أنني أستعين بإمام مسجد في توفير خدماتنا الاجتماعية التي تشمل الشباب من كل الأديان السماوية والطوائف والمذاهب، لكننا لن نسمح بزواج شاب مسلم من فتاة غير مسلمة أو العكس عبر مكتبنا، بل كل مع بني دينه وجلدته».