سيدة تجوب القرى والهجر السعودية بحثا عن مقتنيات أثرية

أمضت 13 عاما متنقلة من قبيلة إلى قبيلة

سلوى أبو شوية تقف بجوار بعض مقتنياتها التي شاركت بها في معرض التراث في جدة («الشرق الأوسط»)
TT

تهوى السعودية سلوى أبو شوية التنقل بين قرى وهجر السعودية على الرغم من طول المسافات التي تقطعها فقط من أجل جمع القطع التراثية التي بدأت بها منذ أكثر من 13 سنة اقتنت خلالها كثيرا من المطرزات القديمة والتحف التراثية البحتة التي تميزت بها كثير من القبائل السعودية.

وتحاول سلوى أبو شوية التي خصصت في منزلها حجرة صممتها بشكل تراثي شبيه بالخيمة القديمة أن تدمج القديم بالحديث عن طريق وضع المطرزات التراثية داخل براويز حديثة في محاولة منها لنشر ذلك التراث على جدران المنزل وأركانه عوضا عن دفنه داخل الخزانة «بحسب قولها».

وتقول أبو شوية لـ«الشرق الأوسط»: «لاحظت خلال السنوات الخمس الماضية إقبال الناس على التراثيات من جميع النواحي في الأكل واللبس والديكور، وفي اعتقادي أنهم أصبحوا يشعرون بحنين للماضي بكل ما فيه»، لافتة إلى أن القرى القديمة لا تزال متمسكة حتى الآن بزيها وتراثها القديم في المناسبات المختلفة.

وأوضحت أن أكثر المواسم إقبالا على الأجواء التراثية هي شهر رمضان وفي ليلة الحنة والزواج، لا سيما أن معظم الناس باتوا يفضلون المزج بين المقتنيات القديمة وشيء من الحاضر.

وأضافت: «تتميز كثير من القرى القديمة بألوان معينة، إذ يرمز اللون الأصفر عادة إلى قرية ميسان، بينما يرمز اللون الأحمر لبني سعد، ويفضل سكان منطقة الهدا أن تكون خلفية مطرزاتهم سوداء اللون».

وتطمح سلوى أبو شوية إلى المشاركة في معارض دولية لإظهار التراث السعودي بعد مشاركتها في معارض محلية عديدة آخرها معرض «عراقة الماضي وأصالة الحاضر» الذي انطلق هذا الأسبوع في مدينة جدة بمشاركة أكثر من 500 شخصية نسائية من المهتمات بالتراث والأزياء والديكور ويستمر لمدة ثلاثة أيام متواصلة.

وعمدت سلوى إلى التعبير عن بعض مناطق السعودية بما تشتهر به كل منطقة، وذلك عبر لوحات فنية اختلفت في خاماتها في ما بين القماش والأخشاب والنحاس، إذ اختارت النخلة والتمر كرمز لمدينة القصيم إلى جانب دلة القهوة العربية التي وضعتها داخل لوحة حديثة التصميم.

ومن ضمن لوحاتها لوحة تصف الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة بخامات بسيطة دلت كل منها على صفة معينة، إذ تحمل اللوحة صورة له مغطاة بجلد النمر كرمز للشجاعة والقوة، ويرتكز أمامها سيف للعدالة محاط بالدورق والحجارة التي تميز المنطقة الغربية كونها مليئة بالجبال.

و لم تخلُ رحلة أبو شوية خلال مسيرتها في جمع التراث من بعض الصعوبات والمتاعب الممزوجة بالمتعة، خاصة أن كثيرا من القبائل ترفض التفريط في مقتنياتها، ما جعلها تجد صعوبة في إقناعهم بأهمية حصولها على قطعة تراثية لتعرضها وتشارك بها في المعارض.

وتضيف أن «المسافة التي أقطعها للحصول على مثل تلك القطع التراثية ليست بالبسيطة، إذ أستغرق في بعض الأحيان ما بين يوم إلى ثلاثة أيام متواصلة للوصول إلى قرية ما»، مشيرة إلى أنها اكتسبت من تلك الهواية كثيرا من صفات الآباء والأجداد المتضمنة حب التراث وكيفية المحافظة عليه.

وقد بدا واضحا خلال المعرض الذي احتضنته جدة حرص الجيل الجديد على البحث عن تراثه من خلال المزج بين الحاضر والماضي، وقد بدا ذلك جليا في تغليف بعض المأكولات والحلويات بالأقمشة والسلال القديمة وعرض مجموعة من الخيام التراثية التي توضح معيشة الأجداد في بيوت الشعر، غير أنهم أضافوا عليها بعض اللمسات الحديثة بهدف مواكبة العصر الحالي، وذلك بحسب ما ذكرته منال الحمادي المسؤولة عن تسويق ركن «أصالة أجدادي لبيوت الشعر»، التي قالت لـ« الشرق الأوسط» إن كثيرا من الناس يحرصون على تخصيص جزء داخل منزلهم يعكس جانبا تراثيا بحتا، أو إنشاء حجرة كاملة يطغى عليها التراث القديم، مشيرة إلى أن أسعار تلك البيوت تبدأ من ألف ريال وتتفاوت بحسب مساحتها واستيعابها.

وتؤكد الحمادي على وجود إقبال كبير من السيدات بشكل خاص على الخيمات، خاصة في التجهيز لحفلات الزفاف أو حنة العروس أو المناسبات الرمضانية التي لا تخلو من وجود الفوانيس وغيرها من الإكسسوارات المخصصة لهذا الشهر الفضيل.