أطفال لبنان يقودون السيارات في بيئة آمنة

«ريو سيتي» تقدّم للصغار فرصة تعلم قيادة السيارات

أطفال « ريو سيتي» يقودون سياراتهم في بيئة آمنة («الشرق الاوسط»)
TT

بعيدا عن المحسوبيات والرشاوى التي تتحكم في شهادات السوق الرسمية اللبنانية والتي تنعكس سلبا على تزايد نسبة حوادث السير، يحصل أطفال «Riocity» في لبنان على شهادة القيادة بجدارتهم ومن دون أي وساطات. والحصول على هذه الشهادة يخضع للشروط نفسها التي يفترض أن يخضع لها البالغون، على أمل أن يتخطوا الأخطاء التي يرتكبها من سبقوهم ويصحّحوا صورة القيادة في بلدهم. على مساحة 5000 متر مربع تفتح مدرسة «rio city» أبوابها لأطفال لبنان دون الـ18 عاما ليخطوا على طرقاتها أولى خطواتهم نحو القيادة السليمة. طرقات رئيسية وشوارع فرعية حملت أسماء محددة وصممت بأسلوب هندسي دقيق ومثلت خير نموذج للطرقات العامة لناحية الأرصفة والمفارق وتقاطع الطرقات وإشارات السير على اختلاف ألوانها وأهدافها. وكذلك للأهل مكانهم الذي خصص للجلوس على مقربة من أولادهم خلال تلقيهم دروس القيادة، في حديقة محاطة بالأشجار والزهور. الخريطة كلها مكتملة، هنا إشارة «ممنوع الوقوف» وهناك « توقّف» وعلى مفترق تلك الطريق ركزت إشارة «ممنوع الالتفاف» أو «للمشاة» وفرضت على السائق انتظار المارين للسير قدما في طريقهم قبل أن يكمل هو طريقه، وعدم السير على الأقدام إلا على الأرصفة.. أما الإشارات الضوئية فلها موقعها أيضا وستركز في مكانها في الأيام القليلة المقبلة لتكتمل صورة القيادة النهائية. المهمة ليست سهلة، فالطفل الذي قرر خوض التجربة عليه أن يكون على قدر المسؤولية ويتقيد بالنظام منذ اللحظة الأولى لبداية رحلته التعليمية في القيادة وصولا إلى الحصول على رخصة السوق. والمخالفات هنا لها عقابها أيضا، التعليم وفق الأصول يتطلب الوقوع في الخطأ ثم تخطيه في ما بعد، إلى أن يصل إلى برّ الأمان ويحمل شهادة موقعة من إدارة «rio city» تخوله القيادة ضمن بيئة آمنة في شوارع «rio city». البداية تكون شفهية مع التعرف على إشارات السير ودلالاتها وذلك وفق النظام المتبع في جمعية «yasa» اللبنانية التي تعمل للتوعية والحد من حوادث السير. أما الخطوة الثانية فهي حين يجلس الطفل إلى جانب المرشد أو الأستاذ الذي يقود السيارة للتعرف عن قرب عن أسرار القيادة، وبعد ذلك يصل إلى المرحلة الأخيرة أو التطبيقية، يجلس وراء المقود ويسير في طريقه لتبدأ المحاسبة والتقويم وفق تقيده بالنظام أو عدمه. أما المخالفة فعقابها هو إيقاف السيارة لمدة تتراوح بين دقيقتين وعشر دقائق، فمثلا عدم التقيد بإشارات الوقوف تخسر الطفل 5 دقائق من وقته، وتخطي السرعة المحددة تخسره دقيقتين وما فوق، وكذلك عدم وضع حزام الأمان يضيع 3 دقائق من وقت الطفل... إلى أن يصل إلى مرحلة متقدمة يكون قد امتلك فيها «خيوط اللعبة». وهنا القاعدة ليست عامة كما يقول مدير المشروع جورج معلوف، قد يأتي أولاد دون العشر سنوات ملمين بقواعد السير ويتعلمون بسرعة فائقة قد لا تتجاوز ساعة من الوقت وقد يأتي آخرون في سن الـ15 ويرتكبون أخطاء بسيطة ويتطلبون وقتا أطول للتعليم. ويضيف «لكن مما لا شك فيه أن الفكرة بحد ذاتها تلقى اهتمام الأهل والأولاد على حد سواء لا سيما أنها الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، مع العلم أن مقاربة الطفل لهذه الأسس في قواعد السير لا تشكل فقط نظاما لهم ليتقيدوا به في ما بعد، بل أن النتائج الايجابية لهذا المشروع صارت تظهر على أرض الواقع يوما بعد يوم من خلال وعي الأولاد إلى الأخطاء التي يرتكبها أهلهم في القيادة والعمل على تصحيحها. أما تكلفة ساعة التعليم فهي 60 ألف ليرة لبنانية أو ما يقارب 40 دولارا أميركيا». وعن سيارات «rio city» يشرح معلوف «استقدمناها من الولايات المتحدة الأميركية خصيصا لهذا الغرض عندما تقرر إنشاء المشروع بناء على أرقام حوادث السير الهائلة التي تشهدها المناطق اللبنانية في غياب نظام سير سليم، لا سيما أن عددا كبيرا من المواطنين يحصلون على رخصة قيادة مقابل 200 دولار من دون الخضوع إلى امتحان. ويضيف «اشترينا 25 سيارة ثمن كل واحدة 10 آلاف دولار، وهي نفسها التي تستخدم عادة للتنقل في الحدائق العامة الكبيرة، وأجرينا عليها بعض التعديلات لتتلاءم مع الغرض الذي استقدمت من أجله، فأضفنا إليها الإشارات الضوئية والمرايا والأبواق وحددنا سرعتها 20 كلم في الساعة، وهي تعمل ست ساعات متواصلة على الكهرباء بعد تعبئة البطاريات الخاصة بها لمدة 16 ساعة». وبعد إطلاق المشروع الذي لاقى ترحيبا من وزير الداخلية والبلديات اللبناني زياد بارود، بشكل رسمي في الشهر المقبل، سيعمل فريق «rio city» على خطة كاملة للدخول من خلالها إلى المدارس لتوعية التلاميذ وحث الإدارات على تشجيع أولاد لبنان على خوض التجربة والاستفادة من هذه الفرصة.