بطولات في الهخواء الطلق .. مطعم هندي ينافس برج العرب في دبي

تخصّص في تقديم الهامور المقلي

سمك الهامور المقلي («الشرق الاوسط»)
TT

بالرغم من كل ما تحفل به إمارة دبي من فخامة وحياة مترفة في الكثير من جنباتها وأحيائها الراقية، فإنك حتى اليوم تستطيع أن تأكل السمك الطازج بمختلف أنواعه وبكل طرق تحضيره بأقل من سبعة دولارات في احد أرقى أحياء الإمارة.. أين؟ بالقرب من فندق برج العرب أحد أفخم فنادق المنطقة والعالم.

لعل البساطة والابتعاد عن التكلف، اللذين يعتبران نادرين إن لم نقل شاذين في هذه المنطقة، هما المبعث الرئيس لفتح شهية روّاد مطعم بوقطير، الذي يتخذ من الشاطئ المحاذي لبرج العرب عنواناً ثابتاً له.

المطعم المؤلف من بناء صغير مسبق الصنع عبارة عن مطبخ يتوسطه قدران كبيران مملوءان بالزيت لقلي السمك، ويعمل فيه ثلاثة أفراد يتحركون بسرعة بغية اللحاق بالطلبات المتزايدة للزبائن. أما صالة الضيافة فليست غير طاولات وكراسي مصفوفة في الهواء الطلق، لكن نادراً ما تجد إحداها فارغة نظراً للإقبال الشديد، ولا سيما في المساء لتناول وجبة مفعمة بالطعم ومضمّخة بالبساطة ورخيصة السعر في آن معاً.. وفقاً لمن استمزجت آراؤهم من الزبائن.

يقول محمد إقبال، المشرف على الطلبات: «نحن هنا منذ خمس عشرة سنة، وظللنا في المكان لم نغيره، ونحن نشهد تزايداً كبيراً مساء كل يوم في عدد مرتادي المطعم.. من كل الجنسيات».

أما الطبق الذي يقتصر المطعم على تقديمه فهو سمك الهامور المقلي على الطريقة الهندية، بيد أن لهذا الإقبال الشديد سراً ما بالتأكيد، وقد يرتبط بالدرجة الأولى بالتوابل المستخدمة وطريقة تحضير السمك. وحسب محمد «إنها طريقة عادية لكن هناك خلطة من التوابل هي التي تضفي على طبق الهامور المقلي الطعم المميّز الذي يروق الزبائن».. لكنه ـ طبعاً ـ رفض الخوض فيها معتبراً أنها «سر المهنة».

والواقع أنه في الساحة الرملية المحيطة بالمطعم يتحول المكان كل مساء إلى ساحة للسمر تجتمع فيها العائلات من كل الجنسيات. وممن قابلتهم «الشرق الأوسط» في المطعم نيكولاس، وهو شاب بلجيكي يرافق عائلته إلى هذا المطعم بشكل دوري، ولقد قاطعته معتذراً، بينما كان وعائلته يأكلون باستمتاع واضح، بالسؤال: هل يعجبكم هذا الطعام؟ فأجاب مباشرة: «لو لم يكن يعجبني لما رأيتني هنا. إنها ليست المرة الأولى.. ثمة طعم ما في هذا السمك يشدني دائماً لتكرار التجربة».

في دبيّ، عادة، مع بداية انخفاض درجات الحرارة إيذاناً بحلول الشتاء المحبب وتحول الطقس إلى المعتدل، يميل الناس هنا إلى الجلوس في الهواء الطلق هرباً من الأجواء المكيّفة وهو أمر أشار إليه نيكولاس أيضاً في تفضيله مطعم بوقطير لدعوة زوجته وحماته للعشاء...

ومع مرور الوقت يزدحم المكان وتكثر الطلبات.. ويصبح من الصعب الحصول على مكان للجلوس. ولذا يفضل البعض أخذ الطعام إلى منازلهم. ومن الزبائن الدائمين لايدا، وهي فتاة فلبينية قالت إنها تعمل في مطعم للمأكولات البحرية وهي تأتي مرة أو مرتين في الأسبوع لتحظى بوجبة سمك طازجة لا تكلفها سوى 20 درهماً (5.5 دولار أميركي تقريباً)، مضيفة «الطعام شهي جداً ورخيص الثمن في الوقت ذاته». ويشرح محمد إقبال، فيقول: «كل شيء هنا طازج.. ونحن نراعي كل عوامل النظافة في إعداد الطعام، أما الموقع الذي يتخذه المطعم فهو موقع جد استراتيجي على شاطئ البحر مباشرة، ويحرص القيمون عليه على شراء كل الأسماك التي يجود بها البحر وتملأ شباك الصيادين على هذا الشاطئ. وبالتالي فهم يحققون هدفين: الأول، بيع السمك بسعر التكلفة من البحر إلى المستهلك وهو ما يجعله وجبة مناسبة لذوي الدخل المحدود، والثاني تقديم السمك طازجاً تماماً وهو ما شاهدته بالفعل.. فالمطعم ـ أو كما يتعارف على تسميته «كافتيريا بوقطير» ـ يفتح أبوابه لاستقبال الزبائن في السادسة مساءً بعد أن تصل كميات السمك من كل الأحجام ظهراً من البحر مباشرة ليولى الطهاة تنظيفها وإضافة التوابل الحارة إليها، ولا يمر وقت حتى تبدأ الطلبات بالتدفق على المطبخ». وتابع «ما عليك إلا أن تختار إما حجم السمكة التي تودّ أكلها أو تحديد الميزانية التي ترصدها لعشائك من 15 إلى 80 درهماً، وهذا طبعاً بعد أن تبحر في قائمة الأطعمة المتوافرة التي تنحصر في سمك الهامور المقلي بالتوابل الحارة أو بدونها حسب رغبة الزبون». شاب تونسي، اسمه محمد، هو واحد من مجموعة شبان من جنسيات مختلفة ينتظرون دورهم بوجبة من هذا السمك قال «الوجبة التي أتناولها هنا لا تتجاوز قيمتها 25 درهماً، وهذا مبلغ يتناسب مع إمكانياتي. فصحيح أننا نعيش في دبيّ وهي تقع على البحر وهي غنية بالمأكولات البحرية لكن تناول وجبة مأكولات بحرية في أي مكان أكثر من مرة في الأسبوع خارج نطاق قدرتي وهو ما يصعب فعله إلا في هذا المطعم الرائع».

أما في الداخل فترى ورشة منظمة وأسماكا مجمّعة ممزوجة بالتوابل تنتظر أن تقع عين زبون ما عليها، يتجاوز طول بعضها في بعض الأحيان الخمسين سنتيمتراً، أما سعرها وفقاً لمحمد إقبال فهو في متناول الجميع.. وحتماً كما هو ملاحظ يروق لكثرة كاثرة من المقيمين في دبيّ بهدف العمل.