المرأة تقتحم صناعة الخنجر العماني

ليلى القناص ورثت مهنة العائلة منذ العاشرة من عمرها

الخناجر أنواع متعددة من أشهرها اللزواني والباطني والزوري والسعيدي، الذي عادة ما يحتوي على كميات كبيرة من الفضة («الشرق الأوسط»)
TT

بزيّها العماني ذي اللون البنفسجي المطعم بقطع الفضة، وبين مئات الأشخاص ممن حضروا المعرض الذي انعقد على هامش ندوة المرأة العمانية في ولاية صحار بسلطنة عمان مؤخرا، اتخذت ليلى القناص، ابنة الخمسة والعشرين ربيعا ركنا تعرض من خلاله مهاراتها في صناعة الخنجر العماني، لتثبت أن تلك الحرفة لم تعد حصرا على الرجال.

ليلى ابنة ولاية الخابورة الواقعة في منطقة الباطنة، ورثت حرفة صنع الخناجر أبا عن جد، واستطاعت أن تتغلب على خطورة استخدام النار والآلات الحادة التي تدخل في صناعة الخنجر، وذلك من خلال ممارستها بشكل دائم بعد أن تعلمت ذلك من جدها، منذ أن كانت في العاشرة من عمرها، غير أنها عملت بها فعليا عند بلوغها العام العشرين.

وقالت ليلى في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أكتفي بالعمل من المنزل فقط، إذ لم أكن معروفة آنذاك، غير أنني تلقيت دعما من الدولة كي أشتهر وأثبت وجودي، وذلك من خلال مركز إنتاج يشجعنا ويجلب لنا طلبيات ننفذها بمشاركة فتيات أخريات تجمع بيننا الحرفة ذاتها».

وأشارت إلى أنها تستغرق نحو شهر ونصف الشهر لصنع قطعة واحدة بمفردها، فيما تستطيع إكمالها في غضون ثلاثة أسابيع إذا ما ساعدتها شقيقاتها الثلاث، وأضافت قمنا بتطوير الحرفة عن طريق إدخال صناعات أخرى من ضمنها المحافظ النسائية والإكسسوارات والقطع التراثية باعتبارها موروثا لا يمكن الاستغناء عنه.

طوّرن الحرفة وأدخلن عليها صناعات أخرى، مثل المحافظ النسائية والإكسسوارات والقطع التراثية التي تم التركيز عليها باعتبارها موروثا لا يمكن الاستغناء عنه يتم تصنيعه بشكل شهري، يتم التعاون مع تجار عمانيين لتوفير الخامات من الفضة والجلود. وحول كيفية صنع الخناجر أفادت أنها تمر في ثلاث مراحل رئيسية تتضمن النقش على الفضة والخياطة على الجلد، إلى جانب تركيب أجزاء الخنجر المتمثلة في القرن والنصلة والخشب والقطاعة والحزام.

وأضافت، يتم قص الجلد بحسب مقاس معين وتفصيله وتحديد الرسومات التي يرغب فيها الشخص، وذلك بواسطة القلم العادي، ومن ثم عمل الحزام بشكل مشابه أيضا ليتم تطريزه، إضافة إلى النقش على صفائح الفضة باستخدام أقلام مصنوعة من معدن الاستيل لتزيين صدر الخنجر وطوقه بدقة ومهارة والخروج بلمسات لافتة للنظر.

وبينت أن تشكيل الحلقات المثبتة لأجزاء الخنجر يأتي في المرحلة الثانية التي يتم تلحيمها بالنار، إلى جانب إدخال خيط معدني يسمى «السيم» في تلك الحلقات بأشكال مختلفة، ليتم تركيب الجزء العلوي المسمى بـ«القرن» عبر تطويقه بمسامير من الفضة وطرقها بحذر، لافتة إلى أنه يتم تغطية الجزء الخلفي بطبقة من المخمل كي تعطي الراحة أثناء ارتدائه.

وللخناجر أنواع متعددة من أشهرها اللزواني والباطني والزوري والسعيدي الذي عادة ما يحتوي على كميات كبيرة من الفضة، عدا الأنواع المحتوية على القرون المصنوعة من العاج والسيراميك والصندل بلونيها الأسود والسكري.

وبالعودة إلى ليلى القناص التي ذكرت أنها تمتلك محلا خاصا لبيع الخناجر في ولاية الخابورة تم إنشاؤه منذ نحو أربع سنوات بمشاركة أفراد عائلتها وإخوتها، مؤكدة أن هذه المهنة تتطلب حسا فنيا عاليا، لا سيما أن الأدوات المستخدمة عادة ما تحتاج إلى دقة في التعامل معها مثل المخرز لخياطة الجلد والمطارق والنار.

وتقول تختلف أسعار الخناجر باختلاف أنواعها، إذ تتراوح ما بين 400 و1000 ريال عماني، فيما يبلغ سعر الخنجر السعيدي من 700 إلى 800 ريال عماني، إلا أن الخناجر المحتوية على قرن الزراف قد تصل إلى نحو 1500 ريال عماني.

من جهته يعتبر شاكر العريمي، الخبير الإعلامي في وزارة الإعلام العمانية، أن صناعة الخناجر بأيدٍ نسائية تعد جديدة في ظل احتكار الرجال لها لفترة طويلة، لافتا إلى أن الخنجر العماني يعد رمزا من رموز الدولة.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الخنجر العماني يدل على الشجاعة كونه أحد الأسلحة البيضاء، مؤكدا أن ارتداءه في المناسبات الرسمية المتضمنة استقبال الضيوف يعطي مدلولا على احترامهم، الأمر الذي يجعل الكثير من الآباء يعوّدون أطفالهم منذ الصغر على حمله.