تونس: بورصة الأضاحي.. سوق «تتناطح» فيها الأسعار

العلوش النجدي والعلوش الغربي.. فصيلان من الخرفان لهما أكثر من معجب

TT

تنتصب كل يوم بورصة حقيقية للأسعار في ضواحي العاصمة التونسية وبقية المدن وعلى جوانب الطرقات، تصاحبها حركة غير عادية تنطلق قبل عيد الأضحى بنحو أسبوعين لتتواصل إلى حدود ليلة العيد وربما صباح يوم العيد. في تلك البورصة تتحرك الأسعار فتختلف من سوق إلى أخرى، وتتحكم في ذلك نوعية «علوش العيد» ودرجة امتلائه ولالتواء قرونه تأثير السحر على المشترين.

بعض المشترين يتفننون في الاختيار فيخبرونك عن ميزة كل نوع من أنواع العلوش التونسي.. ويذكرون العلوش النجدي أو كما يسميه التونسيون بـ«العلوش العربي» أو «البلدي»، وهو ذو أصول بربرية تونسية، وللعلوش الغربي القادم من أعالي الشمال الغربي خصوصية قد لا تجدها عند غيره من الأضاحي. وتنتشر تربية العلوش النجدي في مناطق الوسط والجنوب، وهي نوعية تتلاءم مع الأراضي السهلة لذلك نجدها خاصة في ولايات (محافظات) سيدي بوزيد وقفصة وصفاقس والمهدية والمنستير ومدنين وبن قردان تطاوين. وتمثل نوعية العلوش النجدي النسبة الغالبة من قطيع الأغنام ذلك بنحو 70%، وهي تتميز بالإلية الكبيرة وبالاكتناز باللحوم لقلة حركتها وقصر قامتها ورعيها في المناطق السهلة. أما العلوش الغربي فهو ذو قامة عالية ومتوافر في المناطق الجبلية بالشمال الغربي، وغالبا ما ترعى النباتات الطبيعية، وهو معروف بقلة شحومه وغياب الإلية، وربما يرجع ذلك إلى طبيعة التضاريس وكثرة الحركة، وهو يمثل قرابة 25% من القطيع.

والعلوش الغربي قدم إلى تونس من الجزائر والمغرب وكذلك إسبانيا.. أما العلوش الشركي فقد أخذ من كل شيء بطرف، وقد نتج عن عمليات التهجين الحاصلة في التعاضديات الفلاحية والأراضي الدولية.

يقول علي بن موسى ـ مربي أغنام بالشمال الغربي التونسي (75 سنة) ـ إن اقتراب عيد الأضحى من فصلي الصيف والربيع جعل معظم الخرفان لا تنضج بما فيه الكفاية ولا تتجاوز عمر ستة أشهر على الأقل لتصبح صالحة للاستهلاك.. ولكن السوق التونسية فيها كل أصناف الخرفان، وبإمكان الجميع اقتناء الخروف المناسب لميزانية العائلة.

أما عمر البوجبلي (22 سنة) فيرى أن الوسطاء قد أثروا بما فيه الكفاية على أسعار الخرفان، كما أن موظفين وأطباء ومحامين اتخذوا من تجارة الخرفان استثمارا قد يحققون معه ربحا وفيرا. وأضاف أن المستهلك هو الذي يفصل في نهاية المطاف، وهو وحده الذي يقرر الشراء أو الامتناع عن ذلك في انتظار هدوء الأسعار. وقال أيضا «إنني أربي خروفا منذ أشهر ولست في حاجة لاقتنائه بسعر مرتفع قبل العيد بأيام».

وقال أحمد البوجبلي ـ رب عائلة (69 سنة) ـ إن توالي المواسم والمناسبات أرهق ميزانية معظم العائلات، وهو ما اضطر الكثير منها إلى التداين لتجاوز تلك المصاريف، فالعودة المدرسية ورمضان وعيد الفطر كلها مناسبات متتالية جعلت الميزانيات العائلية تضطرب، ولكن ذلك لن يمنع العائلة التونسية من اقتناء أفضل الخرفان لهذه المناسبة الدينية العظيمة.

نقاط البيع المنظمة انطلقت في عملها منذ يوم السبت 14 نوفمبر، وقررت الإدارة التونسية أسعار البيع بـ5.600 دينار تونسي للكلغم من العلوش الحي الذي يزيد وزنه على 40 كلغم، و5.900 دينار للكلغم الواحد للوزن الذي يقل عن 40 كلغم. ويقدر عدد رؤوس الخرفان المعدة لتغطية الحاجيات الداخلية بنحو 750 ألف خروف دون احتساب قرابة 300 ألف خروف لا تزال موجودة لدى العائلات.

عبد الحميد السقلي ـ المدير العام للمجمع المهني للحوم الحمراء والألبان ـ حذر «من مغبة الانقياد المتسرع إلى ما يتداول من أسعار مرتفعة داخل الأسواق هذه الفترة والتي أسهم في تغذيتها الوسطاء».

ويشير متابعو الأسواق إلى أن أسعار علوش العد هذه السنة ستتراوح بين 350 و500 دينار تونسي (ما بين 290 و416 دولارا أميركيا)، وهي أسعار مرتفعة بالنسبة لأصحاب الأجور المحدودة قد لا تتجاوز الأجر الأدنى المحدود المقدر بنحو 250 دينارا تونسية.